عاصمة زمور… المدينة المنكوبة التي تنتحل صفة المدينة غياب المرافق الاساسية والبطالة تنخر جسد الشباب * منى الصغير "الخميسات مدينة تنتحل صفة المدينة"، عبارة سبق وأن جاءت على لسان العضو السابق بمجلس النواب عادل بن حمزة في قلب البرلمان سنة 2014 متحدثا عن انعدام العدالة المجالية بالإقليم، و شبه غياب دور وزارة الداخلية في النهوض بالجماعات ذات الامكانيات الضعيفة، حيث ان التفاوت في الدعم يخلق تباينا بين الجماعات. وشدد بن حمزة على الحكومة ضرورة الاستجابة للمطالب الملحة للسكان وتحقيق التنمية بكافة تراب الاقليم واستفادته من الاوراش التنموية. والملاحظ على أرض الواقع أنه رغم هذه المحاولات لم تعرف المدينة إلى يومنا هذا أية تطورات، وإن كانت تبعد عن العاصمة بثمانين كيلومترا فقط، فهي لم تستفد من هذا الموقع الاستراتيجي، مما يدفع سكان المدينة إلى التساؤل عن سبب هذا التماطل في النهوض بها ومآلها. مدينة دون مرافق عمومية ! ليس خفيا على أحد أن الخميسات يطبعها غياب عدة مرافق على رأسها الجامعات ومراكز التكوين والمستشفيات العمومية والبنيات التحتية، فغالبية الطرق بالأحياء الهامشية ليست معبدة، زد على ذلك غياب المرافق الترفيهية، فالملاذان الوحيدان للسكان هما "ضاية الرومي" ذات البحيرة الخلابة والجذابة الا أن العائق يبقى في صعوبة التنقل اليها في غياب وسائل للنقل ،وحي السلام الذي يضم شارعا فسيحا الى جانب ساحة كبرى يقصدهما جل ابناء المدينة. ويبقى التشغيل من التحديات الأساسية للإقليم، فهذا الأخير في حاجة لخلق مناصب تنقذ فئة الشباب بدرجة أولى من براثن البطالة القاتلة، وهو ما لن يتحقق دون جذب شركات ومؤسسات تخلق فرصا للشغل. جذب الاستثمار المشغل لن يتحقق بالطبع دون وجود البنيات التحتية والاساسية، وعلى رأسها اعادة تشغيل الخط السككي الذي كان يربط في عهد الاستعمار بين سلاوالخميسات ،ربط سيحقق دون شك رافعة حقيقية للإقليم وانفتاحه على محيطه الاقتصادي. وسبق للمتحدث أعلاه ،أن صرح انه من الصعب تصور وجود مدينة بحجم الخميسات بها ما يزيد عن 150 ألف نسمة من أصل 650 ألف نسمة من مجموع سكان الاقليم بدون منطقة صناعية. غياب هذه المنطقة يؤدي أيضا إلى انتشار الحرف والمهن المزعجة و الملوثة من قبيل الحدادة والنجارة وتجارة المتلاشيات داخل الأحياء السكنية مما يؤرق سكانها، ويضيف بن حمزة، إنه لا يمكن تصور تجمع بشري بهذا الحجم يعتمد فقط على أجور الموظفين على قلتهم، وبعض التجار الصغار، وإلا سنكون أمام اختلالات في المستقبل تتعلق بالجريمة والدعارة والتطرف. زد على ذلك أن الخميسات من المدن التي فشل فيها مشروع "مدن بدون صفيح"، لذلك لازالت دور الصفيح جاثمة على أنفاس المدينة، تشوه صورتها وتعرقل المشاريع المقرر إنجازها، من قبيل مشروع سكني كان من المرتقب ان يحل محل دور الصفيح الموجودة بحي المعمورة، لكن المشروع تم تأجيله إلى اجل غير معروف في ظل رفض الباعة المتجولين مغادرة المكان المفروض ان يحتضن هذا المشروع السكني. و إن كانت الدولة قد وفرت لهم منذ سنوات سوقا محليا يضم محلات موجهة للكراء ما زالت لحد الساعة فارغة. فرحة لم تكتمل… أما فيما يتعلق بمسألة الجامعات، فقد سبق للمواطنين أن تحدثوا عن كلية متعددة الاختصاصات، ويقولون في هذا السياق إن مدينة الخميسات التي تعتبر إقليما وعمالة منذ 1975 لا تتوفر على نواة جامعية في حين هناك مناطق وأقاليم أخرى أقل كثافة سكانية تتوفر على جامعات منذ سنوات، فتلاميذ الخميسات مجبرون على مغادرتها مباشرة بعد الحصول على الباكالوريا لمتابعة تعليمهم العالي في ظل واقع اقتصادي متضعضع، فيصبحون أمام اختيارين: إما الانقطاع الكلي عن الدراسة أو لجم طموحات تكوينهم على مستويات عالية. أما بالنسبة للتعليم الابتدائي و الثانوي فتعاني المؤسسات من مشكل الاكتظاظ و قلة الأطر ،زد على ذلك ارتفاع نسبة الهدر المدرسي نظرا للظروف الاجتماعية والمالية الصعبة للأسر ، إضافة إلى كون المؤسسات مهترئة تحتاج إلى الإصلاح وإعادة الهيكلة. الخميسات قبر في هيئة مدينة .. وتتوفر الخميسات على مستشفى وحيد والمعروف ب "الصبيطار الكبير" الذي أصبح مؤخرا يكتفي بإرسال المرضى إلى مستشفى ابن سينا بالرباط، وبالتالي المزيد من التكاليف المالية للمرضى وذويهم، وأحيانا وقوع وفيات في صفوف المرضى قبل بلوغهم المستشفى. وكثيرا ما سمعنا عن كون الاقليم هو اقليم فلاحي بامتياز، لكن المفارقة الغريبة هنا، هي ان هذه الفلاحة تبقى في غالبيتها بورية، اذ لم يحظ الاقليم باهتمام كاف في اطار سياسة المخطط الأخضر، إضافة إلى غياب شبكة ري ترتبط بسد القنصرة الذي توجه مياهه جلها إلى منطقة الغرب. إضافة لما سبق ذكره فالاختلالات التي تعرفها المنطقة ترجع في الأصل إلى تدبير محلي سيء تحكمت فيه أقطاب كان غرضها خدمة مصالحها الخاصة، لذلك أصبحت المدينة تسجل أضعف نسب من المشاركة في الانتخابات على الصعيد الوطني. زد على ذلك عدم قيام المجتمع المدني بكل أدواره المطلوبة منه، وعدم تسليط الإعلام الوطني الضوء على المشاكل التي يتخبط فيها هذا الإقليم. إقليمالخميسات عامة والمدينة خاصة إذن يتوفران على إمكانيات مهمة، ولكن الدولة يجب أن تولي اهتماما لهذه المنطقة التي لم تستفد من الكثير من المشاريع والاوراش ،الشيء الذي سيحد من الهجرة ويعطي قيمة مضافة للأقطاب الإقليمية. واقع يتطلب أيضا من المسؤولين الجهويين والسلطات المحلية من مختلف الدرجات القيام بزيارات تفقدية لهذا الاقليم الذي يمكن وصفه بالإقليم المنكوب، للوقوف على حجم الخصاص ومعيقات التنمية، تنفيذا للتوجيهات الملكية الداعية الى سياسة القرب وتحقيق التنمية البشرية.