نديم سامي, مفوض العلاقات الدولية في اتحاد المعلمين الفلسطينيين كان من بين أنشط ضيوف المؤتمر العاشر للنقابة الوطنية للتعليم الذي انعقد مؤخرا بمراكش، وكان متحركا ما أتاح له الفرصة للتواصل بسهولة مع المؤتمرين، وكان الهم الذي يحمله هو الوضع التعليمي في فلسطين والقضية بكل شموليتها.. في هذا الحوار تحدث عن الوضع التعليمي في الضفة وغزة وفي القدس وأراضي 48 ، وعن العلاقات مع النقابات العربية ودورها في دعم القضية الفلسطينية، كماتحدث بألم عن الصراع القائم بين فتح وحماس، والربيع العربي. وتحدث أيضا عن الكارثة التي قد تتعرض لها القضية الفلسطينية أمام نوايا حماس في تأسيس ما أسماه دُوَّيْلة في غزة .. { كيف هي وضعية المعلم الفلسطيني في ظل الاحتلال ؟ بسبب عدة عوامل ومن أهمها الاحتلال والحصار الاقتصادي المفروض على السلطة الفلسطينية يعاني المعلم الفلسطيني كثيرا، أعتقد جازما أقول، لم تنتظم الرواتب منذ فترة طويلة، حتى أن راتب شهر يناير لم يدفع كاملا لغاية الآن، اليوم(24 فبراير 2012 ) أُبْلِغْتُ أن اتحاد المعلمين الفلسطينيين قد أعلن إضرابا مفتوحا حتى تستجيب الحكومة لمطالب المعلمين، هذا من النواحي الاقتصادية، أما من النواحي الأُخرى فالمعلم الفلسطيني يعاني من الوصول إلى مكان عمله، وإلى المدرسة، وذلك بسبب حواجز الاحتلال الإسرائيلي على الطرق الفلسطينية مما يؤدي إلى تأخيره في الوصول على الدوام، بالإضافة إلى مصاعب الحياة اليومية التي يتكبدها المعلم نتيجة ارتفاع الأسعار وارتفاع أجور المواصلات، وكل هذه الأمور تؤثر على أداء المعلم وعطائه وحياته اليومية في المدارس.. { معروف أن التعليم هو القاطرة التي تجر قطار التنمية في أي بلد ، معاناة الشعب الفلسطيني استمرت طويلا,لكن رغم ذلك يعد من الشعوب الأقل أمية في العالم العربي، فما سر ذلك؟ وما هي نسبة الأمية في فلسطين؟ بما أنه لا توجد أية مصادر اقتصادية أخرى للبلد, لذلك فالاستثمار الحقيقي في فلسطين يتم في العنصر البشري, وبالتالي تركز السلطة الفلسطينية على التعليم، وبالنسبة لنا يعتبر التعليم المصدر الرئيسي للدخل، بالإضافة إلى الثقافة العامة,ونسبة الأمية عندنا في فلسطين متدنية جدا، لا تتجاوز واحد في المائة.. { تحدثت عن معاناة رجل التعليم في الأراضي الفلسطينية الخاضعة للسلطة الفلسطينية، لكن ما وضع التلميذ والمدرس الفلسطيني في الأراضي المغتصبة من طرف الاحتلال الإسرائيلي؟ في القدس وأراضي 48 يُمَارَسُ تمييز عنصري بشع ضد الأطفال الفلسطينيين ، من ناحية عدم السماح لتطبيق المناهج الفلسطينية في أراضي 48 ، حتى في القدس، وقسم من المدارس الموجودة فيها التابع للسلطة الفلسطينية ويطبق فيها المنهاج الفلسطيني، هذه السنة تعرضنا إلى هجمة شرسة من الاسرائيليين لمنع تطبيق المنهج الفلسطيني في القدس، إلا أن تكاثف الجهود من كافة الأطراف، الوزارة، المواطنين، المجتمع المحلي، اتحاد المعلمين، أدّت إلى الاستمرار في تطبيقه، لكن لا ندري ما المتوقع في السنوات القادمة في ظل هذه الهجمة. في أراضي 48 يطبق عليهم المنهاج الإسرائيلي وللأسف الشديد، هناك مواد تدرس بالعربية, لكن المنهاج بشكل عام هو المنهاج الإسرائيلي مع خصوصية معينة كونهم فلسطينيين، ولكن لا يدرس التاريخ الفلسطيني بالمعنى الحقيقي، يدرس التاريخ بشكل عام مع التركيز على الأمور الحديثة، أما التاريخ كتاريخ فلسطيني: الحدود التاريخية، ما تعرض له الفلسطينيون، غير موجودة في المنهاج الذي يطبق على المدارس العربية في أراضي 48 البتة. { قلتم نظرا للاحتلال والحصار الاقتصادي، الشعب الفلسطيني يستثمر في العنصر البشري، لكن ألا ترون معي أن الخلافات السياسية كالصراع القائم بين حماس وفتح وعزل غزة عن الضفة له أثار سلبية على الاستثمار في العنصر البشري والصراع قائم بين العنصر البشري نفسه ؟ من هذه الناحية هناك انقسام سياسي، لكن الوزارة الوحيدة الموحدة والتي تتعامل بشقي الوطن غزة والضفة الغربية هي وزارة التربية والتعليم، من ناحية المنهاج، من ناحية الامتحانات السنوية، العطل، المدرسين، كافة الجوانب، هي موحدة وبعيدة عن الانقسام نهائيا. ومن هذه الزاوية الانقسام لن يؤثر على العملية التعليمية وعلى الاستثمار في الانسان الفلسطيني. { تحضرون اليوم في المغرب كضيف على المؤتمر العاشر للنقابة الوطنية للتعليم إلى جانب آخرين من مختلف الدول العربية والدولية، ما هو دور النقابات التعليمية العربية في التعريف بالقضية الفلسطينية والمساهمة في دعم العملية التربوية في فلسطين؟ كافة النقابات العاملة في فلسطين سواء اتحاد المعلمين الفلسطينيين أو نقابة المدارس الخاصة أو النقابات الأخرى لها دور أساسي في تثبيت الانسان الفلسطيني في أرضه، نشر الوعي والفكر الفلسطيني لدى الأطفال والشباب الفلسطينيين، بث الروح الوطنية والتشبث بالأرض والصمود لدى أبنائنا الطلبة في المدارس الفلسطينية، إضافة إلى ذلك أنه أثناء عملية التدريس نتيجة للوعي الموجود لدى المدرسين يقومون بتلقين الطلاب مواد لا منهجية تساعد على تثبيتهم على أرضهم وصمودهم وبناء فكرهم لكي يبقوا محافظين على هويتنا الفلسطينية. لقد أطلق الإسرائيليون عدة عبارة سابقة من قبيل أن الكبار يموتون والأطفال ينسون، لكن والحمد لله نتيجة الوعي الفلسطيني تَبُتَ فَشَلُ هذه المقولة، إذ ومن خلال الإعلام بإمكانكم أن تلاحظوا أنه حتى الطفل الفلسطيني يولد وهو يعرف عن القضية الفلسطينية وأرضه المحتلة، ومازال لغاية الآن صامد ويطالب بحقه، وإن شاء الله سنصل إلى حقوقنا مهما طال الزمن. { هذا عن دور النقابات داخل فلسطين, لكن ماذا عن علاقة هذه النقابات بزميلاتها العربية قصد الدعم والمساندة والتعريف بالقضية دوليا؟ من خلال عضويتنا في اتحاد المعلمين العرب وعلاقاتنا الثنائية مع النقابات العربية, نقوم بزيارات دائمة وبشكل مستمر إلى اتحاد المعلمين العرب، وإلى النقابات العربية كهذه الزيارة إلى النقابة الوطنية للتعليم في المغرب التي تربطنا معها علاقات قوية وقديمة، وعندما يفتح لنا المجال لتقديم مداخلات أو معلومات، دائما لا نقصر في هذا المجال ونقوم بعرض ما لدينا من حقائق ووثائق على المؤتمرات، وأثناء انعقاد اتحاد المعلمين العرب نشارك دائما في كافة اللقاءات، ونزود كافة الإخوة في النقابات العربية بكل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وعدة مرات تم تشكيل مجمعات من داخل اتحاد المعلمين العرب لبث رسالة لكافة الدول العربية والأروبية حول الوضع في فلسطين، كذلك أذكر ان النقابة الوطنية للتعليم في المغرب قامت بعدة تبرعات لصالح المدارس الفلسطينية في القدس، لأن المدارس الفلسطينية مهددة أيضا بالحصار، فالاحتلال يضغط على المدارس الفلسطينية حتى يهرب الطلاب إلى المدارس التابعة للاحتلال الإسرائيلي. كذلك اليمن ومن خلال اتحاد المعلمين العرب, قامت بحملة تبرعات لدعم المدارس الفلسطينية، تونس أقامت مدارس في جنين بعد المحاولات الإسرائيلية سنتي 2001 و2002 عندما اجتاحت مخيم جنين. فالعملية متواصلة بالاتجاهين، نحن نزود الإخوة العرب بكافة الاحتياجات وأوضاع المدارس والطلاب، وكذلك الإخوة العرب يقومون بحملات توعية في المدارس بالإضافة إلى جمع تبرعات، أذكر أنه في العام الماضي قاموا في المغرب بوقفة احتجاجية، وكانت الحصة الأولى للتعريف بالقضية الفلسطينية وعن أوضاع المدارس الفلسطينية، أيضا أقيمت نفس الحملة في الكويت وفي الإمارات. { ما هو الدور الذي يلعبه اتحاد المعلمين الفلسطينيين للتعريف بالقضية الفلسطينية على المستوى الدولي وليس العربي؟ من خلال زياراتنا وعلاقتنا باتحاد المعلمين العالمي للتربية باعتبار أن اتحادنا عضو فيه، ومن خلال علاقاتنا الثنائية مع الدول الأوربية نقوم بزيارات تبادلية ندعو وفودا من هذه الدول لزيارة الأراضي الفلسطينية، وإطلاعهم على حقيقة الوضع الفلسطيني، كذلك أثناء زيارتنا وحضورنا للمؤتمرات دائما تكون مداخلاتنا والأوراق التي نقدمها تدور حول العملية التعليمية في فلسطين. قبل فترة لا تتجاوز ثلاثة أشهر كنت في زيارة إلى فرنسا وكان الصديق عبد العزيز إيوي في المؤتمر، وأُعطيت لنا الفرصة كي نتحدث عن الوضع الداخلي في فلسطين، وعن العملية التعليمية داخلها، وقام الأخ إيوي مشكورا بترجمة الكلمة إلى الفرنسية. قبلها بفترة كنت في بلغاريا حيث أُتيحت لنا الفرصة للتحدث مع الهيأة العامة للمعلمين البلغاريين حول اوضاع المعلمين والعملية التربوية في فلسطين وما تعانيه من حصار إسرائيلي. وكذلك في بريطانيا قبل 45 يوما بالتحديد، حضرنا مؤتمر المعلمين البريطاني، وأُتيح لنا المجال أيضا لتقديم مداخلة عن الوضع الفلسطيني. ويلاقي كل هذا دعما وتأييدا من النقابات الأوربية للفلسطينيين، لكن على المستوى السياسي الوضع يختلف. { ما هو الوضع في غزة وكيف هي علاقة نقابتكم بالحكومة المقالة؟ الوضع في غزة مختلف، أولا الحكومة المقالة منعت اتحاد المعلمين من ممارسة دوره والقيام بأي نشاط في غزة، وفي المقابل تم إنشاء نقابة خاصة بهم في غزة. أما وضع الطلاب في غزة فهو سيء للغاية، وذلك نتيجة العدوان الإسرائيلي المتكرر على غزة، حيث يتم قصف المدارس وإرهاب الطلاب لذلك فوضعهم أسوأ من الضفة الغربية بدرجة كبيرة جدا. { ما هو مستقبل القضية الفلسطينية بعد ما سمي بالربيع العربي وسيطرة الإسلاميين على الحكم في العديد من الدول العربية؟ بالنسبة للوضع عندنا في غزة سبق ما حدث في الدول العربية، ولكن بطريقة مختلفة، إي بانقلاب عسكري، ووصلت حماس إلى الحكم في غزة، وكان الهدف الرئيسي لدعم حماس وحركة الإخوان المسلمين بشكل عام تكوين نواة دويلة في غزة، إلا أن وجود النظام المصري السابق آنذاك حال دون تنفيذ هذا المخطط، وجدوا ضالتهم في سوريا التي كانت تقدم الدعم المتواصل لهم ليس حبا فيهم وإنما لتنفيذ أجندة خاصة في سوريا كما كانت تفعل مع حزب الله في لبنان، لكن بعد ثورات الربيع العربي التي حصلت في مجموعة من الدول العربية تنفسوا الصعداء، تركوا مصر، وهم الآن ينتظرون ما ستؤول له الأوضاع في مصر، حاليا كما تناقلت وسائل الإعلام هناك جلسات محاولة للمصالحة، ولا أعتقد أن المصالحة ستتم في الوقت الحالي، لأنه لاتوجد لديهم رغبة في المصالحة. سينتظرون الوضع في مصر، فإذا تَتَبَّتَ حكم مرسي أعتقد جازما أنهم سيعلنون دولة مستقلة لهم في غزة، وللأسف سيكون هذا كارثة من أحد الكوارث التي تتعرض لها القضية الفلسطينية، ولكن إذا لم يستقر الوضع في مصر وبعد ما حدث في سوريا ستلجأ حماس من هذه الزاوية إلى المصالحة. جرت عدة جلسات للمصالحة, ولكن كل مرة كان يتم خلق ذرائع لإفشالها ، وآخر الجلسات كانت اللجنة الاجتماعية التي عُقِدت في المغرب بمبادرة من جلالة الملك محمد السادس, إلا أنه للأسف بعد أن غادر الوفد إلى أرض فلسطين بدأت تخرج تصريحات من بعض القادة في حركة حماس توحي بأن المصالحة قد فشلت وتواجه طريقا مسدودا. كذلك اجتمعت كافة الفصائل الفلسطينية في القاهرة إيذانا بمراجعة الملف الفلسطيني والبدء بالمصالحة، وبعد أن خرجوا من القاهرة بدأت الأصوات تخرج وأوحت للشارع الفلسطيني بأن المصالحة بعيدة المنال. { ماهي وضعية اللاجئين الفلسطينيين؟ اللاجئون الفلسطينيون موجودون في عدة مخيمات فلسطينية وضعهم التعليمي كالتالي، المشرف على العملية التعليمية في هذه المخيمات هي وكالة الغوث الدولية, المدارس الموجودة هي مدارس تابعة لهذه الوكالة، تدرس من الصف الأول ابتدائي حتى الصف التاسع، المناهج التي تدرس فيها هي المناهج الفلسطينية، بعد الصف التاسع ليست هناك مدارس تابعة لوكالة الغوث وبذلك ينتقل كافة الطلبة إلى مدارس الحكومة،