تتوفر جهة مكناس _ تافيلات مؤهلات وإمكانيات ضخمة في المجال السياحي ، تبقى دون المستوى المطلوب على مستوى الاستغلال ، حيث تظل المردودية الاقتصادية للقطاع السياحي أضعف بالمقارنة مع جهات ومناطق أخرى . وتتميز هذه الجهة بتنوع فضاءاتها الطبيعية ومواقعها الأثرية وتتوفر على أكبر عدد من المآثر المصنفة كتراث عالمي من قبل منظمة اليونسكو. وتضم عددا مهما من المدن والمراكز الحضرية التي تشكل أقطابا سياحية حقيقية مثل مكناس بمعالمها التاريخية و مدينة المولى إدريس زرهون بموقعها الجغرافي المتميز وبقربها من وليلي المدينة الرومانية المشهورة على الصعيد العالمي و مدينة إيفران بغاباتها المتفردة وبمناظرها الطبيعية الخلابة ومدينة أزرو بتراثها الأصيل ومدينة الرشيدية وأرفود والريصاني ومرزوكة المتميزة بكثبانها الرملية وواحاتها وعيونها وغابات نخيلها. إلا أن هذه الجهة ومدينة مكناس بالخصوص تشكو من ضعف بنيات الاستقبال السياحية ، وانعدام الجودة وضعف الخدمات في أغلب المطاعم و الفنادق التي تخضع في تدبيرها لمنطق العائلة ، وهو ما يؤثر بشكل كبير على نفسية السياح ويجعلهم يغيرون اتجاههم نحو مدن أخرى وفي مقدمتها فاس باعتبار عامل القرب . ويؤكد مهنيو القطاع أن جهة مكناس - تافيلات بشكل عام ومدينة مكناس بصفة خاصة تواجه تحديات كبرى في المجال السياحي تتمثل اساسا في غياب الفنادق المصنفة في خمسة نجوم ، وفي ومحدودية الوحدات الفندقية التي لا يستجيب أغلبها للمعايير الدولية، وضعف الطاقة الإيوائية التي لا تتتعدى 2450 سرير بالنسبة للفنادق المصنفة، وهو ما يجعل معظم وكالات الأسفار والمهنيين يستبعدون الاهتمام بالمدينة كوجهة سياحية ، ويفضلون التعامل معا كمحطة عبور فقط . وتشمل الطاقة الإيوائية بالجهة ، أيضا 350 سرير بالنسبة للفنادق غير المصنفة، و 230 سرير بالمخيمات المنظمة ، إضافة إلى مأوى الشباب ب 50 سريرا، ومراكز الإيواء ب 45 سرير، و دور الضيافة ب63 سريرا .. ويوضح المهنيون بالجهة أن النهوض بالسياحة الجهوية يقتضي خطة مستعجلة متعددة الأبعاد تركز على تحسين البنيات التحتية والرفع من الطاقة الإيوائية وتقوية وسائل النقل السياحي وإحداث الشرطة السياحية ومواجهة المرشدين غير القانونيين والاهتمام بالتنشيط السياحي الاحترافي الذي يستقطب السياح للمبيت بالمدينة، وتنويع المنتوج السياحي المحلي وتسويقه في الخارج بالأروقة والمعارض الدولية، وخصوصا بالنسبة لمنتوج الصناعة التقليدية التي تشتهر بها المدينة ، وتنظيم زيارات ميدانية لأفواج السياح نحو مجمع الصناعة التقليدية الذي يزخر بإبداعات مختلف الحرفيين . ويؤكد المهنيون أن مدينة مكناس على وجه الخصوص ، عرفت تحولا نوعيا خلال السنوات الأخيرة ، حيث بدأت ترتفع فيها نسبة المبيت وتحولت من محطة للعبور إلى محطة للإقامة ، وسجل القطاع السياحي بها انتعاشة كبيرة خلال بعض الفترات فاقت الأرقام المسجلة على الصعيد الوطني ، كما هو الشأن بالنسبة للنصف الأول من السنة الماضية ، حيث ارتفع الأداء بنسبة 9 في المائة مقارنة مع نفس الفترة من سنة 2006 ، بالرغم من أنها شهدت حدثا إرهابيا استهدف ساحة الهديم التي تستقبل حافلات الوفود السياحية التي تقوم بزيارة المعالم الأثرية و المتاحف والأضرحة التي تزخر بها المدينة . وتفيد المعطيات الرسمية أن القطاع السياحي بدأ يمارس تأثيرا إيجابيا في الاقتصاد الجهوي بفضل عدد من التظاهرات والمهرجانات ذات البعد الثقافي والاجتماعي والاقتصادي . وتبرز المعطيات أن هذه النتائج الإيجابية تعززت خلال سنة 2007 التي سجلت ارتفاعا في عدد السياح الوافدين والمبيتات على التوالي بنسبة 31 في المائة 23 في المائة ، علما بأن حوالي 2110 سرير تم تشغيلها بالجهة باستثمارات قدرت بحوالي 260 مليون درهم خلال الفترة الممتدة من 2004 و2007 ، وهكذا بلغ عدد السياح الوافدين على الجهة 281 ألف و198 شخص وعدد المبيتات 424 ألف و877 شخص سنة 2007 ، مقابل 214 ألف سائح و345 ألف و459 ليلة مبيت سنة 2004 . ويبرز المسؤولون أن الكثير من الشروط متوفرة لكي تكون الجهة إحدى الوجهات السياحية المهمة في المغرب ، حيث زاد الاهتمام بها ، باعتبار أنها تحتضن العديد من البرامج والمشاريع المندرجة في إطار رؤية 2010 . ويظهر الاهتمام المتزايد بالقطاع السياحي في هذه الجهة من خلال إحداث واحدة من اكبر مؤسسات التكوين بمدينة مكناس والمتمثل في المعهد المتخصص في الفندقة والسياحة الذي دشنه جلالة الملك ، خلال السنة الماضية ، والذي بلغت كلفة إنجازه حوالي 39 مليون درهم. وقد جاءت هذه المؤسسة لتعزز مختلف مؤسسات التكوين المهني وإنعاش الشغل بالجهة الوسطى الجنوبية وليواكب كذلك التنمية السياحية بها. وتقدم هذه المؤسسة التكوين ب12 شعبة بمستويات التقني المتخصص والتقني التأهيلي وكذا بالتكوينات التأهيلية. ويهم التكوين بها كافة المهن المرتبطة بالقطاع السياحي كالتنشيط والتسيير الفندقي والصيانة والتنمية السياحية والطبخ والمطعمة والخبازة والحلويات. وتتوفر المؤسسة على تجهيزات تراعي المعايير المعمول بها دوليا ، قصد تمكين المتدربين من الاستفادة من أحدث الطرق البيداغوجية والمهنية في مجال التكوين. ويؤكد المسؤولون أن هذا المعهد سيساهم بشكل كبير في أوراش تأهيل وتنمية الجهة الوسطى الجنوبية والتي تتوفر حاليا على19 مؤسسة تابعة لمكتب التكوين المهني تولت تكوين حوالي 9000 متدرب خلال الموسم الحالي ، مسجلة نسبة نمو تفوق 160 في المائة مقارنة مع موسم2002 /2003 .