إن الأشكال الدعائية المنتشرة هذه الأيام في أغلب ربوع الوطن الحبيب توصلنا إلى فرضية رئيسية تحاول إماطة اللثام عن ظاهرة إقدام أعداد كثيفة من المرشحين لخوض غمار هذه الانتخابات، هذه الفرضية وكما تلخصه مضامين رسائل دعايات المرشحين الانتخابية تفيد بوجود رغبة صادقة في نفوس المرشحين لأداء خدمة عامة بكفاءة ومقدرة عاليتين، وبغض النظر عن مدى واقعية ومصداقية الشعارات المتشابهة التي تتبناها لافتات أولئك المرشحين على اختلاف مرجعياتهم الثقافية والسياسية فان مجرد الإعلان عن وجود الرغبة الصادقة لأداء خدمة للناس تظل فرضية مثالية لا يمكن أن تشكل وسيلة إقناع جيدة لعامة الناخبين لاسيما بعد فقدهم الثقة في العملية الانتخابية برمتها و الشاهد أن حزب المقاطعين واللامبالين هو من فاز بأكثر الأصوات في الانتخابات السابقة ومتوقع أن يحطم الرقم القياسي في هذه أيضا. ورغم أني من الذين فقدوا الثقة في الانتخابات المغربية الشكلية وفي مرشحيها وصلاحياتهم لم أتورع أن أذكر بعض الآليات المعتمدة في الدول المتقدمة والتي ترفع من مستوى المنسوب الانتخابي مشاركة ونزاهة محاولة في تدارك تداعيات تركز النظرة المثالية في أذهان الناخبين من المشاركين طلبا في منفعة البلاد والعباد. وأهم هذه الآليات هي أن يتبع المرشح المؤهل سياسة الكشف عن سيرته الذاتية بجميع تفاصيلها التي من شانها استمالة هيئة الناخبين لإمضاء عقد الاختيار، ومن هنا فلابد للمرشح أن لا يكتفي بإحراز الشروط التي نصت عليها لوائح وتعليمات قوانين الانتخابات بل عليه إشهار كل ما يصب في صالح اختياره من قبل مواطنيه ومن ذلك ما يأتي: 1- إبراز المؤهلات العلمية والفكرية والمهارات المناسبة لنيل وظائف الرقابة والتشريع والإشراف على مؤسسات الدولة، مع ذكر التاريخ الوظيفي أو المهني للمرشح إن وجد. 2- ذكر أهم النشاطات والمشاركات الثقافية والسياسية التطوعية السابقة. 3- بيان البرنامج السياسي والاقتصادي للمرشح مع إيضاح نقاط التشابه والاختلاف مع برامج المرشحين الآخرين. 4- عمل حلقات نقاشية تخص أوضاع الساعة من خلال أجهزة الإعلام لاسيما المحلية منها لإثبات سعة الاطلاع والقدرة على الرصد والتحليل والبرهنة على المعرفة التامة بدقائق الأحداث الجارية فضلا عن إقامة مؤتمرات صحفية يدعى لها صحفيون مستقلون وناشطون مدنيون. 5- التعريف بالخلفية الحزبية والإيديولوجية للمرشح بالإضافة إلى عرض المرشح لأرقام هواتفه الشخصية وعنوانه البريدي لكي يتسنى للناخب أن يتوفر على معلومات وافية تتعلق بحياة المرشح وقد شاهدنا جميعا كيف كان المرشح الأمريكي الفائز على تواصل دائم عبر شبكة الإنترنيت بحيث كان كل الناس على اطلاع حتى على أموره الشخصية . 6- الدعوة إلى مناظرات مع المرشحين الآخرين يحضرها أكبر عدد من الناخبين. 7- تقديم كشف حساب بمصادر تمويل حملته الانتخابية وتوثيق حوادث الخروقات القانونية التي تصدر عنه أو ضده إن وجدت. 8- أما فيما يخص أعضاء مجالس البلديات السابقين والمرشحين لدورة ثانية فعليهم فضلا عن ما ذكر إثبات نجاحهم الوظيفي خلال الست سنوات الماضية. كما هو مطلوب من الناخب تتبع سير المرشحين المحتملين لنوال صوته الثمين، وإهمال من يتقاعس عن جعل سيرته الخاصة غير ميسورة للرأي العام، إذ ما أراد أن يكون اختياره في هذه المرة مرهونا بأكبر عدد من المزايا التي يحصل عليها المرشح المحظوظ على ضوء النقاط السابقة وليس موكولا إلى السلبية أو العاطفة المحضة أو العشوائية في الاختيار. ولابد للناخب أن يضع نصب اختياره قدرة المرشح وكفاءته العالية على تقديم الخدمات المطلوبة لوظائف مجالس البلديات ويتوخى الحذر في إيكال تلك الوظائف الحساسة إلى العنوان الخطأ، وهذه الآلية تنفع عموم الناخبين سواء من يفضل اختيار مرشح معين أو قائمة بعينها فلا فرق في النهاية بين المرشح في كيان منفرد وبين المرشح ضمن قائمة تضم أسماء عديدة مادامت المعايير المعتمدة في التفاضل لنيل الوظائف العامة تسير وفقا لميزان دقيق يحدد المرشح الأفضل أو المرشحين في القائمة الأفضل بناء على قاعدة إحراز المتقدمين لأعلى علامات النجاح في امتحانات القدرة والكفاءة في أداء مسؤوليات الوظيفة المطلوبة لا أكثر من ذلك ولا اقل.