عن آخر حلقات مطاردة زعيم تنظيم «القاعدة»، أسامة بن لادن، تطالعنا صحيفة «التايمز» بتحقيق لمراسليها، أنتوني لويد ، وزاهد حسين، جاء تحت عنوان: " اللعبة المزدوجة التي جعلت بن لادن يفلت من الشباك." يقول تحقيق «التايمز»: "إن مطاردة أسامة بن لادن هي في أحسن الأحوال عملية معقدة، وفي أسوأ الأحوال عملية تعرضت للتعويق والعرقلة من جرَّاء علاقة باكستان الغامضة مع كل من طالبان والقاعدة." وعن هذه العلاقة، التي يعود تاريخها إلى بداية ثمانينيات القرن المنصرم، عندما قامت وكالة الاستخبارات الباكسستانية بمساعدة وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية على تحويل المال والسلاح إلى بن لادن وأعضاء آخرين في حركة مقاومة المجاهدين، وكانوا يسعون لطرد القوات السوفياتية التي كانت تحتل أفغانستان. ويذكرنا التحقيق أيضا كيف أن الاستخبارات الباكستانية حاولت خلال تسعينيات القرن الماضي مواجهة النفوذ الهندي في أفغانستان من خلال دعم إسلام آباد لحركة «طالبان». فقد كان المسلحون يؤمنون الملجأ لابن لادن، الذي كان قد حوَّل اهتمامه وتركيزه إلى مهاجمة الولاياتالمتحدة. وبعد هجمات الحادي عشر من شتنبر، أبلغت الولاياتالمتحدةباكستان بوضوح وجلاء بأنه لا يوجد أمامها خيار سوى التعاون معها في "الحرب على الإرهاب". تطهير الاستخبارات وهكذا، فقد قامت واشنطن بالضغط على إسلام آباد ، وطلبت منها تطهير الاستخبارات الباكستانية من المتعاطفين مع «طالبان» و«القاعدة». لكن باكستان واصلت ممارسة لعبة مزدوجة، ومن أوجه تلك اللعبة نقلها جوا بشكل مثير للجدل، مئات، لا بل آلاف الآشخاص، ومعظمهم من العناصر الميدانية التابعة إما ل«طالبان» أو «القاعدة»، أو للاستخبارات الباكستانية، حيث تم إجلاؤهم خلال شهر نونبر عن منطقة كوندوز الواقعة شمالي أفغانستان. وفي وقت لاحق من الشهر ذاته، هرب المزيد من مقاتلي «القاعدة»، ولربما كان بن لادن من بينهم، من منطقة تورا بورا الواقعة جنوبي أفغانستان، ليتسللوا بذلك عبر الحدود إلى داخل باكستان. مكافحة الإرهاب أما في عام 2002، فقد أنشأت الاستخبارات الباكستانية ما أسمته بخلية مكافحة الإرهاب، وذلك للعمل مع الاستخبارات المركزية الأمريكية والاستخبارات الخارجية البريطانية لتصيد رموز «القاعدة »في باكستان. ومنذئذ، ساعدت إسلام آباد في أسر أو قتل المئات من قادة «القاعدة »الذي يشغلون مواقع بسيطة أو متوسطة الأهمية في التنظيم، لكن ما زال يتعين عليها حتى الآن بذل المزيد من الجهود الاستخباراتية للعثور على بن لادن أو نائبه أيمن الظواهري. ينقل التحقيق عن مسؤولين في الاستخبارات الباكستانية قولهم إنه أضحى من الصعوبة بمكان ملاحقة بن لادن بعد تلك المرحلة، وذلك لأنه توقف عن استخدام الهواتف التي تعمل بالأقمار الاصطناعية. ففي عام 2006، نجا الظواهري من الموت بأعجوبة عندما كان في منطقة باجور، إذ استهدفته طائرة أمريكية بدون طيار. ملاحقة بن لادن عن قضية ملاحقة زعيم تنظيم «القاعدة»، نقرأ في «التايمز» أيضا تقريرا لمراسلها في واشنطن، تيم ريد، جاء بعنوان : " ثماني سنوات من ملاحقة بن لادن من قبل عميل سابق ل« سي آي إي» في أراضي باكستان الوعرة." يتحدث التقرير عن آرت كيلر، وهو عميل للاستخبارات المركزية الأمريكية ، أشقر الشعر وأزرق العينين، أمضى ثماني سنوات في مطاردة أسامة بن لادن، لكن الاستخبارات الباكستانية تمنعه من الذهاب إلى جبال وزيرستان الوعرة للمساعدة بتعقب وقتل أخطر مطلوب للعدالة في العالم. وتنقل الصحيفة عن كيلر قوله: "إن الأشخاص الذين يكونون في موقع إعطاء المعلومات لم يعد بإمكانهم تمريرها بسهولة إلى أي شخص آخر."