فيما لا زالت الرباط تنتظر ردا رسميا من الجزائر على دعوتها فتح حوار ثنائي يفضي الى تطبيع هادئ للعلاقات الثنائية المضطربة بين البلدين الجارين شرعت الجزائر في ارسال عدد من رسائل التهدئة تجاه المغرب مما يؤسس في نظر المتتبعين الى خطوات ومبادرات مستقبلية قد تعيد عقارب الزمان المغاربي الى بداية التسعينات من القرن الماضي, الفترة الذهبية في مستويات درجات التماهي والتكامل بين حكومتي البلدين الرائدين للمشروع المغاربي الكبير الذي يدشن بداية السنة المقبلة عقده التأسيسي الثالث. ففيما يشكل رسالة ودية تجاه الرباط كلف الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة وزير داخليته نورالدين بدوي لقيادة الوفد الجزائري بمؤتمر مراكش حول الهجرة الذي ألتئم أول أمس الاثنين بالمدينة الحمراء .
أهمية الخطوة الرمزية الجزائرية تتمثل في أن الجزائر كسرت قرارا سابقا لها يقضي بتقليص مستوى تمثيليتها بالأنشطة المنظمة بالمغرب الى أدنى الحدود احتجاجا على حادث القنصلية العامة للجزائر في الدارالبيضاء قبل خمس سنوات و هو الحادث المتزامن حينها مع اندلاع جولة جديدة من حلقات التوتر الاعلامي و الدبلوماسي بين البلدين الجارين مؤدية الى تجميد عمل عدد من اللجان الوزارية المشتركة التي كانت قد برمجت أجندة اجتماعاتها بعاصمتي البلدين .
التمثيل الوازن للجزائر بمؤتمر مراكش الاممي يتزامن أيضا مع تأكيد الدبلوماسي الجزائري المعروف و الشخصية السياسية المقربة من الرئيس بوتفليقة الأخضر الابراهيمي لمجلة جون أفريك أنه لا يوجد سبب للوضعية التي تشهدها حاليا العلاقات الجزائرية / المغربية، ، مشيرا إلى أنه إذا كانت هناك مبادرة من العاهل المغربي، فقد كانت هناك أيضا رسالة دافئة جدا من رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة إلى جلالة الملك محمد السادس.
الابراهيمي الذي يستشيره عادة قصر المرادية في ملفات العلاقات الدولية للجزائر من المؤكد أنه يتوفر , بحكم ارتباطاته الوثيقة مع الدوائر المسؤولة و النافذة بدول المعرب العربي , على مؤشرات و بوادر انفراج مقبل على الأقل في مسار العلاقات المغاربية و التي يعتبر محور الرباط/ الجزائر الفاعل و المؤثر الرئيسي فيها.
و ما يقوي هذه الفرضية المتفائلة هو إعلان الأمين العام لاتحاد المغرب العربي الطيب البكوش نهاية الاسبوع بتونس عن ترتيبات جارية للتحضير على مستوى مجلس وزراء خارجية الاتحاد المغاربي لتوفير شروط التئام القمة المغاربية السابعة بالمغرب خلال سنة 2019 مبرزا أن وزير خارجية المغرب ناصر بوريطة ، عبر عن موافقة المملكة المغربية استضافة أشغال القمة السابعة لاتحاد المغرب العربي بمناسبة الذكرى الثلاثين لتأسسيه.
البكوش أوضح أن مساعي الأمانة العامة للاتحاد لعقد القمة السابعة لرؤساء دول المغرب العربي، التي تأجلت منذ سنة 2007 وكان مقررا عقدها بليبيا، تأتي منسجمة مع دعوة وجهها مؤخرا جلالة الملك محمد السادس إلى الجزائر، لتأسيس لجنة مشتركة لبحث الملفات الخلافية العالقة، بما فيها الحدود المغلقة بين البلدين
يذكر أن أخر قمة لقادة الدول المغاربية الخمس تعود لسنة 1989 بتونس فيما تدفع الدول العظمى والمنتظمات الدولية والقارية نحو تسريع اندماج المجموعات الاقتصادية الاقليمية التي يعزف التكتل المغاربي نغمة نشازا ضمن السياقات والمستجدات العالمية المستجدة وتحدياتها المتسارعة.