جريمة لم يسبق لها مثيل فجرت الغضب العارم بمدينة الحسيمة، وقعت عندما طُحِنَ المواطن محسن فكري داخل شاحنة للنفايات جزاء له عن مقاومة الحكرة، وهي جريمة لم تتعود حتى عصابات القتل ارتكابها نظرا للبشاعة والهمجية التي اختار قتلة المرحوم فكري استعمالها والآلية التي سخروها والتي ابتلعت حياته ببرودة. أمام الفاجعة اهتزت مدن وقرى المغرب كلها بنسائها ورجالها وشبابها ،ودوت أصواتهم عاليا استنكارا لبربرية من صنع المعاداة المتجدرة في ثقافة السلطة اتجاه المتمسك بحقوقه من المواطنات والمواطنين، والكل بكى الضحية، والكل تلقى بالمرارة والسخط عملية إعدام خارج نطاق القانون، والكل أدَان القتلة المَعروفين منهم ومن يقفون منهم وراء الستار، والكل أشار لسلوك أطراف من السلطة المليء بالاحتقار والإهانة ،و المتمتعين بالإفلات من العقاب ، والكل استرجع ذاكرة التاريخ ليقرأ الصفحات من ماضي علاقات القمع والنار و التهميش الذي سلط على سكان مناطق الريف من طرف السلطة لتزيد مآسي المواطنات والمواطنين على ما قامت به قوات الاحتلال والاستعمار من جرائم ، والذي لا زالت مخلفاته بارزة إلى اليوم. والإئتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان، وهو ينحني إجلالا لروح الشهيد محسن فكري الذي طُحِنَ حيا، ويعزي أسرته ويُقاسِمها حزنَها وآلامها، ويُعزى الشعب المغربي في وفاة الشهيد عقب جريمة قَل نظيرها ، ويحييه في نفس الوقت على موقفه النبيل والطبيعي واحتجاجه القوي والعفوي المعبر عن تضامنه المطلق مع الضحية وما تمثله أسباب الموت وحيثياته، ومطالبته الكشف عن المجرمين ومساءلتهم طبقا للقانون، فإنه يعلن أنه حان وقت الإنهاء مع تسيب السلطة وتطاولها على حريات وعلى أرواح و ممتلكات المواطنات و المواطنين، رواح العديد من المواطنين، ويؤكد أنه لم يعد من الممكن الصمت والقبول بممارساتها غير المشروعة ضدا على سيادة القانون، وعلى الامتثال لأحكامه وفروضه، كما لم يَعُد من الطبيعي أن تستبد السلطة باستعمال القوات العمومية كجهاز لضرب ولجلد ورفس المواطنات والمواطنين ممن يحتجون سلميا أو من يتظاهرون بالهدوء والمسؤولية وباعتراض سبيلهم والهجوم عليهم ضربا مبرحا وجرحا داميا بكل عشوائية و حماقة .
والائتلاف يدعو السلطة القضائية عن طريق النيابة العامة وقضاء التحقيق فتح تحقيق عميق و نزيه ومحايد بعيد عن تأثير السلطة من كل مستوياتها ضمانا لسلامة نتائجه والتواصل مع أسرة الضحية، وكشف نتائج التحقيق، ومتابعة كل من يكشف التحقيق عن تورطه في الجريمة، ويدعو السلطة الإدارية كذلك بتحديد مسؤولية المرافق والمسؤولين عنها ممن كانوا وراء حدوث الفاجعة أو ممن ساهموا في وقوعها.
ويدعو الائتلاف و يطالب القوى الحقوقية والسياسية الديمقراطية في كل مواقعهم، والشخصيات من عالم الإعلام و الفكر والثقافة والإبداع وغيرهم، النهوض بأدوارهم دفاعا عن قيم المواطنة وفرض احترام كرامة المواطنين ووقف شطط رجال السلطة والمطالبة بقانون يمنع " الحكرة " أي يمنع تعنيف وضرب واعتراض المواطنات والمواطنين من قبل القوات العمومية في مسيراتهم وتظاهراتهم واحتجاجاتهم السلمية، ويفرض استقالة كل مسؤول عن كل مرفق تسبب في ممارسة الشطط وخرج عن حدود صلاحياته حتى لا يعرقل البحث فيما يمكن أن ينسب إليه من مخالفات أو من جرائم، والمطالبة كذلك بإلغاء كل امتياز مسطري أو قضائي الذي يختفي وراءه البعض ممن يمارس السلطة والذي يضفي القداسة على عدد من الموظفين السامين ويحصنهم من كل بحث أو متابعة بالمساواة مع كل المواطنين وفي تعارض مع أحكام الدستور.