العرائش أنفو    موتسيبي يشكر الملك محمد السادس على دعمه الكبير للرياضة بإفريقيا    تسعة ملاعب مغربية تستضيف النسخة ال35 من كأس إفريقيا    توقيع اتفاقية لاحتضان المغرب رسميا مقر جمعية الأندية الإفريقية لكرة القدم    إغلاق ميناء طنجة في وجه الملاحة البحرية    وزارة التجهيز تُحقق في فاجعة سد المختار السوسي    لقجع يوقع مذكرة تفاهم مع هيرسي علي سعيد لاحتضان المغرب لمقر جمعية الأندية الإفريقية لكرة القدم    أداء متباين في بورصة الدار البيضاء    عملية حد السوالم إستباقية أمنية و يقظة إستخباراتية في مواجهة الخطر الإرهابي.    فاجعة نفق سد أولوز بتارودانت .. انتشال جثتين فقط وفرق الوقاية المدنية تسارع الزمن لانتشال الباقي    اخنوش : المغرب حقق إنجازا "غير مسبوق" باستقطابه 17.4 مليون سائح سنة 2024    رئيس الحكومة: انخرطنا في توقيع عقود تطبيقية لتنفيذ خارطة الطريق السياحية جهويا    الأمين العام لمنظمة السياحة العالمية يشيد بالرؤية السامية لجلالة الملك للنهوض بالسياحة في المغرب    وزارة التجهيز تحذر من أمواج عاتية بعلو يتراوح بين 4 و6.5 أمتار الخميس المقبل    توقيف شخصين متورطين في ترويج المخدرات القوية بطنجة    انهيار ترابي كبير يقطع الطريق الساحلية بين الحسيمة وتطوان    أخنوش: لدعم السياحة نفذت الحكومة في عز الجائحة مخططا استعجاليا بقيمة مليارَي درهم    أخنوش: الرهان على التسويق والترويج مفتاح لتكريس مكانة بلادنا كوجهة سياحية عالمية    مستشفيات طنجة: خلية طوارئ تعمل 24/24 لمواجهة وباء بوحمرون بخطة عمل استباقية    توقعات بعودة التساقطات الثلجية إلى مرتفعات الحسيمة    رحو يدعو إلى عقلنة استغلال المعطيات الشخصية في "السجل الاجتماعي"    مئات الآلاف من النازحين يعودون إلى شمال غزة في مشهد إنساني مؤثر    ناس الغيوان تلهب حماس الجمهور في حفل استثنائي في ستراسبورغ    طهاة فرنسيون مرموقون: المطبخ المغربي يحتل مكانة متميزة في مسابقة "بوكوس دور"    الجامعة الوطنية للصحة بالمضيق-الفنيدق تصعّد ضد تردي الوضع الصحي    بما فيها "الاستبعاد المدرسي".. "الصحة" و"التعليم" تطلقان تدابير جديدة في المدارس لمواجهة انتشار الأمراض المعدية    مسرح البدوي يخلد الذكرى الثالثة لرحيل عميد المسرح المغربي الأستاذ عبدالقادر البدوي.    الدفاع الجديدي يطالب بصرامة تحكيمية ترتقي بالمنتوج الكروي    بعد النتائج السلبية.. رئيس الرجاء عادل هالا يعلن استقالته من منصبه    مشاهير مغاربة يتصدرون الترشيحات النهائية ل "العراق أواردز"    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    كأس إفريقيا للأمم…تصنيف المنتخبات في القرعة    هروب جماعي من سجن في الكونغو    المعارضة تطالب باستدعاء التهراوي    المنتخب المغربي لكرة القدم لأقل من 17 سنة ينهزم وديا أمام غينيا بيساو    أمطار وزخات رعدية متوقعة في عدة مناطق بالمغرب مع طقس متقلب اليوم    متى تأخر المسلمون، وتقدم غيرهم؟    المال من ريبة إلى أخرى عند بول ريكور    الولايات المتحدة تعلن تمديد وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل حتى 18 فبراير    نقابة التعليم العالي تدين توقيف أستاذين بجامعة محمد الخامس وتدعو إلى سحب القرار    إضراب واعتصام أمام الادارة العامة للتكوين المهني لهذا السبب    الكرملين ينتظر إشارات من واشنطن لاجتماع محتمل بين بوتين وترامب    ريدوان يهدي المنتخب المغربي أغنية جديدة بعنوان "مغربي مغربي"    وعود ترامب الثلاثة التي تهم المغرب    وفد عسكري مغربي يزور مؤسسات تاريخية عسكرية في إسبانيا لتعزيز التعاون    الصين: قدرة تخزين الطاقة الجديدة تتجاوز 70 مليون كيلووات    سكان قطاع غزة يبدأون العودة للشمال بعد تجاوز أزمة تتعلق برهينة    تايلاند تصرف دعما لكبار السن بقيمة 890 مليون دولار لإنعاش الاقتصاد    طلبة الطب والصيدلة يطالبون بتسريع تنزيل اتفاق التسوية    تراجع أسعار النفط بعد دعوة الرئيس ترامب أوبك إلى خفض الأسعار    برودة القدمين المستمرة تدق ناقوس الخطر    ندوة ترثي المؤرخة لطيفة الكندوز    حريق جزئي في بناية 'دار النيابة' التاريخية بطنجة بسبب تماس كهربائي    شبكة صحية تنتقد الفشل في التصدي ل"بوحمرون" وتدعو لإعلان حالة طوارئ صحية    غياب لقاح المينانجيت في الصيدليات يعرقل سفرالمغاربة لأداء العمرة    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انكشاف المؤامرة الاستعمارية لحركة الكلاوي والكتاني..
ذاكرة ثورة 16 غشت 1953 بوجدة
نشر في العلم يوم 16 - 08 - 2008


وجدة: من محمد بلبشير
كانت ثورة 16 غشت 1953 الدامية والمسلحة بمدينة وجدة بمثابة المفاجأة القاسية التي ضربت الاستعمار الفرنسي حيث لم يكن يتوقعها! وقد انطلقت بعد كلمة السر: باسم الله التي كانت من قيادة حزب الاستقلال بالرباط الى مكتب الفرع بوجدة صباح يوم الأحد 16 غشت 1953، عن طريق هاتف حمو بلعيد، وقد خلفت أحداثها ردود فعل قوية، سواء على الصعيد الوطني أو العالمي ، إذ أثيرت أحداث هذه الثورة من خلال وسائل الإعلام السمعي والمكتوب خارج الوطن، بل أكثر من ذلك فقد أثيرت داخل هيئة الأمم المتحدة التي طرح على مسؤوليها أساليب العنف والقتل الجماعي، وكذا أساليب التعذيب التي نهجتها السياسة الفرنسية الاستعمارية مع المواطنين.
وحينما انكشفت المؤامرة الاستعمارية لحركة الكلاوي والكتاني وكبار القواد والباشوات المناوئين للملك والشعب، توبعت خيوط هذه المؤامرة من طرف مكاتب فروع حزب الاستقلال بشرق المغرب بكل يقظة وحذر، وفي تلك الفترة كانت فروع الحزب تتحدى الإدارة الفرنسية بتنظيم الاضرابات وتقديم الاحتجاجات والاستنكارات وتوجيه البرقيات والعرائض وقراءة اللطيف في المساجد وتوزيع المناشر وإلصاقها على الجدران داعية الشعب بأن يكون يقظا وحذِرا وفي كامل الاستعداد للتضحية وبذل كل غال ونفيس فداء للملك والوطن.
ولما قام الكلاوي صحبة الكتاني بزيارة لمدينة وجدة وعقد اجتماعات مع ثلة من الخونة بأحد المنازل بحي بودير والهادف الى تنفيذ المؤامرة ضد جلالة المغفور له محمد الخامس، تشكلت جماعة من أفراد حزب الاستقلال وأعدت خطة هجومية وعملية فدائية لنسف هذا الاجتماع والقيام باغتيال الكلاوي وجماعته، إلا أن الحراسة المشددة حالت دون تنفيذ هذه العملية، وهكذا وبعد تخطيط دقيق اندلعت شرارة ثورة 16 غشت 1953 في الموعد المحدد لها، وقامت المجموعات الاستقلالية المنتظمة حسب الحرف والمهن بالعمليات المخططة لها في كل جهات المدينة بهجومات، وخلالها تمكنت هذه المجموعات من قتل كل من وجدت في طريقها من شرطة وجواسيس وخونة وجنود.. وقامت بإحراق وتخريب وإتلاف الدور والمحلات ومراكز من كان يناصر السياسة الاستعمارية ويعلن عداءه للملك والوطن والشعب. وهكذا بلغ عدد القتلى الذين سقطوا على يد الثائرين المجاهدين في مساء الثورة 29 قتيلا، فيما أصيب أزيد من خمسين من الخونة بإصابات خطيرة، في حين استشهد عدد من الثوار المجاهدين المغاربة، كما استشهد 14 مجاهدا اختناقا في زنزانة بمركز الشرطة.. وقد استمرت المعارك الدامية بوجدة رغم نزول جيش الاحتلال
بكثافة الى الشوارع وإطلاق الرصاص في كل اتجاه وصوب على المجاهدين، ولم تتوقف هذه المعارك إلا بعد ما تدخلت الدبابات والمصفحات بالسلاح الثقيل واكتسحت المدينة!
ونتيجة لهذه الثورة وما عرفته من معارك دامية، تعرض المواطنون الاستقلاليون الذين تم اعتقالهم الى بطش فظيع وتعذيب وحشي ومخزني يستحيي المرء من ذكره من لدن المختصين ومن لدن الجلادين سواء بمركز الشرطة أو بالسجون التي قضوا بها مدة اعتقالهم، وقد أصيب العديد منهم بعاهات أثرت على صحتهم.. وهكذا كانت ثورة 16 غشت 1953 بداية انطلاق مقاومة مسلحة وبداية تأسيس جيش تحرير وطني.. ونتيجة لها ألقي القبض على الكثير من المجاهدين، فبلغ عدد المحكومين لدى المحكمة العسكرية بوجدة 96 من بينهم 15 حوكموا بالإعدام، 7 حضوريا و 8 غيابيا، إلتجأوا الى المنطقة الشمالية.. وهناك ساهموا في توطيد الاتصال بين جميع الاخوة الذين التجأوا مثلهم وممن نجوا من الاعتقال وتركيز حركة المقاومة وجيش التحرير. أما المحكومون من طرف المحاكم العادية فعددهم يعد بالمئات!.
هذا وقد تجند عدد كبير من شباب وجدة قبل قيام الثورة لكتابة مناشير محرضة تدعو الى الثورة، وزعت في أرجاء المدينة، ومما جاء فيها: «أيها الشعب الوجدي لاتتأخر في إراقة دمك لحماية ملكك وتحرير وطنك»! وخلالها تم تجديد القسم بالنسبة لكافة خلايا الحزب استعدادا لكل الطوارىء!
وكانت بركان وأحفير وقبائل بني يزناسن وكذا القرى والمداشر حاضرة بقوة في معركة الاستقلال، فبقدر ما كانت الإدارة الاستعمارية تحاول بكل وسائل الدعاية والإغراء والتهديدات والارهاب شل حركة حزب الاستقلال في بركان وأحفير وتريفة وتافوغالت وقبائل بني يزناسن بقدر ما كان المدّ الثوري والتحرري يتّسع ويزداد ويترعرع في أوساط المواطنين! وهكذا وصباح يوم الاثنين 17 غشت 1953 واجهت الحشود المتظاهرة في كل من أبركان وتافوغالت قوة عسكرية هائلة مجهزّة بعشرات الدّبابات والمدرعات والمصفحات التي كانت وكأنها في حالة حرب حقيقية، وقد نتجت عن الاصطدامات والمواجهات عدة اعتقالات أدت بعدد من المناضلين إلى المحاكمات والسجون وأنواع التّعذيب!
شهادات في حق ثورة 16 غشت 1953
لقد جاء في خطاب جلالة المغفور له محمد الخامس قدّس الله روحه خلال زيارته لوجدة في شهر شتنبر 1956: «لقد كانت مدينتكم الزّاهرة هذه في طليعة المدن التي اقتحمت بشجاعة ويقين غمرة الكفاح المستميت دفاعا عن كرامة العرش، ومن أجل استرداد حرية البلاد واستقلالها، طيب الله ثرى الشهداء، وسقاهم بما صبروا جنة عالية، وأحلهم عنده مقعد أوليائه من النبيئين والشهداء والصالحين!».
وقال جلالة المغفور له الحسن الثاني لدى استقباله لأعضاء مكتب أنكاد المغرب الشرقي يوم 6 دجنبر 1994: «وكانت مدينة وجدة أعطت انطلاقة ثورة الشعب، ذلك الشعب الذي كان يحسّ بأن المأساة اقتربت، وأن المسألة سوف تنتهي ولابد أن تنتهي، إما بنفي الملك، وإما بتراجع الاستعمار، وصار ما صار، وأراد الله أن يكون اسمي شخصيا مقرونا بتلك الأحداث التي جرت في وجدة، الشيء الذي جعلني أحال غيابيا على المحكمة العسكرية ونحن في المنفى؟؟. ومما جاء في خطاب جلالة الملك محمد السادس، الذي ألقاه بمدينة وجدة بمناسبة السّنة الدولية لثقافة السلام: «.. ويكفي أن نذكر هنا ثورة 16 غشت 1953 ومشاعر الوطنية الحقة التي واجهت بها مدينة وجدة المجاهدة الاستعمار آنذاك، كما سبق أن اختارها جدّنا محمد الخامس قدّس الله روحه، ليوجه منها باسم الضمير العالمي نداءه التاريخي، لتعميم نعمة الاستقلال على جميع أقطار المغرب العربي وشعوبه، وضمان الوئام والسلام والانسجام بين بلداننا وبينها وبين باقي دول العالم». وقال الأستاذ عباس الفاسي الأمين العام لحزب الاستقلال بمناسبة الذكرى 46 لانتفاضة 16 غشت 1953: «وإذا كانت انتفاضة 16 غشت 1953 وثورة الملك
والشعب بداية لنهاية الاستعمار في بلادنا، فإنها كانت امتدادا لسلسلة الحلقات التي حفل بها جهاد الشعب المغربي من أجل العزّة والكرامة والتحرّر..».ومن كلمة المجاهد أبوبكر القادري في الذكرى 47 لثورة 16 غشت بوجدة: «.. لقد كانت ثورة 16 غشت 1953 الشرارة الأولى لاستقلال المغرب وكانت مدينة وجدة وطنية برجالها ونسائها وأطفالها وحتى بجدرانها وسطوحها، حتى أن الفرنسيين ارتاعوا لما أدركوا أن أزيد من 70% من سكان وجدة انخرطوا في حزب الاستقلال».
«الشعب يتحرك، وجدة تبدأ العمل الإيجابي»: تحت هذا العنوان تحدث الأستاذ عبد الكريم غلاب عن ثورة وجدة في كتابه (تاريخ الحركة الوطنية بالمغرب) ج2 حيث يقول: «وفي وجدة لم تكن المظاهرة متروكة للتلقائية، والاحساس العاطفي، ولم يتجمع المتظاهرون ليقرأوا اللّطيف في المساجد أو يجهروا به في الشوارع، وإنما اندفعوا في تنظيم مُحكم للهجوم على المناطق السكنية في الحي الجديد في المدينة حيث يسكن الأوربيون وقد بدا منهم تعاطف مع مخطط الإقامة العامة وقد كان برونيل حاكم الناحية والحجوي باشا المدينة في مقدمة من تحالف مع عصابة المتآمرين على المشروعية، ولهذا اندفعت الجماهير يوم 16 غشت لتعبّر عن سخطها بأعمال عنف اصطدمت فيها مع الشرطة ومع المستوطنين الأجانب في معارك بالسلاح الأبيض، حيث قتل العديد، وحصدت الشرطة العديد من المتظاهرين وقدمت الوطنيين للمحكمة العسكرية الفرنسية..»
لقد رحل عن دنيانا عدد من المقاومين ورجال جيش التحرير الذين انتقلوا إلى رحمة الله وهم غير راضين عن أحوالهم بعد أن تركوا أسراً تئنّ تحت وطأة الحاجة والفقر، وغير راضين أيضا عن الوضعية التي آلت إليها البلاد في غياب القيم الأخلاقية ،، والمقاومون الذين كان لهم شرف الإسهام في تحرير الوطن وفكه من نير العبودية والاستعمار، أصبحوا الآن في أوضاع تقتضي العناية، نظرا لتقدمهم في السن، ونظرا أيضا لأمراض الشيخوخة المزمنة المتنوعة والمتفاوتة الجسامة التي تهدد صحتهم وأبدانهم.
ومن خلال إحيائها لذكرى الانتفاضة كل سنة، مازالت منظمة ثورة 16 غشت تطالب بمراجعة القوانين التي وضعت في الأصل إطاراً للمقاومين وأعضاء جيش التحرير، والتي كشف الزمن عن خلل في بعض جوانبها، مما ألحق الضرر بهذه الفئة وبأبنائها وأسرها ماديا ومعنويا... وهناك قوانين لم توضع على أرض الواقع من أجل التطبيق، رغم أن صاحب الجلالة الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه أبرزها الى الوجود لسبب من الأسباب بقيت طريحة الرفوف يعتليها الغبار والأتربة. وتريد المنظمة بعد كل هذا أن يوثق المغرب لهذه الفترة من تاريخ بلادنا، عن طريق تدوين ما أظهره أبناء شعبنا من ملاحم وبطولات في مقاومة الاستعمار الغاشم لانتزاع الاستقلال الذي كان ثمرة تضحيات جسام، وكفاح مرير أريقت فيه دماء، وقدم فيه الوطنيون شهداء من خيرة أبناء هذا الوطن. وهذا ما يجب أن تعيه الأجيال الحاضرة واللاحقة..!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.