مثل باقي أقاليم المملكة وبكافة ربوعها وجهاتها التي تتميز بفلكلورها الشعبي من رقصات وأهازيج، فإن إقليمتيزنيت ينفرد بما يسمى مهرجان إمعشارن وهو على شكل كرنفال إستعراضي مميز يستحق الإشعاع على المستوى الوطني والدولي كذلك. وتواجه المتتبعين والباحثين في تاريخ المنطقة والمهتمين بهذه الظاهرة مسألة تعدد الأسماء رغم كون المسمى واحد ، فهناك )إمعشارن ، وإمهضارن ، وإصوابن ، وإمغارن ءيض( وكلها أسماء اللغة أمازيغية ويلاحظ أنها وردت بصيغة الجمع وهذا ما يميز هذه الظاهرة الاجتماعية. «إمعشارن» هو الاسم الأكثر تداولا في مدينة تيزنيت بينما تعرف بإصوابن في النواحي القريبة كقبيلة أولاد جرار وجماعة حد الركادة على سبيل المثال ، وذلك طبقا لمنظور ورؤية سكان كل ناحية من نواحي مدينة تيزنيت للظاهرة . ************************ تزنيت: نجيب نحاس معاني كل الأسماء: إمعشارن : جمع )أمعشور( وهو المشارك في ممارسة الظاهرة والكلمة مشتقة من الأصل العربي عاشوراء. 1) إصوابن : جمع لكلمة )أصواب( وهي تعني الفنان الشعبي المبدع وتلتقي مع )إمعشارن( في إبداع الكلمة والحركة والإيقاع وإن كان ذلك بأساليب مختلفة . 2) إمهضارن : جمع لكلمة )أمهضر( وقد اشتقت الكلمة من )لهضرت( وتعني كل ما يصدر عن الإنسان بفعل الرغبة في المرح والترويج عن النفس لأجل الفرجة. 3) إمغارن ءيض : إسم مركب من )إمغارن( أي شيوخ أو سادة القوم والجزء الثاني )ءيض( ويعني بالأمازيغية الليل، وبالتالي فالاسم المركب يعني أسياد الليل، وهذا ربط للإسم بزمن ممارسة الظاهرة وهو الليل. لمحة تاريخية عرفت مدينة تيزنيت منذ القدم بتشكيل فريقين إثنين أحدهما في الجهة الشرقية والآخر في الجهة الغربية وكل من الفريقين يسعى لأن يكون الأفضل في منطقة حدوده، حيث أن لكل فريق حدوده ومناطق يزورها، محددة سلفا لتفادي أي صدام بين الفريق الآخر، وأمام عدم معرفة التاريخ الحقيقي لنشأة الفريقين، فإنهما عرفا ثلاث مراحل زمنية هي كالتالي : 1) مرحلة ما قبل الأربعينيات: ما يمكن القول عن هذه المرحلة هي أنها البداية المجهولة للفريقين. 2) مرحلة ما بعد الأربعينيات حتى أوائل الستينيات : وهذه الفترة عرفت مجموعة من الأسماء التي طبعت الاحتفالات ببراعتها واستطاعتها إضحاك الناس وكسب إعجابهم. 3) مرحلة السبعينيات والثمانينيات: عرفت تخليد (امعشاران) في هذه المرحلة تغيرات جذرية على مستوى مكونات الاحتفال بفعل تخلي الجيل القديم عن الممارسة وتولي عناصر شابة هذه المهمة لمواصلة ما بدأه الأسلاف، وإحياء الظاهرة بعد توقفها. لوازم الاحتفال: بعد عيد الأضحى يكتري أفراد (إمعشارن) منزلا خارج المدينة، يسمى (تكمي إمعشارن) يجتمعون فيه، ويساهم كل مشترك منهم بقدر من المال لصنع الأقنعة وشراء الأثواب، والخيوط، والجلود، ولوازم أخرى ويبقى باب المساعدات مفتوحا لمن يشاء أن يقدم مساعدات مادية غالبا ما تكون مواد غذائية يقتات بها المشاركون في الظاهرة طيلة مدة الإعداد الذي يصل إلى شهر كامل إلى أن تحل ليلة عاشوراء 09 محرم الحرام، حيث ينسق الجميع جهودهم في صنع الأقنعة، والقبعات، وجلود الحيوانات، وإيجاد اللباس الملائم لكل دور يقومون به. عناصر الاحتفال: * يتميز الاحتفال بمشاركة شخصيات بشرية وهي: - الحزان : وهو إمام اليهود أثناء الصلاة والعارف بأمور الدين. - تويا : الآمة السوداء. - الكراب : بائع الماء. - العطار : بائع الأعشاب والبخور المتجول. - الطبيب والممرض . - الحرس : المسؤولون عن تنظيم الناس والأمن بصفة عامة أثناء الاحتفال. - أحمد أوكتوبر: دمية من الثوب وهو طفل تويا وأسمك وهي الشخصية الوحيدة المسماة بإسم علم. وفي بعض نواحي مدينة تيزنيت نجد أسماء أخرى مثل إسم موشي وإسم امرأة تدعى سميحة . * الشخصيات الحيوانية وهي: - أرعم : أي الجمل. - تاسردونت : أي البغلة. - أفلوس: أي الديك. - الهيشت : أي الحيوان الخرافي. والملاحظ أن هذا الاحتفال كان يضم كافة الشرائح الاجتماعية في حقبة ما، اليهود، والمسلمين وحتى العبيد، مما يدل على روح التسامح والتعايش السائد في المجتمع، وكذلك مختلف المهن من كراب وعطار وطبيب وحرس. وعلى مستوى الشخصيات الحيوانية فالملاحظ وجود حيوان خرافي الهيشت، بالإضافة للحيوانات الأخرى العادية. الأدوات الموسيقية: تتكون في غالب الأحيان من أدوات نقر جلدية، وحديدية، و خشبية، وأداة نفخ واحدة ويغيب عنها الآلات الوترية مما يوضح أن البعد الموسيقي الذي يقوم عليه الاحتفال مرتكزا على الإيقاع أكثر من اللحن، والآلات المستعملة هي: الطبل، والبنادر، والناي، والناقوس، والأعمدة التي يضرب بها الأرض في إيقاع مهيب يضفي على الاحتفال روعة لا متناهية، وبعد انتهاء احتفالات واستعراضات الظاهرة أو بطريقة جديدة كرنفال إمعشارن، يجتمع الفريق الأول لأيت أمحمد بضريح المكرونات، والفريق الثاني لحي إدوكفى بضريح للا حكا أحمد، حيث يشترى بالمال الذي تم جمعه ثورين يذبحان وتقام احتفالات كبيرة وتوزع فيها اللحوم على الفقراء.ولهذا يستحق هذا الكرنفال دراسة أكاديمية والتنقيب عن أصله وجذوره، لأنه ظاهرة في حاجة إلى إشعاع وطني ولما لا حتى دولي ، وقد ساهمت مؤخرا جمعية بتيزنيت تعنى بإمعشارن بالترويج له والحفاظ عليه، حيث تنظم زيارات استعراضية لبعض المدن داخل المملكة .