تعلق الولاياتالمتحدة أهمية كبري علي نتائج الإنتخابات الإفغانية كأداة لإضفاء الشرعية علي حكومة كابول. لكنه تردد أن الرئيس حميد كارزاي وحلفاؤه من كبار «أسياد الحرب» خططوا قبل التصويت بشهور لتزوير التصويت وفرز النتائج. كشفت حملتان لإستطلاع الرأي ، أجريتا في الأسبوع السابق علي إنتخابات 20 أغسطس ، بتمويل أمريكي، أن كرزاي سيحصل علي نسبة تقل كثيرا عن حد 51 في المائة من الأصوات اللازم لتفادي إجراء دورة ثانية. فبين إستطلاع «غليفوم اسوشييتس» أن كرزاي سيحظي فقط بم 36 في المائة من الأصوات، فيما أشار إستطلاع «المعهد الجمهوري الدولي» إلي أنه سيحظي بنسبة 44 في المائة. لكن تردد أن كرزاي قد تأهب لمثل هذا الإحتمال علي مدى شهور طويلة قبل موعد الإنتخابات، وأنه قد أقام تحالفات سياسية مع كبار «أسياد الحرب» في أفغانستان، الذين يسيطرون علي شبكات الميليشات غير المنظمة، والعشائر والفصائل في مختلف المحافظات، بغية تزوير عملية التصويت وفرز الأصوات. فقد إختار الرئيس الأفغاني، محمد قاسم فهيم، «سيد الحرب» الطاجيكي الذي سبق وأن شغل منصب نائب الرئيس ووزير الدفاع حتي إنتخابات عام 2004، كرفيقه في الإنتخابات. ووعد سيدي الحرب الهزاره، حجي محمد محقق و كريم خليلي، بمحافظات جديدة في ولايتي غزني وواردك اللتين يسيطر عليها الهزاره إلي حد كبير، وفقا لتقرير ريتشارد أوبيل من صحيفة نيو يورك تايمز. يذكر أن النظام الإجتماعي السياسي الأفغاني هو نظام أفقي، يمكن أسياد الحرب من «تسليم» كميات هائلة من الأصوات لكرزاي بمجرد الإشارة لأتباعهم بالتصويت لصالحه، وإرغام شيوخ القبائل في بعض المحافظات ، وخاصة جنوب باشتون، علي التعاون في تنفيذ عملية تزوير التصويت والنتائج. وقد أفاد معهد معلومات الحرب والسلام أن أحد شيوخ القرى في محافظة هيرات، قد شرح نظام الضغط علي شيوخ القبائل ، مفيدا أن قائدا محليا هدده «بعواقب غير سارة» علي أهالي قريته إذا لم يصوتوا لصالح كرزاي. وفي مايو الماضي، تحققت منظمة متابعة الإنتخابات المستقلة «مؤسسة أفغانستان لإنتخابات حرة ونزيهة»، من عدة ممارسات لتسجيل الأصوات غايتها تزوير الإقتراع والنتائج. فقد تابع مراقبو المؤسسة عمليات التسجيل في 194 من أصل 400 مركزا، وتبينوا من أن حوالي 20 في المائة في الناخبين المسجلين لم يبلغوا سن الرشد بل وتقتصر أعمار بعضهم علي 12 سنة. ونظرا للتقديرات المفيدة بأن عدد بطاقات التصويت تبلغ نحو 17 مليون بطاقة، فيعني هذا أن حوالي 3,5 مليون بطاقة قد أعدت وأصدرت لأطفال. كما تحققت المؤسسة المستقلة من عملية مشبوهة لتوزيع البطاقات علي الناخبين، ولاحظ مراقبوها أنه أثناء المرحلة الثالثة للتسجيل، وزع الموظفون البطاقات علي ناخبين غير مسجلين بعد. كما شاهدوا تسليم نحو 500 بطاقة تصويت لشخص واحد. كذلك تبين أن عملية تزييف الإنتخابات تضمنت تسجيل نساء دون حضورهن، مع إكتفاء المسؤولين عن عمليات التسجيل بقوائم إسماء سلمت لهم. وأكتشفت هذه الممارسة في 99 في المائة من مراكز التسجيل في محافظة باكتيكا، و 90 في المائة من مراكز التسجيل في محافظتي زابول وخوست. ومن الملفت للنظر أن مراكز التسجيل قد أصدرت عددا من بطاقات التصويت لنساء يضاعف عدد بطاقات الرجال خاصة في محافظتي لوغتر ونوريستان، وأن عدد النساء المسجلات كناخبات ، تجاوز عدد الرجال بنسبة30 في المائة في محافظات باكتيكا وباكتيا وخوست. وفي قندهار، مثلت النساء 44 في المائة من الناخبين حسب السجلات، مما شككت النائبة البرلمانية فوزية كوفي لصحيفة «ذي إوستراليان» في صحة مثل هذه النسبة. يضاف إلي ما سبق، تم الحديث عن عمليات شراء الأصوات . وكمثال، نقلت صحيفة «ذي تايمر أوف لندن» عن أحد شيوخ القبائل في مارجا ، بمحافظة هيلمند، قوله أن سيد الحرب والمحافظ السابق ، شير محمد أخودزادا ، أشرف علي «تنظيم» الأصوات لصالح كرزاي في المحافظة، وأنه (شيخ القبيلة) وغيره من شيوخ القبائل كلفوا بشراء بطاقات التصويت من ناخبين مسجلين. وأفاد تقرير إليزابيث روبين لمجلة «نيويورك تايمز» الأمريكية ، يوم 9 أغسطس ، بأن مسؤولا عن الشرطة في قندهار، قال لها ، في يونيو الماضي، أنه «صنع» 8,000 بطاقة تصويت مزورة، باع كل منها بمبلع 20 دولار. كذلك ، صرح السفير الأمريكي السابق لدى أفغانستان، رونالد نيومان، لوكالة انتر بريس سيرفس ، أن كرزاي طبق نظام إستخدام الحبر غير القابل للمحو في بصمات الناخبين للحيلولة دون تصويتهم أكثر من مرة، لكن الحبر الذي أستخدام في إنتخابات عام 2004 لنفس الغاية، كان قابلا للغسيل والمحو. * مؤرخ وكاتب صحفي متخصص في سياسة الأمن القومي الأمريكي، ومؤلف كتاب «مخاطر الهيمنة: عدم توازن القوة والطريق إلي حرب فيتنام».