خلص تقرير المركز المغربي لحقوق الإنسان بإقليم اشتوكة ايت باها، من خلال المعطيات الانتخابية التي أفرزها اقتراع 12 يونيو، إلى أن هذه الأخيرة اتسمت أساسا بنسبة مشاركة محتشمة قياسا مع انتخابات 2003، مع ملاحظة عزوف واسع للمواطنين عن صناديق الاقتراع، كما تفسر أزمة تمثيل سياسي تنطوي على فقدان الثقة في أهمية اللحظة الانتخابية وفي مختلف الفاعلين فيها وكذا مدى جدوى تأثيرها على الحياة اليومية للمواطنين، حيث أضحى أمرا لازما اللجوء إلى التحالفات بين الأحزاب لتشكيل أغلبية تخول لهم تسيير المجلس وترؤسه، وأدان المركز المغربي لحقوق الإنسان فرع اشتوكة ايت باها، كل الخروقات التي عرفتها هذه الانتخابات الجماعية، وطالب بفتح تحقيق مفصل ودقيق لتقول العدالة كلمتها في حق سماسرة الفساد الذين غيروا مجريات النتائج إلى كفتهم وذلك خدمة لمصالحهم الشخصية. وقد أكد فرع المنظمة الحقوقية، في تقريره حول الانتخابات الجماعية الماضية بمنطقة اشتوكة ايت باها، أن هذه الانتخابات تمثل رهانا سياسيا بالنسبة إلى مختلف الفاعلين السياسيين، وموعدا حاسما سيعزز على الصعيد المحلي مسلسل التنمية الاقتصادية. فاقتراع 12 يونيو2009، وبالرغم من طابعه المحلي وارتباطه بالدرجة الأولى بتدبير الشأن الجماعي، فإنه يمثل رهانا سياسيا مهما بالنسبة إلى مختلف الأحزاب السياسية المشاركة بالنظر إلى أنه يأتي بعد نحو سنتين عن آخر انتخابات تشريعية، ويشكل مقياسا لمدى شعبيتها ومستوى حضورها محليا. وأضاف التقرير، الذي حصلت «المساء» على نسخة منه، أنه إذا كانت الانتخابات التشريعية تبرز مدى اهتمام المجتمع بالقضايا الوطنية الكبرى، فإن الاستحقاقات الجماعية تعكس رهانات محلية دقيقة وسيكون لها تأثير على الانتخابات التشريعية المقبلة، وأنها تشكل مناسبة لتقييم درجة اهتمام الناس بالسياسة، وتعكس بالتالي ملامح المشهد السياسي الوطني الجديد. وتعتبر اللحظة الانتخابية محطة مجتمعية هامة في حياة الشعوب والأمم الديمقراطية، وتشكل حلقة أساسية من حلقات التباري السياسي بين الفاعلين الحزبيين والسياسيين من أجل إقناع الكتلة الناخبة والمواطنين بجدوى وفعالية تصوراتهم المجتمعية وبرامجهم المختلفة والمتباينة في الإرساء الجماعي لأسس المواطنة الكاملة والمجتمع الديمقراطي الموعود به، كما تعد الانتخابات في العرف السياسي والدستوري لبنة أساسية من لبنات التأسيس لمشهد سياسي واضح المعالم، منسجم، متناغم ومعقلن. ولعل من بين انشغالات المركز المغربي لحقوق الإنسان المطالبة بتمكين المواطنات والمواطنين المغاربة من مؤسسات منتخبة تعبر عن إرادتهم الحقيقية على حد تعبير هذا التقرير. وبعد تأكيد فرع المركز الحقوقي باشتوكة ايت باها على هذه البديهيات، استعرض أهم الخلاصات التي ساهم في رصدها وملاحظتها خلال الانتخابات الجماعية التي أجريت يوم 12 يونيو الماضي قبل أو أثناء الحملة الانتخابية ويوم الاقتراع وبعده. وقد اصدر المركز هذا التقرير الأولي حول الظروف التي مرت فيها الحملة والاقتراع، وذلك بتنسيق مع مناضليه ومناضلاته عبر الإقليم. وهكذا استعرض التقرير الخروقات الرئيسية التي سجلها المركز على هذه الانتخابات من تلاعب السلطات في توزيع بطائق الناخبين والتشطيب على عدد كبير منهم، مما أدى إلى حرمان عدد كبير من المواطنين من ممارسة حقهم في التصويت، واستغلال الأشغال الجارية في بعض الجماعات المحلية واستخدام وسائلها وأملاكها في الحملة الانتخابية، واستعمال العنف بين أنصار المرشحين أو ضد أنصار مرشحين آخرين أو في حق بعض المرشحين أنفسهم، وتوزيع المال ومحاولة إرشاء الناخبين لكسب أصواتهم، والتأخير في تسليم محاضر مكاتب التصويت لممثلي المرشحين، وذلك قصد التلاعب بنتائجها، واستغلال النفوذ المخزني، وتنظيم ولائم جماعية لصالح الناخبين لضمان أصواتهم، وتعليق إعلانات انتخابية في مواقع غير مرخص بها، وحملات انتخابية سابقة الأوان، والتأخير في إفراز الأصوات. وحسب المعطيات نفسها التي يتوفر عليها المركز المغربي لحقوق الإنسان بهذا الإقليم، فإن نسبة المشاركة تراوحت بين %45 و%50. وفي نفس السياق ذكر التقرير أن أهم المميزات العامة التي طبعت التحضير للانتخابات الجماعية 12 يونيو 2009 مقارنة بنظيرتها السابقة لسنة 2003، تجلت في ارتفاع عدد الأحزاب والهيئات المشاركة إلى 14 حزبا، واتخاذ إجراءات إدارية وتقنية لتأمين استمرار مداومة كل من ممثلي النيابات العامة ورؤساء المحاكم وكتابات الضبط وكل الفاعلين الإداريين على الصعيد المركزي لوزارتي العدل والداخلية إلى غاية الإعلان الرسمي عن النتائج النهائية للاقتراع، وتقديم كل الأحزاب المشاركة في انتخابات لبرامج انتخابية مكتوبة (بما فيها تلك الأحزاب المصنفة «أحزاب صغرى»)، وذلك تنفيذا لما يلزم به القانون الجديد أحزاب السياسية، والمشاركة الفعالة للمرأة وحضور اللائحة الإضافية المخصصة للنساء، وتنافس شرس بين الأحزاب وذلك باستعمال العنف.