إسبانيا تقلد عبد اللطيف حموشي بأرفع وسام اعترافًا بدور المغرب في مكافحة الإرهاب والتعاون الأمني    فيدرالية اليسار الديمقراطي تؤكد تمسكها بالإصلاحات الديمقراطية وترفض العودة إلى الوراء في ملف الحكم الذاتي    لجنة المالية بمجلس النواب تصادق على الجزء الأول من مشروع قانون المالية لسنة 2026    تقرير دولي: تقدم مغربي في مكافحة الجريمة المنظمة وغسل الأموال    كيوسك الأربعاء | آلاف المشاريع و26 ألف كلم من الطرق لتقليص الفوارق المجالية    تيزنيت: نقابة مفتشي التعليم تشيد بالأدوار المحورية التي تضطلع بها هيئة التفتيش و ترفض محاولات طمس الهوية المهنية للهيئة وتقزيم أدوارها ( بيان )    مجلس النواب.. لجنة المالية والتنمية الاقتصادية تصادق على الجزء الأول من مشروع قانون المالية لسنة 2026    المعهد الملكي الإسباني: المغرب يحسم معركة الصحراء سياسياً ودبلوماسيا    توقيع إعلان نوايا بين المملكة المغربية ومملكة السويد لتعزيز التعاون في مجال العدالة    تنصيب عبد العزيز زروالي عاملا على إقليم سيدي قاسم في حفل رسمي    انطلاق أشغال تهيئة غابة لاميدا بمرتيل ، للحفاظ علي المتنفس الوحيد بالمدينة    أجواء غائمة وممطرة في توقعات طقس الأربعاء    مأساة بخريبكة.. وفاة خمسة أشخاص من عائلة واحدة غرقا داخل صهريج مائي    "جيروزاليم بوست": الاعتراف الأممي بسيادة المغرب على الصحراء يُضعِف الجزائر ويعزّز مصالح إسرائيل في المنطقة    برادة يدعو الآباء والأمهات إلى مساندة المؤسسات التعليمية بالمواكبة المنزلية    الركراكي يرفع إيقاع "أسود الأطلس"    دعم المقاولات الصغرى بالمغرب .. "الباطرونا" تواكب والأبناك تقدم التمويل    مؤتمر نصرة القدس و"معا للقدس": أية قوة يتم إرسالها لغزة يجب تحديد ولايتها بواسطة مجلس الأمن بالتشاور مع الشعب الفلسطيني    الحموشي يتقلَّد أرفع وسام أمني للشخصيات الأجنبية بإسبانيا    التوقيت والقنوات الناقلة لمباراة المغرب وإيران في نهائي "الفوتسال"    مونديال أقل من 17 سنة.. المغرب يتعرف على منافسه في الدور المقبل    شراكة بين "اليونسكو" ومؤسسة "المغرب 2030" لتعزيز دور الرياضة في التربية والإدماج الاجتماعي    "لارام" تدشن أول رحلة مباشرة بين الدار البيضاء والسمارة    اتفاق مغربي سعودي لتطوير "المدينة المتوسطية" بطنجة باستثمار يفوق 250 مليون درهم    انتخابات العراق: ما الذي ينتظره العراقيون من مجلس النواب الجديد؟    هجوم انتحاري خارج محكمة في إسلام آباد يودي بحياة 12 شخصاً ويصيب 27 آخرين    ماكرون يؤكد رفض الضم والاستيطان وعباس يتعهد بإصلاحات وانتخابات قريبة    الرصاص يلعلع بأولاد تايمة ويرسل شخصا إلى المستعجلات    مديرية الأرصاد الجوية: أمطار وثلوج ورياح قوية بهذه المناطق المغربية    بنسعيد في جبة المدافع: أنا من أقنعت أحرار بالترشح للجمع بين أستاذة ومديرة    "رقصة السالسا الجالسة": الحركة المعجزة التي تساعد في تخفيف آلام الظهر    "الفتيان" يتدربون على استرجاع اللياقة    نادية فتاح تدعو إلى وضع تشغيل النساء في صلب الاستراتيجيات الاقتصادية والسياسية    التدبير‮ ‬السياسي‮ ‬للحكم الذاتي‮ ‬و‮..‬مرتكزات تحيينه‮!‬ 2/1    إصدارات مغربية جديدة في أروقة الدورة ال44 من معرض الشارقة الدولي للكتاب    قراءة تأملية في كتاب «في الفلسفة السياسية : مقالات في الدولة، فلسطين، الدين» للباحثة المغربية «نزهة بوعزة»    كأس إفريقيا للأمم لكرة القدم (المغرب 2025).. تعبئة 15 ألف متطوع استعدادا للعرس القاري    مراكش تحتفي بعودة السينما وتفتح أبوابها للأصوات الجديدة في دورة تجمع 82 فيلما من 31 دولة    حادثة سير خطيرة بالطريق السيار العرائش – سيدي اليماني    رسميًا.. المغرب يقرر منح التأشيرات الإلكترونية لجماهير كأس إفريقيا مجانا عبر تطبيق "يلا"    "ساولات أ رباب".. حبيب سلام يستعد لإطلاق أغنية جديدة تثير حماس الجمهور    انعقاد الدورة ال25 للمهرجان الوطني للمسرح بتطوان    بورصة البيضاء تبدأ التداولات بانخفاض    الحكومة تعتزم إطلاق بوابة إلكترونية لتقوية التجارة الخارجية    الكاتب ديفيد سالوي يفوز بجائزة بوكر البريطانية عن روايته "فلش"    الشاعرة والكاتبة الروائية ثريا ماجدولين، تتحدث في برنامج "مدارات " بالإذاعة الوطنية.    رونالدو يكشف أن مونديال 2026 سيكون الأخير له "حتما"    المشي اليومي يساعد على مقاومة الزهايمر (دراسة)    ألمانيا تضع النظام الجزائري أمام اختبار صعب: الإفراج عن بوعلام صنصال مقابل استمرار علاج تبون    إيران تعدم رجلًا علنا أدين بقتل طبيب    خمسة آلاف خطوة في اليوم تقلل تغيرات المخ بسبب الزهايمر    دراسة تُفنّد الربط بين "الباراسيتامول" أثناء الحمل والتوحد واضطرابات الانتباه    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاستاذة خديجة مروازي في حوار مع «الاتحاد الاشتراكي» :

اعتبرت الاستاذة خديجة مروازي ان منطلقات «الوسيط» (منظمة غير حكومية مغربية) لمناقشة تقرير هيومن رايتس واضحة، «لا تسعى لا لتبخيسه ولا لتمجيده، بل وضعه في حجمه الطبيعي، ومساءلته من زاوية مهنيته انطلاقا من مضامينه ...» ، وكانت هيومن رايتس قد نشرت قبل اسابيع تقريرا حول حقوق الانسان والحريات العامة في الصحراء وتندوف ابدت بشأنه «الوسيط» ملاحظاتها وانتقاداتها . واضافت الاستاذة مروازي في حوار مع «الاتحاد الاشتراكي» ان التقرير « لا يستجيب للمواصفات المهنية والموضوعية التي تتطلبها التقارير وخاصة حين تكون في مرتبة التقارير الدولية».
خديجة مروازي استاذة جامعية بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة ، حقوقية تحملت ولاتزال مسؤوليات قيادية في عدة منظمات حقوقية من بينها المنظمة المغربية لحقوق الانسان ، و«الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الاسان »الذي تشغل منصب كاتبته العامة ,وعضو في المكتب المسير لمركز دراسات حقوق الانسان . بالاضافة الى هذه المسؤوليات فخديجة روائية صدرت لها مؤخرا رواية تحث عنوان« سيرة الرماد».
قدم «الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان» ملاحظاته على تقرير (هيومن رايتس ووتش) بخصوص حقوق الإنسان في الصحراء وبمخيمات تندوف، هل لك أن تقدمي أبرز عناصر هذه الملاحظات والزوايا التي أطل منها الوسيط على مضامين التقرير.
فعلا قدمنا في الوسيط ملاحظاتنا على تقرير منظمة مراقبة حقوق الإنسان (هيومن رايتس ووتش)، بخصوص «أوضاع حقوق الإنسان في الصحراء الغربية وبمخيمات تندوف للاجئين»، وهو ما يندرج في صميم انشغالاتنا في الوسيط الذي حدد مهمته من خلال ثلاثة مستويات: مستوى تقييم السياسات العامة، من زاوية الديمقراطية وحقوق الإنسان، ومن جهة ثانية تقييم تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة في سياق متابعتنا لمسار العدالة الانتقالية بالمغرب، وفي مستوى ثالث التفاعل مع أفكار وقضايا وتقارير وطنية ودولية، وهو السياق الذي تندرج فيه ملاحظاتنا على تقرير هيومن رايتس ووتش .
أما بخصوص سؤالك عن العناصر التي انبنت عليها ملاحظاتنا، والزاوية التي استندنا عليها في ذلك. فهي تنطلق من الاستنتاجات التي توصل إليها التقرير، وخاصة المتعلقة بممارسة الحريات العامة، ومعايير المحاكمة العادلة والتي اتخذ منها التقرير موضوعا للرصد والمقارنة، فالتقرير قدم نماذج من المحاكمات التي سجل من خلالها انتفاء شروط المحاكمة العادلة، مستندا في ذلك إلى اعتماد محاضر الشرطة القضائية كأدلة، ورفض المحكمة طلبات المدعى عليهم بإجراء الخبرة الطبية للتحقق مما يدل على حدوث التعذيب أو غيره من الإساءات، إضافة إلى عدم الموافقة على طلبات الدفاع بدعوة شهود النفي حين يوجدون. غير أن هذا الخصاص لم يتوقف رصده في علاقة بقياس مدى الإنصاف في علاقة بمعايير المحاكمة العادلة كما هي متعارف عليها دوليا. بل سيتجاوز هذا المستوى إلى استنتاج أخر يصنف نظام العدالة بالمغرب «كنظام تمييزي» حين لا يوفر للمواطنين في الصحراء محاكمات عادلة. وهو استنتاج سيظل يحتاج إلى مستويات أخرى من البرهنة لأنه يتطلب مستوى مقارن أخر، وذلك في علاقة بكيف يمارس نظام العدالة في مناطق أخرى من المغرب. فبالرغم من المكتسبات الحاصلة على مستوى إصلاح القوانين الإجرائية ذات الصلة، على وجه الخصوص، سواء بتغييرها أو ملاءمتها، فإن الخصاص ما يزال مطروحا على هذا المستوى، كما أنه ما يزال قائما وبشكل مضاعف وبحدة على مستوى إعمال تلك القوانين. إن تظلمات مواطنين من شمال وشرق وغرب المغرب لدى المنظمات الحقوقية والمؤسسات ذات الصلة بخصوص نفس القرائن، تبقى دالة سواء من خلال غياب أحد أو بعض ضمانات المحاكمة العادلة. فاستنتاج من قبيل كون نظام العدالة بالمغرب «تمييزي» تجاه المواطنين بالصحراء، لا يستقيم إلا حين تشتغل المقارنة موضوعيا في الاتجاهين، وذلك بوصف وجرد حالات مماثلة في شمال وشرق وغرب المغرب يشتغل فيها نظام العدالة بشكل مغاير. ومقارنتها بالحالات التي تم رصدها وتتبعها وتحليلها وفق المعايير الدولية ذات الصلة، في علاقة بالصحراء.
ولكن هل كل الحالات المدرجة انتفت فيها معايير المحاكمة العادلة؟
لا بالعكس التقرير أدرج حالة أحد المواطنين من الصحراء، والتي جرت أطوار المحاكمة بشأنها خلال سنة 2008، لكن هذه الحالة تطرح إشكالا في إطار الحالات المستدل بها على انتفاء شروط المحاكمة العادلة ، في سياق «نظام عدالة غير منصف للصحراويين»، ولأن تقرير هيومن رايتس ووتش نفسه قد وقف على توفر ضمانات المحاكمة العادلة بالنسبة لهذه الحالة، فإن الاستنتاج بخصوصها انزاح من مناقشة تلك الضمانات إلى مناقشة صك الاتهام، من منطلق أن المتهم بجنحة العنف اتجاه مواطنة، هو أحد «النشطاء الصحراويين». لذلك حسب التقرير، وجب التشكيك في نوايا المتابعة، بينما كان مطلوبا الاستماع إلى الضحية كطرف مورس عليها العنف موضوع المتابعة.
وماذا عن الحريات العامة هل سجلتم نفس الشيء؟
يمكن القول أن ملاحظاتنا بالوسيط على هذا المستوى هي من طبيعة منهجية وقانونية ومعرفية.
فالتقرير قدم جردا للمضايقات المتصلة بممارسة الحق في التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات بمنطقة الصحراء بالمغرب، و بالرغم من أنه أشار إلى لجوء المتظاهرين إلى العنف خلال ممارسة حقوقهم ذات الصلة. غير أنه وهو يسوق تلك الحالات للتدليل على ما سجله من مس بالحق في التظاهر، أغفل التمايزات الحاصلة ما بين المظاهرة والتجمهر، على مستوى القانون المنظم للحريات العامة، حيث قدم بنوع من الالتباس مختلف الصيغ الاحتجاجية وكأنها من نفس الطبيعة وبذات التحديد والهدف. فمثلا يدرج الحديث عن صيغة ما لتخليد ذكرى اليوم العالمي لحقوق الإنسان بمدينة العيون يوم 10 دجنبر 2006 بتسميات عدة تصف نفس الشيء وهي: الحشد والتجمع والمظاهرة. وغير بعيد عن هذا يتحدث عن نفس الشيء بالتسميات التالية: الوقفة والتجمهر والمظاهرة.
لكن التقرير وهو يسوق كون «القانون المغربي الخاص بالتجمعات العمومية، لا يتطلب الحصول على تصريح مسبق من أجل تنظيم مظاهرة في المساحات العامة»، لا يحيل على القانون ذي الصلة كما تم تغييره وتتميمه، وصدر الأمر بتنفيذه بموجب ظهير 200- 02-1 بتاريخ 23 يوليوز2002، وهو ما عنونه المشرع ب «في المظاهرات بالطرق العمومية».
فلكي يجوز نعت المظاهرة بهذه الصفة، فلابد من توفر عناصر قانونية، وغياب أحدها حسب المشرع ينزع عن المظاهرة، الوصف والتكييف القانوني. وتتحدد تلك العناصر في التنظيم والتصريح المسبق لدى السلطة الإدارية المحلية، والمشرع حدد الهدف من التصريح كإجراء ضروري في علاقة بالترتيبات التي ينبغي اتخاذها لحفظ النظام العام، وليس للسماح أو عدم السماح بممارسة هذا الحق حين يتم في الآجال المحددة لذلك.
لن أطيل عليكم بخصوص هذه التفاصيل ، لكن أود فقط أن أذكر أن هذا النوع من الارتباك المنهجي والمعرفي يطال أيضا مسألة منع الجمعيات، ففرع المنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف بالعيون ألحق تغييرا على مستوى الاسم الأصلي للجمعية، والقانون ذي الصلة واضح، فقارئ من سياق أخر لا يقدم له التقرير هذا المعطى، وتصبح حالة المنع معزولة عن سياقها، وعن المقتضيات ذات الصلة كما هي متضمنة في الفصل 5 من قانون الجمعيات، بما مفاده أن كل تغيير يطرأ على التسيير أو الإدارة أو كل تعديل يدخل على القوانين الأساسية، وكذا إحداث مؤسسات فرعية أو تابعة أو منفصلة، يجب أن يصرح به خلال الشهر الموالي وضمن نفس الشروط.
هل يمكن القول بأن تقرير هيومن رايتس ووتش متحيز لأطروحة البوليساريو؟
أعتقد بأن منطلقاتنا في الوسيط لمناقشة تقرير هيومن رايتس واضحة، ولا تسعى لا لتبخيسه ولا لتمجيده، بل وضعه في حجمه الطبيعي، ومساءلته من زاوية مهنيته انطلاقا من مضامينه، فالتوثيق المتضمن للتجاوزات التي تطال حقوق الإنسان لا يمكن تجاهله، لكن هذا المجهود لم ينعكس على التوصيات، فعندما يتم استنتاج كون نظام العدالة بالمغرب غير منصف للمواطنين من أصل صحراوي ودون اشتغال المقارنة في الوقت ذاته في علاقة بالمعايير الدولية للمحاكمة العادلة من جهة، وفي علاقة بطبيعة نظام العدالة في باقي مناطق المغرب، تبقى التوصيات المدرجة مسقطة بشكل تعسفي. لأن الرصد الذي قدمه التقرير يتطلب توصية من قبيل التسريع بإصلاح القضاء ونظام العدالة عامة، وليس بتوسيع مهمة المينورسو في علاقة بحقوق الإنسان.
أيضا المجهود الذي تم استثماره على مستوى الرصد والتوثيق والمتابعة للحالات ذات الصلة بالحريات العامة، تنطلق من معطى التضييق على هذه الحريات، بينما ما تم رصده يتعلق بتجاوزات تتصل بتحديات جديدة، تستلزم مقاربات متجددة، لأنها تتصل بواقع توسيع هامش الحريات وليس العكس. لذلك بذل القول بأنه متحيز، يمكن القول بأنه لا يستجيب للمواصفات المهنية والموضوعية التي تتطلبها التقارير وخاصة حين تكون في مرتبة التقارير الدولية.
ما يمكن تسجيله أيضا على التقرير هو أن المقاربة المنهجية التي تبناها على مستوى الرصد بخصوص وضع حقوق الإنسان هنا في منطقة الصحراء، لم يتم احترامها في رصد نفس الوضع هناك بتندوف، لأن التقرير يتحدث عن احتجاجات واعتقالات ومحاكمات، لكننا نبقى بدون معطيات عن كل هذا، من هم المعتقلون الثلاثة عشر على خلفية أحداث 2006، وما هو صك الاتهام، وماذا يقول دفاعهم، وما هي الأحكام الصادرة في حقهم، وما رأيهم في ذلك. أعتقد أن مجموع هذه الأسئلة ظلت بدون أجوبة. وبدون أن تخضع لنفس المقاربة التي تم الاشتغال بها في منطقة الصحراء في المغرب.
يمكن كذلك أن نقف عند الكثير من الاختلالات على مستوى لغة التقرير، ولكن ليس هذا مجاله الآن.
يعد ردكم على منظمة هيومن رايتس ووتش ثاني وثيقة يصدرها الوسيط بعد تقديمكم للرأي العام تقريركم على المائة يوم على التصريح الحكومي، ما هي الانشغالات التي تستقطب اهتماماتكم وترون أنها من ضمن الأولويات؟
نعم بدأنا بمناقشة التصريح الحكومي ، ولكن بين مذكرة 100 يوم على التصريح الحكومي والتي قدمنا فيها تقييمنا لخمس سياسات عامة من زاوية الديمقراطية وحقوق الإنسان وهي التعليم والصحة والإعلام والعدل والسياسة الخارجية، قدمنا بعدها في نونبر 2008 مذكرة بخصوص «ملتمس طلب الإفراج عن طلبة العدل والإحسان»، الذين وبعد قضائهم 17 عاما وراء القضبان، لم يستفدوا من إعمال العفو بالرغم من حدوث ذلك في نوازل مماثلة، والمذكرة تبسط الحيثيات التي نستند عليها في ترافعنا من اجل إطلاق سراحهم وتمتيعهم بالعفو قياسا على حالات مشابهة. وانطلاقا من خلو سياسات العفو المباشرة في نوازل مماثلة، من سوابق استنفاذ أمد العقوبة.
أيضا وجهنا مذكرة بخصوص تتميم أو تفسير مقتضيات المادة 295 من مدونة الانتخابات، لما لاحظناه خلال الانتخابات الجزئية الأخيرة من عدم تمكين المرشحين من الوسائل السمعية البصرية الوطنية العمومية.
بموازاة ذلك نشتغل على تقييم تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة، إلى جانب تقييم السياسات العامة ذات الصلة بالتعليم والإعلام والسكن الاجتماعي والتشغيل، وبرامج أخرى هي الآن في مرحلة الإعداد.
ما هو تقييمكم للأصداء التي يخلقها عمل الوسيط لدى الأطراف الرسمية ومنظمات المجتمع المدني والهيئات السياسية وغيرها؟
سيكون من السابق لأوانه بعد سنة ونصف من الوجود تقييم ذلك، لكننا نعتز بتفاعل الفاعل السياسي والمدني مع بعض القضايا التي شكلت موضوع مذكرات الوسيط، فالسيد خالد الحريري في الفريق الاشتراكي والسيد لحسن فتح الله من اليسار الموحد، وجه كل منهما سؤالا كتابيا لوزير العدل بخصوص معرفة الأسباب التي جعلت طلبة العدل والإحسان(مجموعة 1991) لا يستفيدون من العفو بناء على الحيثيات التي تضمنتها المذكرة.
كذلك وجهت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان رسالة إلى الوزير الأول وكذلك راسلت جمعية عدالة كل من الوزير الأول ووزير العدل، ورئيس المجلس الاستشاري تدعمان المطلب الوارد في مذكرة الوسيط.
أما بالنسبة للجهات الرسمية، فكل ما نطمح إليه هو التقاط جدية مبادراتنا والتفاعل معها بما يعزز المكتسبات في مجال حقوق الإنسان والديمقراطية، لأن المغرب الذي فتح أوراشا هامة في هذا المجال لا ينبغي أن يستقر في صورة البلد الذي يضيع الفرص. سواء على مستوى بقاء تلك الأوراش معلقة بدون متابعة قادرة على التأثير على صعيد النهوض وحماية حقوق الإنسان، أو على مستوى ارتباك سياسة الدولة في التعاطي مع تداعيات قضايا الإرهاب، وقضايا التعدد الفكري والمذهبي.
يفتقد المغرب لمؤسسة وطنية للوسيط على غرار العديد من الدول، ألا ترون أن إدراج هذا المطلب في إطار الإصلاحات الدستورية والسياسية سيكون أساسيا، وهل من اتصالات بين مؤسستكم والجهات المعنية في هذا السياق؟
أعتقد أن ما يحتاجه المغرب اليوم والآن ليس هو المزيد من المؤسسات الوطنية بقدر ما يحتاج إلى تفعيل المؤسسات الموجودة، وهو ما يتطلب تقييما موضوعيا لأدائها في علاقة بالمهام والاختصاصات الموكولة إليها، وذلك من خلال إحداث آلية، نفس الآلية، لتقييم أداء هذه المؤسسات جميعها، لان هناك إحساس بأن بعض المؤسسات الوطنية قد دخلت مجال الأنشطة كأي جمعية من الجمعيات المحكومة بالراهن والمستعجل وليس بالتخطيط الإستراتيجي بما يسهم في بلورة سياسة عامة منسجمة في مجال حقوق الإنسان والديمقراطية. وسيكون في تفعيلها لأدوارها جزء من الجواب على آليات الوساطة.
مشروع الوسيط
يسعى »الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الانسان« كمنظمة غير حكومية لمراقبة السياسات العمومية، من زاوية مدى استجابتها للقضايا ذات الصلة بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وفي مقدمتها التعليم، وكذا الحقوق السياسية والمدنية، من منطلق مدى اتجاهها جميعا لبناء وتعزيز الديمقراطية وحقوق الانسان والارساء الفعلي لدولة القانون.
ويعني «الوسيط » بالتدخل لدى مختلف الفاعلين بما يمثلونه من مؤسسات، لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بتدبير الشأن العام، وبوضع وبلورة السياسات العمومية، أو بتقديم رأي استشاري بخصوصها.
ويعتمد أسلوب الاقتراح والترافع والمواكبة والمساءلة لمختلف الفاعلين، مؤسسات وطنية، مؤسسة تشريعية، مؤسسة تنفيذية، أحزاب سياسية، نقابات وجمعيات متخصصة عبر صياغة تقارير وانجاز تحقيقات ودراسات ذات صلة بالموضوعات ذات أولوية ضمن انشغالات الوسيط.
ويتكئ في انجازه لذلك على نقط ارتكاز داخل الجامعات ولها علاقة بالبحث العلمي والعمل الميداني، تشتغل كمجموعات عمل يساعدها تخصصها وتجربتها في التشخيص والتحليل وتوفير السند لمختلف القضايا ذات الصلة بالسياسات العمومية، وبقضايا الديمقراطية وحقوق الانسان.
ويتوسل الوسيط في مراقبته ومساءلته واقتراحه وترافعه لدى الجهات المعنية الصيغ التالية :
الرسالة والمذكرة والتقرير والتحقيق ومختلف الدعامات الممكنة وبناء على مدى التفاعل والتقدم الحاصل في القضايا موضوع انشغاله واشتغاله.
ويبقى الوسيط مطالبا بتحقيق التراكم والتركيب بين مختلف الصيغ في التعاطي مع القضايا المطروحة.
وبموازاة ذلك يراهن الوسيط وهو ينجز مهامه، على العمل مع الشباب في مختلف المشاريع، من أجل المساهمة في انبثاق جيل جديد من الفاعلين في المجتمع المدني، الذي ما يزال يعرف تعاقب نفس الأطر والوجوه على أجهزته وأنشطته وجمهوره، مما يجعل الملاحظ يقر وبدون تردد بأزمة المجتمع المدني وشيخوخة أطره.
وأخيرا، فإن تحقق أهداف «الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الانسان» والتأثير في السياسات العمومية ذات الصلة، من خلال ما وضعه من برامج هو وحده الكفيل بتحديد الحاجة والشكل الذي يمكن أن يستمر من خلالها بعد 5 سنوات والتي حددها إطارا زمنيا لاشتغاله بدءا من دجنبر 2007 وإلى غاية دجنبر .2008


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.