من الأمور الأكثر تداولا في الآونة الأخيرة هو عزم الحكومة على إصلاح أوضاع أسواق الجملة للخضر والفواكه وذلك في إطار المخطط العام لإصلاح قطاع التجارة الداخلية الذي تضمنه التصريح الحكومي، هذا الاصلاح الذي يمكن أن يرى النور في غضون المستقبل القريب. إن إلزامية مرور الخضر والفواكه الموجهة للبيع وللمستهلك عن طريق أسواق الجملة والحد من تأثير كثرة الوسطاء على الأسعار وتحسين شروط التخزين والتبريد وضمان سلاسة تزويد السوق بالخضر والفواكه مع الحد من الفوضى في هذا الباب علاوة على استفادة المالية العمومية من موارد مالية وجبائية مضبوطة ومعقولة، إلخ وذلك في إطار إشراف القطاع الحكومي المكلف بالتجارة على حسن سير أسواق الجملة لضمان سلامة عملية تزويد الأسواق بشكل منتظم بالخضر والفواكه وكذا ضمان سلامة الأسعار. إن التطور الديمغرافي والأوضاع السوسيواقتصادية وضرورة إصلاح البنيات الاقتصادية خاصة مع مجيء جلالة الملك محمد السادس إلى الحكم واعتماده للمخططات القطاعية العامة أو ماسُمي بالرؤى (Plans-visions)، يجعل من انتقال تسيير أسواق الجملة إلى القطاع الحكومي المكلف بالتجارة عوض الجماعات أو البلديات أمرا إيجابيا، لأن الأمر هنا من صميم إصلاح أوضاع التجارة الداخلية والبنيات الاقتصادية والأمن الغذائي الداخلي إن صح كل من التعبير والمفهوم. وإذا كان ضروريا إعطاء مثال أو أمثلة على سوء تنظيم وتسيير أسواق الجملة للخضر الفواكه والفوضى التي تعيشها فإن أحسن مثال هو مثال أكبر سوق للجملة للخضر والفواكه بالمغرب وبعاصمته الاقتصادية. فقد سبق للعدالة أن قامت بفتح ملف يهم الاختلاسات التي عرفها السوق في سنوات سابقة وقامت ببعض المتابعات وتم إصدار بعض الأحكام. إلا أن شكاية التاجر مراد كرطومي من جمعية تجار سوق الجملة التي رفعها إلى الوكيل العام للملك والتي على أساسها تم فتح تحقيق والاستماع إلى العديد من المسؤولين في السوق من طرف الضابطة القضائية، اضافة إلى العديد من التصريحات التي فاه بها مراد الكرطومي للصحافة تبين بوضوح حجم التلاعبات المالية علاوة على القيام بأعمال غير مشروعة من طرف بعض المسؤولين، وهذا موضوع على كل حال في يد القضاء الذي سيقول فيه كلمته. إن التلاعبات المالية في موضوع الجبايات المالية وتحويل الأموال خارج مالية الجماعة علاوة على عمليات الاستفادة غير المشروعة لمسؤولين محسوبين على الجماعة الحضرية للدار البيضاء منتخبين أو موظفين من أموال ناتجة عن بناء أو تحويل اواستغلال محلات أو أماكن بالسوق والتي كان من المفروض أن تستفيد منها المالية المحلية أو العامة، هذا إضافة إلى سوء التنظيم الداخلي وأرباح الوسطاء التي تساهم في الرفع من سعر الخضر والفواكه وتدفع أصحاب السلع إلى إجراء معاملاتهم التجارية خارج السوق وهو مايسبب في إرباك عملية التزود وتضييع الخزينة الجماعية والمصالح الضريبية في أموال مهمة. ومن سلبيات إشراف الجماعةالمالي والإداري على سوق الجملة عدم قدرتها وتهاونها المطلق أمام ظاهرة ا نتشار أسواق جملة غير رسمية وغير معلنة في بعض أطراف الدارالبيضاء والتي تمر منها تعاملات تجارية تقدر رقم معاملاتها الشهري أو السنوي بالملايير دون أن تستفيد الخزينة الجماعية أو المصالح الضريبية من مداخيل مستحقة، ويساهم هذا كذلك في فوضى تزويد سوق الجملة بالخضر والفواكه. وإذا كانت المسؤولية أيضا من نصيب الوزارة الوصية في التغاضي عن ذلك. وانطلاقا مما ذكر فإن إصلاح أوضاع أسواق الجملة للخضر والفواكه ومن ضمنها سوق الدارالبيضاء هي ضرورة تقتضيها مصلحة الاقتصاد الوطني لتجاوز التلاعبات المالية والفوضى في التدبير والتزود وارتفاع الأسعار.