لا يجادل أحد في حق منظمة العفو الدولية في متابعة المستجدات المرتبطة بأوضاع حقوق الإنسان في شتى بقاع العالم، لكن ما لا يقبله العقل أن تحرص هذه المنظمة الدولية على إقحام أنفها في قضايا لا يمكن إدراجها في مجالات اهتماماتها على كل حال، أو أن تصر على تناول قضية من القضايا من زاوية واحدة بما يخدم مصالح طرف دون الآخر. من هذا الجانب يمكن النظر للبيان المثير الذي عممته هذه المنظمة على الرأي العام الدولي في موضوع اعتقال سبعة من الأشخاص يحملون وثائق هوية مغربية أقدموا على فعل يجرمه القانون المغربي وجميع القوانين القطرية في العالم. فلقد أعربت هذه المنظمة عن قلقها إزاء اعتقال السلطات المغربية لهؤلاء الأشخاص قالت إنهم يواجهون الإدانة بتهم ملفقة، ولم يفتها أن تشير إلى أن هذا الاعتقال يأتي بعد حملات إعلامية شنتها وسائل الإعلام المغربية وعدد من الأحزاب السياسية اتهمتهم بالخيانة والعمالة في بعض الحالات. وأشارت إلى أن الاعتقال يأتي في سياق ما أسمته «تزايد التقارير التي تشير إلى تزايد مضايقة النشطاء الصحراويين». هكذا إذن تهاجم أمنستي أنترناسيونال وسائل الإعلام والأحزاب السياسية ضمنيا بما يفيد توظيفها في هذه القضية البالغة الأهمية. طبعا، من حق منظمة العفو الدولية أن تولي اهتماما خاصا للجانب الحقوقي في هذه النازلة خصوصا فيما يتعلق باحترام مساطر التحقيق وإجراء المحاكمة العادلة وإحاطتها بكافة الضمانات القانونية، وهذا ما حصل في هذه القضية حيث باشرت السلطات المختصة والاعتقال وتم الإعلان رسميا عنه وأحيلوا على قاضي التحقيق والملف الآن بيد القضاء، وماذا أكثر من ذلك؟ هل كان المسؤولون في أمنستي ينتظرون أن نستقبل هؤلاء بالورود والزغاريد؟ من حق السلطات المغربية بل من واجبها أن تباشر بتطبيق القوانين في مثل هذه الحالات التي يكون فيها الأمن القومي للمغاربة في خطر ومحل استهداف من قوة أجنبية، ولا يمكن التلويح بالورقة الحقوقية لمنعها من القيام بواجبها كاملا؛ لذلك فإن هرولة أمنستي لإصدار هذا البيان تفضح انحيازا خطيرا لطرف واحد في قضية تحظى بتقدير خاص جدا من طرف المغاربة، ولا يملك المغاربة إلا أن يستهجنوا هذا التحيز الذي يخدم أجندة سياسية صرفة في المنطقة، وعلى أساس كل هذا فإن مصداقية هذه المنظمة تزداد تراجعا وتقهقرا لدى الرأي العام الوطني. أما نحن فنرى أنه من الواجب التعامل بحزم مع الذين آثروا العمالة لجهة خارجية نوجد معها في حالة حرب، نعم، في إطار احترام كامل للقوانين ، وإعمالا لكافة الضمانات القانونية والحقوقية، وهذا ما هو حاصل لحد الآن، ولكن لا نرى جدوى في الانتباه إلى تحيز أمنستي أنترناسيونال.