مما لاشك فيه، ونحن في عز الحملة الانتخابية، ان اختيار المواطنين الناخبين يجتاز امتحانا عسيرا بالنظر إلى العدد المهم للوائح الانتخابية ولعدد المرشحين الذين يتطلعون إلى الفوز في هذه الانتخابات مع اختلاف طبعا في النوايا والأهداف والوسائل. فهناك مرشحون للأسف، ممن لا برامج مدققة لهم، وممن لم يستوعبوا بعد التطور الحاصل في مجريات الأحداث السياسية وفي مستوى إدراك ووعي الناخبين... فهؤلاء لن يجدوا في جعبتهم سوى محاولة استمالة المواطنين بوعود يعرفون هم قبل غيرهم انه يستحيل تنفيذها ويقطعون على أنفسهم التزامات سرعان ما ينسونها بمجرد انتهاء الانتخابات. وفي مواجهة هؤلاء يكون على المواطن الناخب أن يتسلح بقدر من الذكاء والاستفادة من التجارب الماضية للتمييز بين الغث والسمين واختيار مرشحين ملتزمين بقضاياه، مؤهلين ومعبّئين باستمرار لخدمة مصالح السكان المحلية وتنمية الجماعة. وواضح ان هاجس مرشحي حزب الاستقلال يتمثل في شن حملة انتخابية متحضرة في إطار احترام القانون واحترام التزاماتهم أيضا وذلك بالاستناد إلى برنامج انتخابي واقعي ومعقول يعكس بحق تطلعات المواطنين ويعتمد سياسة القرب منهم والانصات الدائم لقضاياهم. وهم طبعاً ليسوا في حاجة إلى اللجوء إلى استعمال المال الحرام أو إلى وسائل محرمة قانوناً لنيل ثقة المواطنين.. هذه الثقة التي اكتسبوها فعلا من خلال الحصيلة الايجابية للتسيير في الجماعات التي تحملوا مسؤولية تسييرها خلال الولاية الجماعية التي نودعها. من جهة أخرى يبقى على المواطنين الناخبين أن يكونوا في مستوى مسؤوليتهم التاريخية وأن يساهموا بأصواتهم في تنمية جماعاتهم وإنجاح الاصلاحات الديمقراطية والهيكلية التي تعرفها البلاد.. وعليهم أيضا أن يستوعبوا الدروس من التجارب السابقة.. فالصوت الذي يضعه المواطن في صندوق الاقتراع ليس فقط مجرد ورقة ترمى في الصندوق وينتهي الأمر، بل هو أكبر من ذلك بكثير إذ يرهن مصير سكان جماعات ويكتسي صبغة المسؤولية الوطنية. إن المشاركة المكثفة في هذه الانتخابات شيء مهم ومطلوب بإلحاح.. والعزوف عن هذه المشاركة في الشأن العام يضر فعلا بالجماعة والسكان، ذلك أنه قد يتيح الفرصة للدخلاء وقناصي الفرص للوصول إلى مواقع المسؤولية على المستوى المحلي واستغلال مستقبل وخيرات الجماعات لمصالحهم الخاصة. ومن هذا المنطلق يقدم حزب الاستقلال للناخبين بمناسبة هذه الانتخابات برنامجاً واقعياً طموحاً وقابلا للتحقيق، بعيداً عن الوعود البراقة الغامضة وعن الشعارات الخادعة.. هدفه من ذلك - كما هو العهد به - خدمة المصلحة العامة والدفاع عن قضايا المواطنين المحلية.