كثيراً ما يتراى لها واضعاً يدها بين كفيه بعد زين بنصرها بخاتم لماع يبرق في دجى لياليها الموحشة فتتهيأ اعضاؤها مشدودة نحو انفاسه وترتفع حرارة جسدها بملامسة جسده.. تغمض عينيها، تعيش تفاصيل لحظات حلمها ويداها تداعبان أرق اعضائها وأكثرها حساسية وإيثارة.. تعاتبه متأوهة: حبيبي.. بحثت عنك طويلاً حتى كلت قدماي وأنا اطوي طرقات الاسواق مختلسة النظر الى وجوه الباعة والمتسوقين والجالسين على أرائك المقاهي ومقاعد الباصات ومسطبات المتنزهات والمستشفيات وفي جميع أماكن الانتظار.. وفي كل يوم أزيد عدد صديقاتي طارقة ابواب بيوتهن عارضة عليهن مساعدتي في انجاز اعمالهن المنزلية، لعلي اجدك خارجاً من باب غرفة أو جالساً في زاوية.. لكن قطار العمر يمضي ومسطبات الانتظار تمتلأ وتفضى وعينايا تنظران، تحدقان، تتأملان.. وتعدان خائبتين تذرفان دموع الانتظار.. يقتحم مسامعها صياح الديكة فتتلاشى معالم الحلم.. تعود الى جسدها الذي استكن لتوه بعد ان كان يتلوى تحت الغطاء.. تكفكف يداها دموع عينيها اللتين فتحتهما مع بداية زقزقة العصافير وهي تنساب الى مسامعها مبشرة بأمل جديد.. تنهض من فراشها، تتطلع الى وجهها في المرآة وتتأمل جسدها مرددة مع نفسها: سأرتدي اليوم فستاني الأحمر، وسأدهش الجارة سامية بتسريحة لشعري لم تخطر على بالها، تمعن النظر الى أجزاء جسدها.. تبتسم لشعاع أمل يلمع على أوراق شجرة تحلم بالثمر، أو على أديم أرض تحلم بنبة طرية تخرج من بين ذرات ترابها.. تتسع ابتسامتها وهي تستحضر أمامها ملامح الجارة سامية وتخاطبها قائلة: لم أكن أعلم ان لديك خمسة أخوة، حقاً ثلاثة منهم لم يتزوجوا بعد..؟! أحبك يا سامية.. أنت اعز صديقة على قلبي.. دعيني أقوم بأعمال البيت بدلاً عنك.. لم تتصوري مقدار سعادتي حين أساعدك بانجاز أعمالك. خرجت الى باحة البيت، تناولت وعاءً كبيراً، وضعت فيه كمية من الطحين وجعلت تسكب عليه الماء وتعجنه كعادتها مع فجر كل صباح، وبينما هي كذلك راحت تنظر الى كومة السعف قرب التنور وتضحك من كلام أمها التي كثيراً ما تردد غاضبة من تصرفها: نار الكربة اشد سعيراً في التنور.. بقية السعفة تخفت سريعاً، وأنت تلقين بالكرب الى ماء النهر..؟!! متى تتركين عادتك السيئة هذه..؟ شموع وحناء وكربة تزف الى النهر مع كل غروب شمس..!! غطت وعاء العجين بصينية بعد ان وضعته جانباً، ثم شرعت تنثر حبوب القمح فأسرعت نحوها الدجاجات وصارت تتجمع أمامها ملتقطة حبات القمح بسعادة بالغة بينما راحت عيناها تتأملان عبر مساحات خضر ضياء يوم جديد صبغت حمرة شمسه أفق القرية.