في موقف يهدد بضرب وحدتها، بدأت الخلافات تدبّ إلى حركة مجتمع السلم "حمس" الجزائرية المنضوية تحت لواء الإخوان، بسبب اللقاء الذي جمع بين عبد الرزاق مقري رئيس الحركة ومدير الديوان برئاسة الجمهورية الجزائرية أحمد أويحيى. ورغم أن اللقاء تمّ لإبلاغ بوتفليقة بمطالب المعارضة إلا أن فاعلين سياسيين أكدوا أن الحزب الإسلامي يمهّد للعودة إلى السلطة بعد أن كان حليفا معها إلى حدود سنة 2012. وينذر اللقاء الذي يأتي في إطار سلسلة من المشاورات ستقوم بها حمس مع السلطة، بإحياء الخلافات بين الشقّ الرافض للتموقع ضمن أحزاب الموالاة بقيادة عبدالرزاق مقري، رغم ما أبداه من مرونة في الآونة الأخيرة، والشق الداعي إلى العودة إلى الحكومة وأبرز المؤيدين لهذا الطرح أبو جرّة السلطاني الرئيس السابق للحركة. وانتقد أبو جرة السلطاني، في مناسبات عدة، خيار رئيس الحركة الحالي بالتموقع الثوري والانضمام إلى تنسيقية الانتقال الديمقراطي التي تطالب بتنحي بوتفليقة عن كرسي الحكم وإجراء انتخابات مبكرة، عوض التقارب مع السلطة وممارسة الشأن السياسي كجزء من الحكومة. ويبرر مقري قراره مباشرة مشاورات مع السلطة بأنها ستعزز أهداف تنسيقية الحريات وستسمح للحركة الإسلامية بطرح تصوراتها حول الوضع الأمني والاقتصادي والاجتماعي. في هذا الإطار، يرى مراقبون أن الخطوة كانت متوقّعة باعتبار أن الحركة انتهجت على مدى عقود، سياسة التسويات مع النظام وهو ما مكّنها من أن تكون أحد الأحزاب الرئيسية في المشهد السياسي الجزائري ومن الظفر بمناصب وامتيازات هامّة. ويبدو من خلال المراجعات التي قام بها مقري بخصوص فكّ الارتباط مع المعارضة والعودة إلى دفّة الحكم، أنه يسير في الوجهة التي أرادها أبو جرة السلطاني، وهو ما يضع مسألة الخلافات التي أثيرت عقب اللقاء مع أويحيى مستغربة. في حال تفعيل التقارب مع السلطة ستكون حركة مجتمع السلم ذيلا من ذيولها وهو ما يخشاه مقري خاصة بعد تراجع شعبية الحركة لكن بالنظر إلى مواقف الرئيس الحالي لحمس، ليست هذه هي المرة الأولى منذ سنة 2012 التي يعلن فيها عن وجوب التفاوض أو التشاور مع السلطة ومحاولة إيجاد حلول توفيقية، لكنه سرعان ما كان يتراجع بسبب الضغط الذي تمارسه قيادات داخل الحزب ترفض جميع أشكال الحوار مع السلطة. وبهذا يكون اللقاء مع مدير ديوان بوتفليقة شكليا ولن يفضي إلى نتائج ملموسة، خاصة وأن عبدالرزاق يذكر أن حركة مجتمع السلم كانت منذ عهد مؤسسها محفوظ نحناح المكنّى ب"المرشد" أحد الأحزاب الداعمة للحكومات المتعاقبة. وحاولت انتهاج استراتيجية تستند إلى الاعتدال في المواقف المعلنة وفي التصريحات الرسمية والمشاركة في الحكم. وندّدت الحركة بالعنف الممنهج الذي مارسته الجبهة الإسلامية للإنقاذ في التسعينات وحاولت تمييز نفسها عنها، إلا أن انتقادات واتهامات بالتواطؤ طالتها باعتبارها تتبنى الطرح السياسي والدعوي للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين.