اعتبر الملك محمد السادس، في خطابه الذي ألقاه يوم الجمعة الماضي بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثالثة من الولاية التشريعية الثامنة، أن «الجهوية المتقدمة واللاتمركز الواسع» إلى جانب الإصلاح الجوهري للقضاء، تعتبر «المقومات الأساسية للإصلاح المؤسسي العميق المنشود»، ليؤكد الملك محمد السادس مرة أخرى ما ذهب إليه في خطاب العرش الأخير حين أشار إلى أن «الجهوية المتقدمة» هي «محك حقيقي للمضي قدما في إصلاح وتحديث هياكل الدولة». وكان الملك محمد السادس كشف في خطاب العرش الأخير. بمناسبة مرور عشر سنوات على حكمه، عن قرب «تنصيب اللجنة الاستشارية للجهوية»، والمطالبة بعرض تصور عليه لQنموذج مغربي لجهوية متقدمة، تنهض بها مجالس ديمقراطية، بما يلزم من التوزيع المتناسق للاختصاصات، بين المركز والجهات»، داعيا إلى التفكير المعمق في جعل الأقاليم الجنوبية نموذجا لهذه الجهوية المتقدمة، بما يعزز تدبيرها الديمقراطي لشؤونها المحلية، ويؤهلها لممارسة صلاحيات أوسع، مؤكدا على أنه في سياق «تصميمنا على الارتقاء بالحكامة الترابية، قررنا فتح ورش إصلاحي أساسي، بإقامة جهوية متقدمة، نريدها نقلة نوعية في مسار الديمقراطية المحلية». وكان المتتبعون قد اعتبروا خطاب عيد العرش، في 31 يوليوز الماضي، «خطوة متقدمة»، لما جاء في خطاب الاحتفال بالذكرى 32 للمسيرة الخضراء، في نونبر سنة 2007، عندما وعد الملك بإحداث نظام جهوي موسع للأقاليم الجنوبية يمكن أبناءها من إدارة شؤونهم المحلية بأنفسهم، وهو ما أثار حفيظة البوليساريو وقتها إلى جانب الجزائر، الذين اتهموا المغرب بمعاكسة مقررات المنتظم الدولي في مشكل الصحراء. وفي تصريحه ل«المساء», اعتبر عبد الرحيم منار السليمي، الباحث في القانون العام والعلوم السياسية، أن الإشارة الملكية الأخيرة، كما هو أيضا خطاب ذكرى عيد العرش الأخير، هي إشارة واضحة ودعوة صريحة إلى تجاوز مرحلة العقد السياسي المرتكز على الإصلاحات الماكرو سياسية (أي الدستورية) إلى مرحلة العقد الاجتماعي الذي يستند إلى الإصلاحات الميكروسياسية، أي ما يتعلق بالسياسات العمومية، من خلال إعادة التقطيع الترابي ونقل السلطات في إطار نظام الدولة الموحدة. وبرأي السليمي, فإن المغرب بتصميمه على الأخذ بQالمشاتل التجريبية عندما دعا الملك إلى جعل أقاليم الجنوب نموذجا لتطبيق «اللاتمركز الموسع»، قرر اتخاذ زمام المبادرة والشروع عمليا في تنفيذ مقترحه القاضي بمنح الأقاليم الجنوبية حكما ذاتيا في إطار نظام جهوي موسع، كما ظلت الجهات الرسمية تنادي بذلك منذ مدة في إطار تقديم مقترح لإيجاد تسوية لمشكل الصحراء، يضيف منار السليمي، الذي أكد أن الخطاب الملكي يؤكد مرة أخرى رغبة المغرب واستعداده للذهاب، من جانب واحد، إلى تنفيذ مخططه القاضي بمنح حكم ذاتي للأقاليم الجنوبية في إطار نظام جهوي موسع. وأجمع سياسيون في إفادتهم ل«المساء» على أن إعادة تذكير الملك في خطابه الأخير بجهوية موسعة هي دعوة صريحة إلى انخراط كافة الفاعلين على الساحة الوطنية، وخاصة منهم الأحزاب السياسية, إلى ضرورة المشاركة بفعالية في «صياغة ميثاق جماعي جديد يؤطر هذه الجهوية التي دعا إليها الملك في خطاب العرش الأخير وأعاد التذكير بها أمام نواب الأمة يوم الجمعة الماضي». وكان الملك دعا، في خطاب الذكرى العاشرة لاعتلائه العرش، في الصيف المنصرم، الحكومةَ إلى الإسراع بإعداد ميثاق للاتمركز الإداري، معتبرا أنه لا جهوية ناجعة بدونه، بما يقتضيه الأمر، من «تجاوز للعقليات المركزية المتحجرة»، يقول الملك محمد السادس، الذي اعتبر أيضا «أن الجهوية المتقدمة واللا تمركز الواسع، محك حقيقي للمضي قدما في إصلاح وتحديث هياكل الدولة»،