***عبد الله البقالي // يكتب: حديث اليوم*** المناضل الاستقلالي الكبير والصحافي والأديب عبد الكريم غلاب كل ما سقطت ورقة من أوراق شجرة هذا الوطن الوارقة يحضرنا التساؤل الكبير الذي يظل يشغلنا لردح من الزمان، هل تربة هذه النبتة الطيبة لا تزال قادرة على استنبات أغصان تورق مثل هذه الأوراق؟ هل لا تزال المراهنة على وجود أسماء من حجم عبد الكريم غلاب مشروعة وممكنة؟ ندرك على أن الإجماع يكاد يكون حاصلا على التخوف من طبيعة الإجابة التي يجب أن تتولد على هذا السؤال، بالنظر إلى كثير من العوامل والمعطيات التي سادت ولاتزال تسود إلى الآن. فتربة الفكر التي أنجبت عبد الكريم غلاب المفكر والأديب اللامع لم تعد كما كانت في السابق، وحقل السياسة الذي أنتج غلاب السياسي الذي مارس السياسة بإديولوجية الانتماء إلى الوطن أولا وأخيرا تغيرت تربته وعوامل نموه، والصحافة التي أعطتنا صحافيا لم يتعامل مع الصحافة كمهنة ينتظر منها راتبا في نهاية كل شهر بل مارسها كحقل من حقول التربية والإرشاد وصناعة رأي عام وطني لم تعد هي نفس الصحافة، وبالتالي لم تعد المراهنة على إنتاج نفس الجيل من الرواد الذين ضحوا من أجل الشعب ومن أجل الوطن ممكنة بالنظر إلى تغير عميق وكبير حصل في الشروط التي كانت سائدة، وفي الأسباب التي مكنت تلك الشروط من أن تكون سائدة وأنتجت ما نتحسر اليوم على فقدانه. هذا قدرنا في جريدة "العلم" ما أن كففنا دموعنا ونحن نخلد ذكرى رحيل رجل من رجالات هذا الوطن العظام الأستاذ الفقيد الكبير محمد العربي المساري، وقبله بأيام ذكرى رحيل معلمة أخرى من معالم المغرب الحديث الراحل الشامخ عبد الجبار السحيمي حتى باغتنا القدر بفقد كبير مثله وفاة غلاب الذي شغل المغرب المستعمر والمستقل، ولا ندري ما إذا كان لا زال لدينا ما نفقده بعد كل هذا الرزء الذي لاحق "العلم" خلال السنين القليلة الماضية؟ وحزني شخصيا لا يقاس عليه، فقد كان الراحل عبد الكريم غلاب آخر العنقود في شجرة عناقيد مديري "العلم" الذين تحملوا مسؤولية تدبير شؤون هذه المعلمة التي تخيفني في كل لحظة وحين. رحم الله الرواد جميعهم، وهم السابقون ونحن اللاحقون. *** بقلم // عبد الله البقالي *** للتواصل مع الكاتب: [email protected]