وصف الخطاب الملكي السامي بمناسبة الذكرى العاشرة لتربع جلالته على عرش أسلافه المنعمين، الجهوية المتقدمة بالورش الاصلاحي الأساسي الكفيل بالارتقاء بالحكامة الترابية و تحقيق النقلة النوعية في مسار الديمقراطية المحلية . وأعلن جلالة الملك عن قرب تنصيب اللجنة الاستشارية للجهوية ، كما حث الحكومة على الإسراع بإعداد ميثاق للاتمركز الإداري الذي يعبد الطريق لجهوية ناجعة قادرة على تجاوز العقليات المركزية المتحجرة. وبهذه القرارات الجريئة يكون جلالة الملك قد تابع تنفيذ مسلسل الاصلاحات الاستراتيجية التي عبر عنها منذ توليه عرش البلاد و في مقدمتها ورش الجهوية التي كان جلالته قد اعتبرها في خطاب العرش سنة 2001 خيارا استراتيجيا ، وليس مجرد بناء إداري و وصفها بالصرح الديمقراطي الأساسي لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وانبثاق إدارة لا ممركزة للقرب، مسيرة من قبل نخب جهوية تعكس الخصوصيات الثقافية التي يشكل تنوعها مصدر غنى للأمة المغربية . و سبق لجلالة الملك أن وضع معالم و مرتكزات سياسة الجهوية في المغرب المبنية على ثلاثة مبادئ رئيسية وهي: الوحدة، والتوازن، والتضامن القادرة على خلق أقطاب إدارية واقتصادية متنافسة و تحقيق التنمية البشرية الحقيقية . وغير خاف على أحد أن الأسس التي تنبني عليها "الجهوية" السياسية منها والثقافية والاقتصادية والاجتماعية لا تلغي ارتباطها الجدلي بالمسار الديمقراطي الذي يقطع المغرب أشواطه بثبات وثقة، كما أنها تعبير صادق وجوهري عن أصول المواطنة الحقة و الايجابية التي أكد جلالة الملك أنها تمثل الطابع الذي يجعل الملكية بالمغرب قطب محور الثوابت الوطنية المتمثلة في ترسيخ دولة الحق والقانون، وديمقراطية المشاركة، وانتهاج الحكامة الجيدة، وسياسة القرب، وكذا بإنصاف المرأة والفئات والجهات المحرومة. ومن هذا المنظور و حتى يستطيع المغرب كسب رهان تحدي التنمية المحلية الجهوية وإنجاح هذا الورش الاصلاحي الرائد والواعد ينبغي دعمه بجهود و مبادرات تنصب في اتجاه تأهيل النخب المحلية القادرة على قيادته وخوض تحدياته وإنضاج حصيلته و اختياراته بما يترجم الإرادة الاصلاحية لجلالة الملك ويتماهى مع طموحه المتجدد والمتوهج في تبويء المغرب مكانته المستحقة في حقل الأمم الناهضة والمستقرة والنامية.