شكل الحضور النسوي والدور المتميز للمرأة المغربية في الانتخابات الجماعية التي جرت يوم الجمعة الماضي سواء بوجود النساء داخل كتلة المرشحين بنسبة 16 في المائة أو بالمشاركة الفعالة والمشرفة التي اضطلعن بها على مستوى التعبئة الجماهيرية خلال مرحلة الحملة الانتخابية ويوم الاقتراع. إضافة نوعية هامة للمشهد السياسي الوطني وقفزة جبارة لمسار البناء الديمقراطي لبلادنا وإشراك المواطنة المغربية الى جانب شريكها الرجل في مجهود التنمية والتدبير الجماعي المعقلن والقريب من حاجيات واهتمامات الساكنة الحضرية والقروية. وكان حزب الاستقلال سباقا لاتخاذ قرار تبويء المرأة المغربية كفاعل أساسي في العم السياسي و الحزبي ومتدخل كامل الصفة في المهام والوظائف التمثيلية والتدبيرية. وتبوأت المناضلة الاستقلالية مكانتها الطبيعية في دواليب الحزب وتنظيماته ومارست عن جدارة واستحقاق وبكفاءة وقدرة مهامها التمثيلية سواء بهياكل الحزب أو بمختلف المهام التمثيلية النيابية والوزارية والاستشارية. واحتل الحزب الصدارة في تمثيل العنصر النسوي بالقوائم الانتخابية الجماعية الأصلية والاضافية حيث شكلن نسبة 14 في المائة من مجموع مرشحي اللائحة الاضافية متقدمين عن مختلف الهيئات السياسية الوطنية. وعلى المستوى الحكومي وتنفيذا للتوجيهات الملكية السامية في مجال ترسيخ وتقوية التمثيلية النسوية، بما يمكن من تجاوز الحضور الرمزي للمرأة في الحياة التمثيلية المحلية والوطنية، في أفق الارتقاء بمشاركتها لتصبح فعلية وملموسة ومواكبة لمكانتها الرائدة في كافة الميادين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. حرصت الحكومة، بمؤازرة من البرلمان، على توفير الظروف الملائمة لتحقيق مشاركة فعلية للنساء في إطار مقاربة منسجمة تهم الميثاق الجماعي والنظام الانتخابي المحلي، فعلى مستوى تدبير الشأن الجماعي، تم اعتماد إجراءين هامين، يتعلق الأول بإحداث لجنة استشارية لدى كل مجلس جماعي تدعى لجنة المساواة وتكافؤ الفرص، تختص بإبداء الرأي وتقديم اقتراحات في القضايا المتعلقة بالمساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع الاجتماعي، في حين يتعلق الإجراء الثاني بالتنصيص على تحديد المخطط الجماعي للتنمية وفق منهج تشاركي يأخذ بعين الاعتبار مقاربة النوع على وجه الخصوص. أما فيما يتعلق بالنظام الانتخابي، وبهدف الرفع من التمثيلية النسوية في المجالس الجماعية بكيفية مباشرة، فقد تم اعتماد إجراء تشريعي مبني على إحداث دائرة انتخابية إضافية على مستوى كل جماعة حضرية أو قروية أو مقاطعة يخصص لها عدد محدد من المقاعد. ويبلغ مجموع عدد المقاعد التي تتيحها هذه الآلية لوحدها لفائدة المرأة المغربية على مستوى المجالس الجماعية ما يفوق 3260 مقعد أب بمعدل وطني يزيد على 12% مقابل نسبة 0.56% المسجلة سنة 2003. وكان الوزير الأول الأستاذ عباس الفاسي قد وقع مقررا في 4 مارس 2009 يتعلق بتأليف وسير اللجنة المكلفة باقتراح البرامج الهادفة الى تقوية قدرات النساء التمثيلية والأنشطة المتعلقة بها والممولة كليا أو جزئيا في إطار صندوق الدعم تلاه قرار مشترك لوزير الداخلية ووزير الاقتصاد والمالية بشأن شروط وكيفيات وطريقة صرف الدعم المخصص لتقوية قدرات النساء التمثيلية. ويتعين الإشارة في هذا الباب إلى أن صندوق الدعم المخصص لتشجيع تمثيلية النساء يرتكز في عمله بالأساس على لجنة مركزية تتولى اقتراح البرامج الهادفة إلى تقوية قدرات النساء التمثيلية والأنشطة المتعلقة بها والممولة كليا أو جزئيا في إطار الصندوق المذكور. وستمكن هذه الاجراءات العملية التي تدخل في صميم اهتمامات وبرامج ومبادئ حزب الاستقلال الذي يقود الحكومة من كسب رهان تمكين المرأة المغربية من بلوغ مرحلة يتأتى لها فيها ولوج المجالس المنتخبة بشكل عادي وطبيعي يقتضي من السلطات العمومية اعتماد مقاربة استراتيجية ومتكاملة مبنية على العمل على الأمدين المتوسط والطويل، وترتكز هذه المقاربة على إقرار بنيات وآليات دائمة ومستقرة تشتغل خارج المواعيد الانتخابية وتهتم بالأساس بتقوية قدرات النساء التمثيلية وتيسير إدماجها في الحياة الانتخابية محليا ووطنيا.