تواجه قطاعات صناعية في المغرب تحديات كبرى في المستقبل المنظور، مرتبطة أساسا بارتفاع أسعار المواد الأولية وانعدام بعضها والمنافسة الشرسة المفروضة من الخارج. ويؤكد عدد من الفاعلين الاقتصاديين ان الضرورة تقتضي اتخاذ تدابير استعجالية لمواجهة الأخطار المحدقة بالنسيج الصناعي الوطني، وفي مقدمتها ضمان توفير المواد الأولية بأسعار معقولة وتخفيض الرسوم المفروضة على المدخلات الصناعية وتشجيع المنتوج الوطني داخليا وخارجيا. وتفيد مصادر من الاتحاد العام للمقاولات بالمغرب أن هناك بعض الفروع الصناعية التي تواجه خطر الموت البطيء، منها مصبرات الطون والفاصوليا، وصناعة الحلويات والبسكويت وصناعة الأدوات المعدنية للاستعمال المنزلي وتحويل اللحوم، وغيرها... ويستفاد من المعطيات المتوفرة أن هذا الوضع يفرض على هذه الفروع الصناعية، التوجه نحو إعادة هيكلتها أو بعبارة ادق تغيير بنيتها، حيث إن هناك بعض المقاولات التي تضطر الى إغلاق أبوابها وأخرى تحاول إعادة تأهيل نفسها، في حين أن الصنف الثالث وهو الأكثر يتجه نحو القطاع غير المنظم. وتبرز المصادر المذكورة أن هناك أسبابا رئيسية تتحكم في هذا الوضع المتأزم منها المنافسة الخارجية التي تفرضها المواد المستوردة التي تباع بأثمنة منخفضة مقارنة مع أثمنة المواد المغربية، بسبب عملية التفكيك الجمركي والدخول في اتفاقيات للتبادل الحر مع عدد من الدول، وتوسيع القطاع غير المنظم وارتفاع التكلفة مدخلات الإنتاج. وعلى سبيل المثال تفيد إحصائيات قطاع التجارة والصناعة، أن اتفاق التبادل الحر مع الولاياتالمتحدةالأمريكية أدى الى إغراق السوق المغربية بواردات البسكويت التي بلغت حوالي 75% ، حيث انتقلت من حوالي أربعة آلاف طن بقيمة 46 مليون درهم سنة 2003 الى أكثر من 15 ألف و 220 طن بقيمة 175 مليون درهم سنة 2007، والأمر نفسه بالنسبة للحلويات والسكاكر الواردة من الصين حيث بدأت تتدفق على السوق المغربية مدعمة بأسعار منخفضة بنسبة 50% عن الأسعار المحلية، وهو ما يجعل المنتوج الوطني من هذه المادة يصاب بالكساد وبالتالي يدفع الوحدات التي تنتجه الى الإغلاق، ولايقتصر الأمر على هذه المنتوجات بل يتعداه الى منتوجات أخرى كمصبرات السمك، حيث تراجع انتاج بعض الأنواع المعروفة مثل «طام وكالفو» وانخفضت صادرات المغرب من هذه المصبرات الى 1927 طن خلال الموسم المنصرم مقابل 3487 طن في سنة 2006. كما أن المصبرات النباتية، وخصوصا من الفاصوليا والخيار المخلل تعرف أزمة حقيقية بسبب الخسارة التي حصدتها امام المنافسة الشرسة التي تفرضها المنتوجات المصدرة من الصين والهند، حيث تؤكد المعطيات أن هذين البلدين استحوذا على حصة المغرب في الأسواق الأوروبية ، ولم تتجاوز صادرات المغرب من الفاصوليا الخضراء 80 ألف طن خلال 2008/2007 في حين أنها كانت تتراوح مابين 400 و 500 ألف طن خلال السنوات الأخيرة.