سارت كهبة ريح خريفية ، تسقط كل الأوراق الذابلة ، تذر غبار الطرقات في عيون العابرين ، مائلة إلى البرودة والقسوة ، لم تلتفت قط وراءها ، هكذا خرجت بعد أن أجهزت على كل شئ جميل في قلوب من كان يعرفها لم تتذرع يوما بشيء أكثر مما تذرعت بشيخوختها ، بعجزها ، بخريف عمرها ، بوحدتها ... لا تعترف بأحد .......كما لم تكن تعترف يوما بفضل أحد عليها الكل خانها .......الكل نكل بها ......الكل هجرها...... الكل ظلمها لسانها كان سلاحا فتاكا في حروبها ....كم أطاحت برؤوس و أفشت من أسرار و أطلقت من إشاعات ، و ألفت من قصص كم جادلت بحق أو بغير حق ، وسحقت من يجادلها وأدخلته في متاهة الصدمة ، وأشعرته بالإحراج ......كان الجميع عندها في سلة واحدة ، إذا رضيت عن أحد اليوم كان سخطها عليه مدويا في الغد كما كانت اتهاماتها مضبوطة وبعناية مركزة ..... بعضهم جعلته مجرما ومتهما بالقتل...وأداة الجريمة الحسد طبعاً وبعضهم جعلته معتوها و عاقا وبعضهم جعلته عربيدا ....... تنصلت من الجميع ، و أشهرت سلاح مظلوميتها المطلقة ، ولسانها كان ذراعها الإعلامي الذي نافس البرافدا في عز عطاءها بعض من كان يعرفها كان يختبئ بمجرد رؤيتها بالشارع ، كانوا يخشون أن تطلق أعنة كلامها أمام المارة ، لتخرج الماضي كله الذي حفظته ذاكرتها وخزنته بالتفاصيل المملة أحيانا كان الاستماع لها متعة ، حين تبدأ في سرد أقاصيصها وحكاياتها الطريفة ، وبطولاتها اللسانية الظريفة ، حين تطبعها بسخرية قاسية ونظرة منتقدة جبارة ، تحطم المعني بها وتسحقه ، بكلمات فقط كانت تجيد فن الوصف ، ولم تكن تخطأ أبدا في الكنية والنعت والنسب ، فكم جرحت بنسب فلان وعلان وأخرجتهم من زمرة بني الإنسان ، ثم تعود لمدحهم والتبرؤ مما وصفتهم به بالأمس ، ثم تشطب كل ذلك في لحظة غضبها عنهم ، لتخرج مستورا جديدا يدينهم ، لم تبح به يوما لأحد كما تدعي . كانت ويكليكسا متحركا ، جامعا مانعا ....