عقد حلف شمال الأطلسي (الناتو) اجتماعا أمس بحث فيه الأزمة الجورجية الروسية وقضية ضم جورجيا وأوكرانيا إلى الحلف، وسط مؤشرات على أن هذه التحرك لن يكون متسرعا بسبب الانقسام بين أعضاء الحلف حول هذه المسألة. وكان من المنتظر أن تلتقي وزيرة الخارجية الجورجية إيكا تكيشيلاشفيلي الثلاثاء مع عدد من نظرائها في الناتو بينهم وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا في إطار اجتماع طارئ سيعقد في مقر الحلف بالعاصمة البلجيكية. وقال المتحدث باسم البعثة الجورجية لدى الأطلسي إن الوزيرة تكيشيلاشفيلي ستشارك في هذا اللقاء لكونه مخصصا لبحث النزاع العسكري بين جورجيا وروسيا. ومن المتوقع أن يجدد الحلف تضامنه مع تبليسي ووعده لجورجيا وأوكرانيا بضمهما إلى صفوفه على الرغم من الدعوات الروسية للحلف إلى اتخاذ موقف «متوازن» من هذا النزاع وعدم المضي في سياسته التوسعية نحو الشرق. من جانبه اعتبر وزير الخارجية البريطاني ديفد ميليباند في تصريح صحفي نشر الثلاثاء أنه يتعين على حلف شمال الأطلسي تأكيد التزامه بضم جورجيا وأوكرانيا إلى صفوفه. وأضاف الوزير البريطاني أنه يجب على الاتحاد الأوروبي وحلف الأطلسي وعبر قرارات الأممالمتحدة تعزيز دعمهما لكل من جورجيا وأوكرانيا بالتوازي مع توجيه رسالة واضحة لروسيا على خلفية «مغامراتها واعتدائها». وكانت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس قد أعلنت الاثنين المنصرم أن حلف الأطلسي سيجدد التأكيد على إمكانية انضمام جورجيا وأوكرانيا إليه لمنع موسكو من تحقيق «هدفها الإستراتيجي» بتسديد ضربة إلى توسيع الحلف. لكنها أشارت في الوقت نفسه إلى أن الحلف لن يسرع عملية انضمام الجمهوريتين السوفياتيتين السابقتين وأن البحث في هذه المسألة متروك لاجتماع الحلف المقرر في ديسمبرل المقبل. وحذرت رايس روسيا من تداعيات ما وصفته باللعبة الخطيرة التي تمارسها مع الولاياتالمتحدة والأطلسي مؤكدة أن الغرب سيمنع روسيا من تحقيق نصر إستراتيجي من هجومها على جورجيا. وتأتي هذه التحركات وسط تشكيك أميركي في جدية الانسحاب الروسي من الأراضي الجورجية، في الوقت الذي اعتبرت فيه فرنسا على لسان وزير خارجيتها أن مسألة الانسحاب خط أحمر لا يمكن تجاوزه. وكانت القيادة الروسية قد أعلنت الاثنين المنصرم بدء انسحابها من الأراضي الجورجية مشيرة إلى أن سحب كامل قواتها قد يستغرق عدة أيام. في هذه الأثناء أعلن عضو مجلس الشيوخ الأميركي السناتور جوزيف بيدن _الذي قام بزيارة لجورجيا قبل أيام- أن الولاياتالمتحدة ستدرس اقتراحا يهدف إلى تقديم مساعدة اقتصادية عاجلة بقيمة مليار دولار لجورجيا. واعتبر بيدن -وهو رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ وأحد المرشحين لمنصب نائب الرئيس مع باراك أوباما- أن «هذه الأموال ستساعد الشعب الجورجي على تعويض الخسائر التي لحقت باقتصاده وتوجيه رسالة واضحة بأن الولاياتالمتحدة لن تتخلى عن هذه الديمقراطية الفتية». « كما وجهت هيئات تابعة للأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية نداء الاثنين المنصرم مع أكثر من ستة ملايين دولار بشكل طارئ لمساعدة عشرات آلاف المدنيين الذين تضرروا من النزاع في جورجيا. وأوضح مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأممالمتحدة أن الأموال ستقدم لتسع وكالات دولية بينها المفوضية العليا للاجئين والصندوق من أجل الطفولة (يونيسف) وإلى 16 منظمة غير حكومية لتقديم المساعدة إلى أكثر من مائة ألف شخص نزحوا داخل حدود جورجيا خلال الأشهر الستة الماضية.