ما زال الوضع الأمني و الاجتماعي ببلدية فجيج مفتوحا على جميع احتمالات التصعيد و المواجهة ، في أعقاب فشل لجنة موفدة من وزارة الداخلية نهاية الأسبوع الماضي في تقريب وجهات النظر بين الفرقاء المنتمين لقصور زناقة في الجهة و الحمام الفوقاني و أولاد اسليمان و لعبيدات لوضع حد لخلاف حول أحقية استغلال قطعة أرضية بالواحة تسمى " تيقورار " ، بادر سكان قصر زناقة في وقت سابق الى النزول بها للقيام بأعمال استصلاح و حفر بئر ، و هو ما ووجه باحتجاج أهالي الحمام الفوقاني و دخولهم في مسيرات و اعتصامات ما زالت متواصلة منذ أزيد من أسبوع . و كان باشا المدينة و أعيان فجيجيون قد عجزوا بدورهم عن تذويب الخلاف الذي يجمع المنتمين للقصور المتناحرة حيث يدعي سكان قصر زناقة بحقهم التاريخي الموثق بالحجج في استغلال و التصرف في القطعة الأرضية ، في حين يعتبر مناوئوهم العملية تراميا غير مشروع على الأرض موضوع النزاع ، و يلوحون بتصعيد صور الاحتجاج ما لم يرحل الغريم الزناقي من عين المكان ويوقف الأشغال المستمرة به . وتحاول السلطات المحلية تهدئة الوضع تفاديا لمضاعفات أمنية بمنطقة حساسة ظلت الصراعات و النزاعات حول تدبير مياه الواحة واستغلال أراضيها متواصلة منذ عقود ، و تطلبت في أكثر من مناسبة اللجوء الى أجهزة التحكيم المحلية المشكلة من أعيان القصور و شيوخها . على أن بداية تفكك المجتمع القبلي المتماسك و رحيل شيوخ القصور ممن ظلوا يحافظون على وحدة و تجانس المكونات القبلية بالواحة و تدخل إعتبارات سياسية ضيقة ، أسهمت تدخلات سلطوية قديمة في تأجيج النزعات القبلية و ترشيح الأوضاع لتصعيدات خطيرة سيما أن الأمور تجاوزت الأجهزة العمومية و المجالس المنتخبة و تعالت صيحات بضرورة التحكيم الملكي لحل المشكل المتفاقم . و أفادت مصادر ل « العلم » أن الوضع الأمني بالواحة ما زال منذرا حيث تكتفي التعزيزات الأمنية المرابطة بعين المكان بمراقبة الوضع الأمني عن كثب لتفادي أي تصعيد أو مواجهة . وسيرا على عادته استغل الاعلام الجزائري الأحداث بعين المكان لتضخيم الوقائع و الحديث عن مواجهات عنيفة مع أن القرائن التاريخية تؤكد مسؤولية الجزائر في تأجيج الخلافات الداخلية حول حقوق استغلال الأراضي والمياه ، بعد أن قام الجيش الجزائري بضم العديد من الأراضي الفجيجية المغربية و سلبها من ملاكها المغاربة الحقيقيين خاصة على مستوى واحة إيش و ووادي زوزفانة . يذكر أن واحة فجيج تضم ستة قصور توجد بهضبة مطلة على المدينة و هي المعيز , لوداغير، أولاد سليمان، الحمام الفوقاني، الحمام التحتاني و قصر العبيدات، و هي منفصلة عن القصر الوحيد الموجود في السهل بالمنطقة المنخفضة وهو قصر زناكة. و بما أن جل المنابع المائية المستعملة للري توجد بأعالي فجيج فإن هذه الوضعية الطبوغرافية كانت لوقت طويل سببا في نشوب النزاعات بين القصور حول نفوذ كل قصر و حصته من المياه المشتركة الموزعة بنظام تقسيم متوارث عبر الأجيال .