لم يخطر ببال بلقصيري (الرجل) وهو يحط الرحال على ضفاف نهر سبو ، أن نجما أحمر سيخلد اسمه في مهرجان سنوي يحتفي بقصته ، لتتناسل هذه القصة الجميلة ، وتصبح فيما بعد ألف قصة وقصة ، يرويها حفدته من بعده سنة بعد أخرى ، ويقرأها قصاصون وقصاصات من مختلف أرجاء المغرب ، امتهنوا مهنة الحكي وكتابة القصة. كل قصص الحرب والسلم ، الحقد والحب وما بينهما تسمعها هناك. لا أعرف تحديدا ، لماذا حط بلقصيري هناك ، على مقربة من باناصا (المدينة الرومانية الأثرية) ، وإن كنت أعلم علم اليقين أن الرجل لم تكن نيته ماكرة ، كمن جاء بعده أو قبله من المستعمرين ، وأن لا أطماع له في خيرات سهول الغرب ، كما حال الفرنسيين ومن قبلهم الرومان. كان همه إنسانيا بحتا ، كما حفدته وهم يؤسسون جمعية النجم الأحمر، إذ لم يكن هدفهم التقرب من أحد ، أو الانتفاع من صلة أو قرابة ، بقدر ما كانت أهدافهم نبيلة ، كما جدهم وهو يحط الرحال هناك ، لتسهيل عملية المرور للمسافرين في ذهابهم وإيابهم بين مديني فاس و وزان . أما وقد نسي الناس (باناصا) من بعده (أو كادوا) ، ولم يعودوا يتذكرون غيره ، فلم يعد عجبا وقد ظهر السبب. حفظ الناس قصته مع مرور الوقت ، وبدؤوا يتخلصون من التفاصيل الصغيرة ، حتى أصبحت قصته قصيرة ، يحتفي بها نجمه الأحمر كل سنة. هو الموسم القصصي الثامن إذن (مع نهاية ماي 2011) للقصة القصيرة بمدينة مشرع بلقصيري ، تحتفي فيه جمعية النجم الأحمر بالمبدعين في القصة إناثا وذكورا ، من الأموات والأحياء على السواء ، بمن يقاسمهم توجهاتهم ، ومن يقف منها على طرف نقيض ، من يعارضهم ومن يؤيدهم ، همهم خدمة القصة القصيرة والولاء لها ، وهدفهم راحة المبدعين وخدمتهم في تواضع قد نظيره. مهرجان لا تستطيع أن تميز فيه بين المشاركين فيه والمشرفين عليه ، لكنك حتما تعرف الساهرين الأمناء على راحة المشاركين من القصاصين والنقاد والإعلاميين بصيغة المذكر والمؤنث. خصص المهرجان هذه السنة دورته الثامنة للقاصة الراحلة مليكة مستظرف ، التي خانتها المؤسسة وأنصفها النجم الأحمر في شخص جمعيته ، قاصة ودعتنا (هي) وافتقدناها (نحن) صغيرة ، وهي محملة بأسئلة إبداعية حارقة. بدأ اللقاء بفقرات و بروتوكولات رسمية من كلمات ترحيب ، وتكريم بعض الفعاليات من المجتمع المدني حرصت على دعم المهرجان والجمعية في مسعاها النبيل ، وذلك من تقديم الفنان المسرحي الأستاذ الرياحي ، وتنشيط الفنان عازف العود رشيد الشناني ، مع حضور لافت لرئيس الجمعية السابق ذ / بنعيسى الشايب ، وسلفه ذ / عبد العزيز الربعي. حضر من المبدعين والمبدعات ، كل في مجال اختصاصه ( قصا ونقدا) : أحمد بوزفور- محمود الريماوي (الأردن)- ادريس الصغير- عبد الحميد الغرباوي- حسن البقالي- سعيد منتسب- عبد السلام الجباري- مصطفى الجباري ( عن مجموعة البحث في القصة القصيرة بالمغرب)- لحسن أيت ياسين (عن نادي الهامش القصصي بزاكورة)- سعيد بوكرامي- زهرة الرميج- مصطفى كليتي- عبدالله المتقي- محمد منير- خليفة بابا هواري- خديجة بوتني - ادريس الواغيش- محمد صولة - نعيمة القضيوي الإدريسي- مليكة بويطة - بوشتى الماعزي- قاسم مرغاطا - سعاد مسكين- محمود محبوب - سعاد كنون- الحبيب الدايم ربي - ليلى الشافعي- محمد كويندي - سعيد جمال- جبران الكرناوي - فاطمة الزهراء الرغيوي - عبد الواحد كفيح - ادريس خالي - محمد أيت حنا - صخر المهيف - عبدالوهاب سمكان - ربيعة عبد الكامل - محمد الغويبي- غسان حاضي. ومن الإعلاميين : سعيد منتسب (جريدة الاتحاد الاشتراكي)- عبد اللطيف بوجملة ( جريدة المنعطف)- إدريس الواغيش (جريدة صدى فاس)- فاطمة الزهراء المرابط (الصحافة الإلكترونية). ما ميز هذه الدورة (دورة مليكة مستظرف) كذلك ، ويميز باقي مهرجانات مشرع بلقصيري السابقة عن غيرها من المهرجانات ، هو الورشات التي يستفد منها أطفال المدارس في كتابة القصة ، من أجل تأصيل هذا الفن المعبر الجميل ، تؤطرها نخبة من القصاصين والقاصات لهم تجارب في ممارسة هذا الجنس الأدبي ، أو اللقاءات المفتوحة التي تتم مع تلميذات وتلاميذ المؤسسات التعليمية ، مع مبدعين لهم باع طويل في كتابة القصة ( أحمد بوزفور- عبدالله المتقي- عبد الهادي الزوهري- المصطفى كليتي- محمد صولة- محمد الشايب).