عاد القلق والتوتر ليخيما على سكان شارعي عبد المومن و مليلية بحي حسان في الرباط ، بعد القرار الذي اتخذته السلطات الولائية والمتجلي في جعل هذين الشارعين موقفا لجميع خطوط حافلات النقل الحضري المؤدية إلى مدينة سلا وباقي أحياء الرباط . فبعد أن ارتاح السكان في السابق للإجراء القاضي بتحويل موقف هذه الحافلات إلى الشارع الواقع بين مسرح محمد الخامس وحديقة حسان ، عاد المسؤولون ليقضّوا مضجع المواطنين القاطنين بالشارعين المذكورين، ويجعلوا منهما مرتعا للفوضى والضجيج والمعاناة . حيث يكتظ بشكل يومي شارع عبد المومن ، من فندق «سوفطيل « إلى مقهى «جور إي نوي « ، وشارع مليلية من مقهى «جور إي نوي» إلى شارع الحسن الثاني، بالحافلات من الساعة السادسة صباحا إلى غاية الثانية عشرة والنصف ليلا ،وتتعالى صيحات المراقبين الذين ينظمون الحافلات وتختلط مع تلك الصيحات ألفاظ نابية تصل في مرات عديدة إلى أذان الأسر القاطنة بالشارعين . وتتسبب هذه العملية الموشومة بالفوضى في الضجيج والصخب المستمر الذي يتخطى حدود المعقول و الذي يؤثر على المواطنين من الناحية الصحية والنفسية . ففي العديد من الأحيان يجد السكان أنفسهم متوترين و غالبا ما تكون الأصوات العالية والضجيج هما السببان الرئيسيان في التأثير على أعصابهم ما يؤدي بكثيرين منهم إلى حالة من الهستيريا أو ما يسمى بالانهيار العصبي وتعب الأعصاب وارتفاع في ضغط الدم الذي قد يؤدي في بعض الحالات إلى حدوث الجلطة وسكتة دماغية. وقد نظم السكان يوم الاثنين المنصرم وقفة احتجاجية بشارع عبد المومن عبروا من خلالها عن امتعاضهم من الوضع الذي باتت تعرفه الشوارع التي يقطنونها ، ورفعوا من خلالها شعارات تندد بتجاهل المسؤولين لمطالبهم الرامية إلى توفير السكينة والراحة . وذكر أحد المواطنين المحتجين أن حالته النفسية أصبحت غير مستقرة وأنه يبحث لنفسه ولأسرته عن مكان يسكن فيه غير الشقة التي أمضى فيها مدة من عمره ليست بالهينة . و أكدت مواطنة أنها تعاني وأسرتها بسبب الأضرار المادية والمعنوية والصحية التي تخلفها أدخنة الحافلات ، حيث تضطر إلى استبدال الستائرو الأفرشة في كل شهر وترميم النوافذ التي تنكسر في مرات عديدة بسبب هدير محركات الحافلات ومنبهات السيارات التي تزداد حدة كلما تسببت الحافلات في عرقلة مسيرها . وأشار مواطن آخر وهو طبيب اضطر إلى الرحيل من شارع عبد المومن إلى أن الضجيج اليومي الذي يتعرض له كل مواطن يقطن بالشارعين والذي يصل الى 90 ديسيبال (أي ما يعادل صوت حافلة كبيرة) يؤدي إلى تشنجات عصبية وأرق بنسب متفاوتة بين شخص وآخر وبحسب قدراته الجسدية والصحية ويطال كل الفئات العمرية. ومع تفاقم مشاكل النقل الحضري بالرباط وتراكم حاجيات السكان وغياب استراتيجية واضحة لمواكبة الاحتياجات وتدارك الاختلالات ، يتضح أن قطاع النقل الحضري تحول إلى أزمة توجد في صلب إشكالية تنمية العاصمة الإدارية كقطب حضري يفترض فيه التميز .