قد يظن البعض أنني بصدد الحديث عن طبيب تخرج من الجامعة، ولكن الأمر غير ذلك فهو شخص اتخذ من معاناة الناس الصحية سوقا مربحا، يمني المرضى أو يعدهم بالشفاء، وما هو بطبيب وما يعد الناس إلا كذبا، وقد البس الحق بالباطل ، لعب على ضعف المرضى أمام معاناتهم، لأن مواعيد المستشفى العمومي بعيدة، والقطاع الخاص يطلب مبالغ يهون دونها المرض والمعاناة، هكذا مرضى كثيرون ضحايا الخداع والسذاجة خضعوا لعمليات جراحية على أيدي هذا الطبيب المزيف، وسلموه أنفسهم، وسمحوا له بالعبث بعيونهم دون أن ينتبه إليه أحد، فترك خلفه ضحايا مصابين بمضاعفات مرضية خطرة ونتائج كارثية، منهم السيد محمد السعيدي في الخمسين من العمر كان يشتغل حمالا «طالب معاشو»، حين خضع لإجراء عملية جراحية بوسائل جد بدائية داخل منزله بمدينة ازمور بعد أن عجز عن تسديد مصاريف العملية بالمستشفى. .. قمنا بزيارة الرجل الذي وقع ضحية احتيال شخص من مدينة أسفي ودلك في بيته الصفيحي بدرب العرصة» بيت « يفتقد لكل أساسيات الحياة بالأحرى أن تجرى فيه عملية جراحية على العين، وتبادلنا معه على مدى ساعة من الزمن أطراف الحديث الذي كان اغلبه مركزا على عمليته الجراحية الغريبة، حيت روى لنا قصته وشرع يسردها لنا والإحساس بالمرارة تارة تعلو وجهه والخوف يعلوه تارة أخرى، يقول أن شخصا لاسابق معرفة له به، أرشدته إليه بحسن نية سيدة تربطه بها صلة قرابة، ادعى بأنه طبيب مختص في استئصال مرض المياه البيضاء أو ما يعرف ب»الجلالة» عند العامة، وانه خبير بهذا المرض اللعين لامتلاكه بركة أجداده، وانه اعتاد أن يجري مثل هذه العمليات الجراحية بالمنازل عوض المستشفيات للتخفيف من وطأة مصاريف العلاج لدى المعوزين والضعفاء، وبعدما تعرفت عليه قريبة الضحية حين قام بعملية مماثلة لسيدة من معارفها نصحت قريبها بإجراء العملية على يد هذا الرجل «المعجزة»، واستطرد يقول تم تحديد موعد معه بأزمور عبر اتصال هاتفي، فسافر «المعالج» المحتال من مسقط رأسه إلى أزمور بغية إجراء العملية الجراحية على عين الفقير المريض بعد تحديد موعد بمنزله، رحب السعدي بالرجل وأعطاه مبلغ 1500 درهم مقدما وبالفعل أجرى العملية بأدوات بدائية غير معقمة و في بيئة قذرة فكانت النتيجة أن فقد البصر يوما واحدا بعد إجراء هده العملية اللعينة. يرقد حاليا السعدي وسط أفراد أسرته المعوزة وزوجته يعصر قلبها الأسى وخدها قرحه البكاء عن حالته وما تعرض له من طرف المعالج المحتال.. يقول وقد تأكد من انه فقد البصر نهائيا وضعت فيه الثقة العمياء بعد أن أوهمني بأنه طبيب وسلمته المبلغ قبل أن أسلمه عيني من اجل أجراء العملية والتي تمت بدون تخدير حيت كنت أشعر بألم فظيع وأصيح بملء فمي ومع ذلك كنت كلي أمل أن تتكلل العملية بالنجاح، سمع الجيران صراخي وكان هو يهدئني ويؤكد لي بأن الأمر عاد جدا حينها كانت أمي تمسكني من رأسي و الطبيب المزيف ينتزع الجلالة من عيني بواسطة آلة مؤكدا لي خلالها بأن ما يقع شيء طبيعي واني سأصبح بصحة جيدة بعد شهر لكن المفاجأة كانت بعد يوم واحد لم أعد أرى سوى الظلام الحالك، فقدت بصري بالعين اليسرى التي أجرى لي بها الطبيب المزيف العملية الجراحية ثم انتقل الألم إلى العين اليمنى وأصبت بعد أسبوع بالعمى ولم اعد أبصر شيئا وها أنا ألآن بعد أن كنت معيلا لأسرتي الفقيرة التي تتكون من خمسة أفراد، أصبحت عالة على أسرتي، اضطرت أمي أن تقوم مقامي في إعالة العائلة بالعمل في الضيعات الفلاحية والمزارع كما اضطررت إلى توقيف ابني البكر عن متابعة دراسته ليعمل عند نجار، وقد سبق أن استمعت لي الشرطة القضائية حيت انتقلت إلى منزلي بعد ان قام ابني بالتبليغ عن هدا المحتال الذي يدعي الطب ..والبحث جار عنه.