أعلن جلالة الملك محمد السادس أنه سيتولى قريبا تنصيب اللجنة الاستشارية للجهوية، التي كان جلالته قد أعلن عن إحداثها في نونبر بمناسبة الذكرى ال33 للمسيرة الخضراء. وأكد جلالة الملك، في خطاب وجهه أمس الخميس إلى الأمة بمناسبة الذكرى العاشرة لاعتلائه العرش، تصميم جلالته على الارتقاء بالحكامة الترابية من خلال «قرارنا فتح ورش إصلاحي أساسي بإقامة جهوية متقدمة، نريدها نقلة نوعية في مسار الديمقراطية المحلية». كما دعا جلالته اللجنة إلى التفكير المعمق في جعل الأقاليم الجنوبية نموذجا للجهوية المتقدمة، بما يعزز تدبيرها الديمقراطي لشؤونها المحلية، ويؤهلها لممارسة صلاحيات أوسع. وبموازاة مع ذلك، حث جلالته الحكومة على «الإسراع بإعداد ميثاق للاتمركز الإداري، إذ لا جهوية ناجعة بدونه، وذلك بما يقتضيه الأمر، من تجاوز للعقليات المركزية المتحجرة»، معتبرا جلالته الجهوية المتقدمة واللاتمركز الواسع محكا حقيقيا للمضي قدما في إصلاح وتحديث هياكل الدولة. كما دعا جلالة الملك محمد السادس إلى إقرار ميثاق اجتماعي جديد من أجل بلوغ أهداف السياسات الاجتماعية المتجددة في مناخ سليم. وشدد جلالة الملك على ضرورة تفعيل المجلس الاقتصادي والاجتماعي، كإطار مؤسسي للحوار، وكقوة اقتراحية لبلورة هذا الميثاق الاجتماعي الجديد، بما يخدم تنمية البلاد، ويمكنها من مواصلة مسارها الإصلاحي، ويجعلها قادرة على مواجهة الظرفيات الصعبة، والحفاظ على ثقة شركائها، وتعزيز جاذبية المغرب للاستثمارات والكفاءات. كما دعا جلالة الملك الحكومة إلى إعداد مشروع ميثاق وطني شامل للبيئة يستهدف الحفاظ على مجالاتها ومحمياتها ومواردها الطبيعية ضمن تنمية مستدامة. وأوضح جلالة الملك أن هذا الميثاق يتوخى كذلك صيانة المعالم الحضارية والمآثر التاريخية، باعتبار البيئة رصيدا مشتركا للأمة، ومسؤولية جماعية لأجيالها الحاضرة والمقبلة. وقال جلالة الملك إن «ارتياحنا لنتائجها (المبادرة) الأولى، لا يعادله إلا عزمنا على التصدي لما قد يعترضها من صعوبات وعوائق، لذا قررنا إعطاء دفعة جديدة وقوية لهذا الورش الدائم». وأوضح جلالة الملك أن الدفعة الجديدة للمبادرة تنطلق من توجيهات جلالته المتمثلة، أولا في توخي المزيد من النجاعة والمكتسبات، داعيا من أجل تحقيق ذلك، كافة الفاعلين عند إعداد مشاريعها، إلى مراعاة نوعيتها واستمراريتها، والتقائها مع مختلف البرامج القطاعية، ومخططات التنمية الجماعية. وشدد جلالته، ثانيا على ضرورة إخضاع مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية للتقييم والمراقبة، والأخذ بتوصيات المرصد الوطني لهذه المبادرة، ثم ثالثا، التركيز على المشاريع الصغرى، الموفرة لفرص الشغل وللدخل القار، لاسيما في هذه الظرفية الاقتصادية الصعبة. وقال جلالة الملك إنه « بفضل صواب اختياراتنا، ونجاعة برامجنا الإصلاحية، وترسيخنا للتضامن الاجتماعي والمجالي، استطاعت بلادنا أن تواجه، نسبيا، التداعيات الاقتصادية والاجتماعية، لأزمة مالية عالمية عصيبة». وأضاف جلالة الملك أن «هذه المكتسبات لا ينبغي أن تحجب عنا ما أبانت عنه هذه الأزمة غير المسبوقة، من اختلالات هيكلية، ومن مضاعفة حدة بعضها»، داعيا جلالته إلى «تعبئة جماعية لكل السلطات والفعاليات من أجل تقويمها، بما تقتضيه الظرفيات الصعبة من إرادة قوية، ومن ابتكار للحلول الشجاعة. بعيدا عن كل أشكال السلبية والانتظارية، والتدابير الترقيعية». وحث جلالته، في هذا الصدد، الحكومة على مضاعفة جهودها، ببلورة مخططات وقائية واستباقية ومقدامة للتحفيز الاقتصادي وتوفير الحماية الاجتماعية. وقال إنه «بقدر ما نحن مؤتمنون على مقدساتنا الدينية والوطنية، فإننا حريصون على التزام الجميع بثوابت اقتصادية واجتماعية، تعد من صميم الحكامة التنموية الجيدة التي يتعين التشبث بها، في جميع الأحوال، ولاسيما في مواجهة الظرفيات الدقيقة». وشدد جلالة الملك، من جهة أخرى، على أهمية الحكامة الجيدة، مؤكدا أنه «تعزيزا للمناخ الاقتصادي الملائم للاستثمار والتنمية، يتعين الالتزام بحسن تدبير الشأن العام بما ينطوي عليه من تخليق وحماية للمال العام من كل أشكال الهدر والتبذير ومحاربة لكل الممارسات الريعية والامتيازات اللامشروعة».