*لدينا علاقات متقدمة للغاية مع الاتحاد العام للشغالين بالمغرب والعمال الفلسطينيون يعانون التقتيل والتنكيل يوميا على المعابر *لسنا ضد الاستقلال الوطني ولكننا نعرف من يقف وراء إثارة قضية الصحراء المغربية خصوصا في هذا الوقت بالذات *ما يزيد عن نصف قوة العمل الفلسطينية تعمل لدى المشغلين الإسرائيليين في ما يعرف بسوق العمل الأسود الإسرائيلي مبعوث “العلم” إلى “عمان”: سعيد الوزان على هامش اجتماع الشبكة العربية للإعلام بالعاصمة الأردنية عمان أيام 17و18 و19 أكتوبر الجاري، العلم التقت المناضل الفلسطيني محمد العطاونة ، سكرتير دائرة الإعلام وعضو قيادي في الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين وأجرت معه الحوار التالي: بداية ، كيف تركت الوضع داخل الأراضي الفلسطينيةالمحتلة ؟ أشكر جريدة العلم المغربية التي أتاحت لنا هذا اللقاء لنشر رسالتنا كفلسطينيين إلى الرأي العام لشعب لا زال تحت الاحتلال يعاني صنوف التنكيل جراء السياسات العدوانية الإسرائيلية ، في ظل عالم يجب أن يكون متوازنا بالنظر لحرية الشعوب، وفي البحث عن سلام عادل وليس سلاما كشعار للتسويق والترويج لسياسات عالمية تخدم مصالح القوى النافذة في المنطقة. على العالم أن يخرج من صمته اتجاه العدوان الإسرائيلي اليومي، وأنا أتحدث معك الآن سقط شهيد جديد أمام حاجز زعفرة الفاصل بين مدينة نابلس شمال الضفة وبين مدينة رام الله، لا زالت سياسة الاستيطان على قدم وساق وإسرائيل تدير ظهرها لكل النداءات التي توجهها لها قوى السلام في العالم وللإرادة الدولية ، وكما تعرف الكثير من القرارات الدولية أمام القراءة الإسرائيلية بقيت حبرا على ورق ولم تنفذ، بدءا من القرارات المتعلقة بإنهاء الاحتلال وفقا لقرارات الشرعية الدولية وعودة اللاجئين الفلسطينيين، نحن آخر شعب على الكرة الأرضية لا زال تحت الاحتلال، وعلى العالم أن يقرأ هذه الرسالة جيدا. وهنا أود أن أذكر العالم أن قوى الإرهاب التي تنشأ في المجتمعات العربية هي نتيجة لحالة الإحباط التي خلفتها سياسات الاحتلال، وإلى جانبها سياسات حليفها أمريكا.. نعرف أن كثيرا من الفلسطينيين يشتغلون كعمال داخل الأراضي المحتلة، نريد أن نعرف طبيعة المعاناة اليومية التي يتكبدونها ،وأنتم كاتحاد عمال فلسطين ما الذي تقومون به من دور لفضح كل ما يمارس على الأرض وللتخفيف من حدة هذه المعاناة ؟ مرة أخرى شكرا على اهتمامكم بإبراز هذه القضية، وهنا أود التأكيد أنه في الحياة الفلسطينية لا يمكن فصل النضال الوطني عن النضال الاجتماعي، فتحت هذا العنوان وفي إطار هذه الرؤية يناضل العمال والعاملات الفلسطينيين في طليعة صفوف شعبهم ضد الاحتلال ، وكذلك يدفعون الفاتورة الأكبر من قوت أبناءهم وتجويع أبناءهم في غياب حد أدنى من الحماية الاجتماعية، وهنا أود الإشارة لقراء جريدة العلم المغربية أن ما يزيد عن نصف قوة العمل الفلسطينية تعمل لدى المشغلين الإسرائيليين في ما يعرف بسوق العمل الأسود الإسرائيلي والذي تغيب عنه المساواة في الأجور مع العامل الإسرائيلي أو الأجنبي، كما تغيب الرعاية الصحية في إطار الحماية الاجتماعية كما تدير ظهرها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة لحق الشعب الفلسطيني في التحرر وكنس الاحتلال والاستيطان، المشغل الإسرائيلي مدعوما من حكوماته العنصرية اليمينية المتعاقبة يدير ظهره لحق العمال الفلسطينيين، وهناك طريق الآلام التي يمشي فيها العامل الفلسطيني منذ ساعات منتصف الليل ليتوقف أمام أكثر من حاجز عسكري ويخضع للتفتيش وللابتزاز وللتنكيل من أجل الحصول على لقمة العيش المر في إسرائيل، هناك مئات الشهداء العمال في تاريخ الكفاح الفلسطيني سقطوا على الحواجز وهم ذاهبون للبحث عن قوت عملهم، هذه معاناة يومية لعشرات الآلاف من العمال الفلسطينيين ،إذ أنه وفق جهاز الإحصاء الفلسطيني المركزي، ووفق رصدنا في النقابات العمالية في الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين هناك ما يزيد عن 125 ألف عامل ما زالوا يعملون في سوق العمل الإسرائيلي دون ضمان أي التزام من المشغل الإسرائيلي أو من النقابة العامة في إسرائيل “الهستدروت” التي هي من المفترض أن تقف إلى جانب العمال الفلسطينيين بغض النظر عن قوميتهم وعن حالة الصراع على الأرض بين حكومة الاحتلال الإسرائيلي والشعب الفلسطيني وقواه السياسية الحية، بل إنها تتبادل الدور مع المحتل في قهر الفلسطيني وفي مقدمته العامل والعاملة الفلسطيني، هذا يجري في ظل غياب سوق عمل فلسطيني مستقر ، لماذا يغيب هذا السوق؟ لأن إسرائيل تتحكم في المعابر وبالتالي تتحكم في توريد المادة الخام وفي عملية التصدير، وهذا يشكل عامل الضعف الأساس في تطور سوق العمل الفلسطيني ، لذلك لا زالت السلطة الفلسطينية لا زالت لا تأخذ شكل الدولة وهي أيضا سلطة محاصرة كشعبها، بل لا أخفيك أن أي عامل فلسطيني أو حتى الهيئات السياسية العليا لقيادة الشعب الفلسطيني لا تستطيع التحرك خارج الوطن دون أخذ الإذن، وهذا ليس سرا، هناك عاملات فلسطينيات يعملن في المزارع الإسرائيلية يتعرضن لأبشع أنواع الاستغلال بدءا بالاستغلال في الأجر وصولا للاستغلال الجنسي عبر الاعتداء عليهن .. نتحدث عادة عن معاناة قطاع واسع من الفلسطينيين داخل الأراضي المحتلة في الضفة، وننسى وضع الفلسطينيين داخل قطاع غزة، ألا يزيد هذا الوضع الطين بلة في ظل حالة الانقسام بين حركتي حماس وفتح؟ نعم هذا لا يغيب عنا كفلسطينيين، وإذا تحدثت عن الوضع في الضفة فذلك طبعا يعني أهلنا في غزة أيضا، بل ويعني كل فلسطين، فقطاع غزة المشكلة فيه أكبر بكثير، ودعني أذكرك أنه كل خمسة آلاف نسمة يعيشون تعيش في كلم مربع واحد، فأصغر بقعة أرضية يعيش عليها أكبر عدد من السكان في العالم هي قطاع غزة المحاصر برا وبحرا وجوا، قطاع غزة المغلق عليه للأسف المعابر حتى العربية منها، ونحن في إطار مسؤولياتنا في اتحاد عمال فلسطين نناشد إخوتنا المصريين بفتح معبر رفح، وأن لا يأخذوا الشعب الفلسطيني المناضل والمكافح بجريرة سلوك أمني هنا أو هناك بعد الانقلاب منذ سنة 2007 الذي خلق واقع وجود سلطتين . هناك حالة الانقسام الفلسطيني المدمر والذي يجب أن ينتهي ، وبالمناسبة هناك حراك متزايد في الشارع هذه الأيام وصل إلى درجة ليس الاستياء فقط بل إلى ما يعرف في الاصطلاح الشعبي الفلسطيني إلى حالة قرف من استمرار حالة الانقسام، شعبنا يريد إنهاء الانقسام فورا والاتفاق على برنامج وطني وكفاحي وسياسي موحد يتصدى لهذه السياسات الإسرائيلية، وخاصة في ظل الأوضاع الإقليمية المتردية التي لم يسبق لها أن كانت أكثر سوءا بهذا القدر. هنا المسألة، ألا ترون أنه مع الوضع العربي الراهن المطبوع بحالة الانهيار الشامل لدول عربية ومحاولات تفتيت أخرى لم يعد للقضية الفلسطينية ذلك الوهج الذي كان على الأقل إعلاميا، حتى إنها توارت إلى الخلف ولم تعد على رأس أولويات الاهتمام الشعبي والرسمي، في تقديركم كفلسطينيي، كيف ترون سبل الخروج من عنق الزجاجة ؟ الشعب الفلسطيني يدرك تماما أن ما يجري في المحيط العربي وفي دول الأشقاء العرب هو سياسة ممنهجة لإلهاء الشعوب عن القضية الأساس، قضية الصراع العربي الإسرائيلي ، وإشغالهم بقضاياهم الداخلية وتدمير الدولة كدولة في الحالة العربية، نحن لا نتحدث عن أنظمة، بل عن دول يتم استهدافها، في سوريا وليبيا واليمن وفي غيرها, الشعوب العربية ليست محايدة اتجاه موقفها من القضية الفلسطينية ، ونحن بدورنا نولينا اهتماما عاليا منذ الخطوة الأولى على طريق الكفاح الفلسطيني لمسألة التضامن العربي، وهنا نود التأكيد كحركة نقابية فلسطينية وكجزء من النسيج الاجتماعي الوطني والسياسي الفلسطيني أن المدخل للخروج من عنق الزجاجة يتمثل وطنيا في إنهاء الانقسام بين فتح وحماس وترك التنازع عن السلطة تحت الاحتلال وأن تكون السلطة الوطنية الفلسطينية هي رافعة النضال لإنهاء الاحتلال، مع ضرورة تعزيز متطلبات صمود الشعب الفلسطيني وفقراء الشعب الفلسطيني وفي مقدمتهم العمال، يجب الالتزام بمنظومة التشريعات الدولية الخاصة بعلاقات العمل التي وقعنا عليها و الالتزام بالتشريعات الوطنية، كيف يمكن لمواطن فلسطيني أن يواصل معركته وواجبه وهو يتلقى ثلث الحد الأدنى من الأجور البالغ 450 شيكل ، وهو بالمناسبة هو الحد الأدنى للفقر المدقع ولا يكفي أسرة مكونة من أربعة أفراد حتى العاشر من كل شهر بالمواد الغذائية الأساسية بعيدا أن أي مظهر من الكماليات ، فاتورة المياه والكهرباء أيضا، على السلطة الفلسطينية أن تعيد النظر في سياساتها الاقتصادية والاجتماعية لتعزيز صمود الناس. أما فيما يتعلق بالمعركة اليومية المتواصلة مع الاحتلال فنحن نأمل ونتمنى على القوى الحية في مختلف الدول العربية التي تمثل إرادة الشعوب العربية والتي ربما انكفأت قليلا بفعل الإحباط ، وتقديرنا للشعوب العربية راجع لكونها شعوب مكافحة وما يجري هو استراحة محارب، ولا يطمئن أحد من الأنظمة الحاكمة في العالم العربي أن الشعوب العربية ستظل صامتة، ولا يمكن لعلاقتها وموقفها اتجاه الشعب الفلسطيني أن تقف صامتة أمام ما يجري في المنطقة. في هذا الاتجاه، معلوم أن القضية الفلسطينية عرفت لدى المغاربة شعبيا ورسميا كقضية وطنية كبرى، وهذا لا يدخل في باب المزايدات، بل فعليا المغاربة ظلوا تاريخا وحاضرا يعتبرون أن القضية الفلسطينية هي قضيتهم الأولى بعد قضية الوحدة الترابية للمملكة، أنتم كفلسطينين وكاتحاد عمال فلسطين، كيف تقرؤون علاقتكم بالمغاربة وتحديدا بالمنظمات النقابية المغربية، وما المطلوب الآن لتعزيز هذه العلاقات على كافة المستويات والصعد؟ نحن في الاتحاد لدينا علاقات متقدمة للغاية مع المركزيات النقابية العربية، وتحديدا مع النقابات المغربية لدينا علاقة تضامنية مميزة إلى حد كبير عن بعض المركزيات النقابية العربية، وأنا هنا لا أجامل ، هذا محسوس في مواقف الطبقة العمالية المغربية واتحاداتها النقابية، سواء الاتحاد العام للشغالين بالمغرب أو الكونفدرالية الديمقراطية للشغل أو الاتحاد المغربي للشغل ، نحن نراقب صوتها المرتفع اتجاه ليس فقط القضية الفلسطينية بل اتجاه كل القضايا القومية في العالم العربي، نعرف تماما ما تقدمه المغرب في هذا المجال من مساهمات ومساعدات للقيادة الوطنية الفلسطينية إلى جانب دعم صمود الشعب الفلسطيني. في المستقبل المنظور، ماذا تنتظرون بعيدا عن العلاقات التقليدية من إخوتكم في المركزيات النقابية المغربية لتطوير هذه العلاقات إلى مستوى أرفع؟ نحن ننظر للحركة النقابية المغربية كجزء من الحركة العمالية العربية بمنظماتها النقابية، ونحن نتأمل أن تولي اهتماما أكبر لدورها الوطني والقومي اتجاه القضية الفلسطينية، صدقني إذا قلت أن الهجوم اليوم هو هجوم على كل العالم العربي وعلى كل مقدراته ، صناعة الإرهاب ليست منتجا عربيا، أنا أدرك وأنت أيضا من يصنع الإرهاب في المنطقة وما هي أهدافه، وذلك لفرض وقائع على الأرض تجبرنا على الفكاك من إيجاد أي حالة تضامن حول قضايانا العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية. نأمل أن تتبوأ المنظمات النقابية المغربية دورها المطلوب الفاعل والتاريخي ، فنحن باعتزاز نذكر المواقف الثابتة للنقابات المغربية عندما يرفعون صوتهم ضد أي عدوان على الشعب الفلسطيني، وهنا نوجه نداء من اتحاد العمال الفلسطينيين: أنتم بما تحملونه من زوادة عطاء لا ينضب إلى جانب الدور الذي تلعبونه الآن في الميدان نأمل منكم أن تسهموا معنا في كسر سياسة عزل الشعب الفلسطيني ومحاولة إنهاء القضية الفلسطينية دون تحقيق أي إنجاز ، ونعرف أن هم المواطن المغربي تماما كالفلسطيني سواء كان في الرباط أو فاس أو مكناس أو مراكش أو الدارالبيضاء وفي كافة ربوع المغرب الحبيب، وحتى في قضية الصحراء نحن ننظر باهتمام لهذا الملف المفتعل، نحن لسنا ضد الاستقلال الوطني ولكننا نعرف من يقف إثارة قضية الصحراء خصوصا في هذا الوقت بالذات، وهذا الهم هو هم مشترك لمواطن الفلسطيني سواء كان يعيش في القدس أو رام الله أو رفح أو نابلس أو الخليل أو حتى في الشتات.. نتمنى ونعرف أن أملنا لن يخيب ، فنحن نعي جيدا الدور الطليعي الذي يلعبه المغرب ونستلهم منكم القوة لمزيد من الصمود والنضال ، ونثمن الدور الذي يلعبه الملك محمد السادس في إطار مهمته كرئيس لجنة القدس وننظر باهتمام بالغ لحركة التضامن المغربية من خلال الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني ولغيرها من الهيئات السياسية والنقابية وهيئات المجتمع المدني في المغرب الشقيق.