الأطماع والامتيازات الانتخابية تشعل حرب اللوائح بين الإسلاميين في الجزائر لم ينسجم خطاب الوعظ ومعاني الإيثار التي تروج لها الأحزاب الإسلامية في الجزائر، مع ممارسات خفية تنطوي على صراع محتدم داخل مقار القيادات الحزبية، على تصدر اللوائح المقدمة لخوض الانتخابات التشريعية المقررة في الرابع من مايو المقبل. وتخيم أجواء من الخلافات والاحتقان غير المعلن، نتيجة هيمنة ذهنية النرجسية والأطماع الضيقة للطامحين لشغل مقاعد البرلمان والحفاظ على الامتيازات، بما يتناقض تماما مع الخطاب الذي تسوقه للرأي العام حول زهدها في السلطة. واستشاط النائب الإسلامي عن جبهة العدالة والتنمية حسن عريبي غضبا على ما تردد بشأن توظيفه لأموال طائلة من أجل تصدر قائمة الحلف الذي ينتمي إليه في محافظة العاصمة، وحتى عن استعداد أنصاره لجمع توقيعات المواطنين من أجل تقدمه في قائمة مستقلة، إذا سحب منه البساط من طرف التحالف الإسلامي. وأصدر النائب البرلماني، الذي شغل ثلاث عهدات ويطمح للرابعة، بيانا نفى فيه أن يكون قد اقترح مبلغا يعادل المليون دولار لتمويل الحملة الانتخابية لحزبه، مقابل تصدره لقائمة حلف الاتحاد من النهضة والعدالة والتنمية والبناء في العاصمة. وتشير مصادر سياسية في الجزائر إلى تصاعد مؤشر صدارة اللوائح الحزبية في السوق الانتخابية إلى أرقام خيالية تصل إلى حدود 500 ألف دولار، والأمر ينسحب على الكثير من الأطياف الحزبية، بما فيها أحزاب الإسلام السياسي، التي استسلمت لأطماع كوادرها وقياداتها، وفرض المال منطقه في العديد من المحافظات، رغم الآلية التي وضعها التحالف في إعداد اللوائح الانتخابية. وتسود مقار الأحزاب الإسلامية صراعات قوية بشأن ترتيب اللوائح ورئاستها، وتوزيع المحافظات على الأحزاب المتحالفة، سواء في قطب الإخوان بين حركة مجتمع السلم وجبهة التغيير، أو في قطب النهضة التاريخية، حيث تهيمن تكتلات فردية ومحلية وحزبية، تكشف التناقض الصارخ بين حقيقة السعي وراء المكاسب والامتيازات، وبين الخطاب المسوق للرأي العام وللمنتسبين. وقررت قيادة حركة مجامع السلم "حمس" الإخوانية التنازل عن ترأس القائمة التي سيدخل بها الحزب الانتخابات البرلمانية القادمة لصالح حليفه جبهة التغيير، التي تعكف على تقديم رئيسها الوزير السابق عبدالمجيد مناصرة، لخوض السباق في محافظة العاصمة. وقالت مصادر من قيادة الحركة، إن اجتماع المكتب الوطني المنعقد الأربعاء، قرر إسقاط نتائج مجلس الشورى الولائي للعاصمة، التي أفرزت فوز ياسر عرفات قانة المدير السابق للمكتبة الوطنية أمام القيادي جعفر شلي الذي دفع به رئيس "حمس" عبدالرزاق مقري. وتضيف المصادر أن قرار المكتب الوطني، جاء بإيعاز من مقري، بعدما تأكد من أن نتائج المجلس الولائي أفضت لانتخاب شخصية محسوبة على جناح الرئيس السابق للحركة أبوجرة سلطاني، وأن المرشح الذي كان يراهن عليه سقط في دور تمهيدي. ولذلك أوعز مقري للمكتب الوطني بإبطال القائمة، والإعلان عن تنازل الحركة لحليفتها جبهة التغيير. وبقدر ما تعكس الممارسات الداخلية غياب إرادة القواعد النضالية ومبادئ الديمقراطية في تسيير شؤون أحزابها، فهي تترجم حدة الخلافات الداخلية بين الأجنحة والقيادات في صفوف الإسلاميين، وهو ما يظهر بشكل واضح في صراع هرم الإخوان بين الرئيسين السابق والحالي. وكان رجل الأعمال الإخواني جعفر شلي، قد اتهم جهات داخلية بخوض معركة قوية لإسقاطه من تصدر قائمة "حمس" في العاصمة، في إشارة إلى جناح سلطاني، قبل أن يلغي المكتب الوطني العملية برمتها ويقرر التنازل عن قائمة العاصمة لصالح الحليف عبدالمجيد مناصرة. ومازالت لوائح العاصمة والمحافظات الكبرى كوهران وسطيف وقسنطينة، محل صراع حقيقي ولم يحسم فيها إلى حد الآن لتحالفي الإخوان والنهضة، رغم الاتفاق المعلن عنه من طرف قياداتهما حول توزيع اللوائح والمحافظات وفق الوعاء الانتخابي لكل حزب، وطبقا للنتائج المحققة في الاستحقاقات الماضية. وباتت العاصمة والمحافظات الكبرى، مصدر قلق حقيقي للقيادات الحزبية، بالنظر إلى تركز أطماع كوادرها على الترشح فيها، وهو ما فهمه الإسلاميون على أن التقدم فيها، يعتبر ممرا لبلوغ مراتب عليا في المؤسسات الأخرى، في ظل الحديث عن صفقة سياسية بين السلطة والإسلاميين، تكفل لهم العودة إلى الواجهة مقابل فك الارتباط مع معارضة تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي. ولم تستبعد مصادر مطلعة أن يتخذ جناح سلطاني التحالف مع "النهضة التاريخية" ملاذا له، بعدما أغلقت كل المسارات أمام رجالاته للترشح في قوائم الحركة الأم.