(( لايستطيع الفنان أن يتصرف تصرفا كاملا في اختيار المواد التي يستخدمها، فهو مضطر إلى أن يأخذ في اعتباره طبيعة هذه المواد التي يستخدمها ، والى أن يتفهم عمله )) (( جان برتليمي )) (( علي نوري )) بسبب بداياته في التجريب أسلوبا جعل من أعماله تشابها كثيرا فيما بينها ، ولأنه ينفذ في نفس الفترة الزمنية بالتأكيد يعتمد على تشكيلات خطية في البداية ومن ثم ينتقل إلى أشكال كروية، ناهيك عن المثلثات أو الدوائر المضافة على جدران أعماله ونتاجاته الخزفية، في الواقع نجد أن معظم الفنون التطبيقية أو العملية قد اتجهت إلى التجريد الفني، والفنان يبذل جهدا كبيرا لكي يبرز عمله الفني وان يضيف عليه مسحة جمالية ، تسمح له في أن يتنقل بأجواء العمل كيفما يريد. فن الخزف اخذ يحدد الصلة كونه الفن الجميل ولكن السؤال هنا كيف تبرز مقولاته الجمالية؟ على الرغم من أننا نتمسك في الكثير من النتاجات الخزفية باستبعاد كونه فن استعمالي أو استخدامي ومن هذا نستطيع أن نقيم حدا فاصلا بين ماهو فنا خالصا وماهو فن نفعي ، ولان هناك تداخلا بين هاتيين الطائفتين من الكلام. استعرض تجربة جديدة من الخزف العراقي المعاصر والتي تكشف عن مدى وجمالية الأسلوب وطريقة الأداء الفني، ونصل إلى ضرورة التسليم بتأسيس فن خزفي يتخذ طابعا جماليا يمكن رصدها من خلال نتاجات الخزاف (( علي نوري )). وننطلق بعاملين مهمين هما (( المهارة الفنية )) و(( تقنيات الأداء )) تلك المقومات تعد مرتكزا أساسيا لان يكون فن الخزف ،يتناول فعاليات متنوعة حتى نبعده من الصفة الملازمة له واستطاع الخزاف هنا، أن تخضع أعماله إلى نظام علاقات منتظم ومتفاعل في تكوين لوني واحد، باستخدام اكاسيد بيضاء أو الاكاسيد التي تعطي بالنتيجة اللون الأسود، توزيع المشهد هنا يحتاج إلى عامل مهاري لأنه يتعامل بذهنية، تلخص فكرة تمثيل الصراع مع درجات الحرق العالية في الأفران، وهذا بالطبع ربما يفقد الكثير من مفردات المشاهد المصورة على القطعة الخزفية ولكن الخزاف هنا استطاع أن يستثمر سعة السطح التصويري، في تأليف عدد من الموضوعات والعامل الثاني هو السيطرة على علامات التفكك في أنظمة العلاقات الشكلية، والوصول إلى روابط توحد البنية الكلية لمواضيعه. الأسلوب المتبع هنا في أعمال الفنان(( علي نوري )) هو ليست الأسلوب التقليدي ولاسيما هو احد الطلبة المتميزين في هذا المجال ودرس على يد أعلام فن الخزف المعاصر في العراق (( سعد شاكر، محمد عريبي، ماهر السامرائي، تركي حسين، شنيار عبداللة )) وبدورهم تعاملوا معه وفق أسلوب متبع دون غيره ، لما يحمله من مواصفات جعلت من أعماله الأولية نقطة استفهام عندهم، كان يتعامل وفق مبدأ العفوية في رسم الأشكال بالرغم من اقتصاره للخبرة، وتغافل عدد من قواعد المنظور ، كنت ملازما له وجدته يقترب من التجريد، ويغفل التفاصيل ويعتمد على الخطوط الخارجية، كنوع من التبسيط وخصوصا في جدارياته الخزفية ، بعد اكتساب الخبرة اخذ يتعامل مع المفردة في الخزف كرموز كامنة ويحيلها إلى بنية الأفكار الاجتماعية بالإضافة إلى تنوع الموضوعات، بأشكالها التقريبية، اخذ يختزل مرة أخرى الكثير من التفاصيل الواقعية وفقا لمساحة وحجم المشهد الذي تحويه المساحة التصويرية . (( علي نوري )) بسبب بداياته في التجريب اتبع أسلوبا جعل من أعماله تشابها كثيرا فيما بينها ، ولأنه ينفذ في نفس الفترة الزمنية بالتأكيد يعتمد على تشكيلات خطية في البداية ومن ثم ينتقل إلى أشكال كروية، ناهيك عن المثلثات أو الدوائر المضافة على جدران أعماله ونتاجاته الخزفية، هذا بدوره ينعكس على التعيين والتشخيص الصعب الذي يلاقيه في إعداد المهارة أو الأداء التقني، ولكن وصوله إلى التجريدات في الشكل، هو البحث عن الجوهر يستغني عن التفاصيل، بالتأكيد يصل إلى عملية يكتفي فيها بالقول إن تناجاته الخزفية مثلت أو عملت ضمن دائرة التأشيرات الرمزية، المهم هنا هو التعيين للمفردة، وتجريدها وتكرارها في فن الخزف ممكن لأنها تبتعد عن دورها الوظيفي أو ألاستخدامي وهذا هو المطلوب، لكي نبعد فن الخزف عن هذه الحالة يجب التعامل معه وفق تكوينات أكثر أهمية وأكثر فاعلية ونصل به إلى مستوى جمالي ومن ثم القراءة الفنية بلغة المعنى ، ونبتعد عن حالات عدم الترابط في أجزاء النتاج وضمن حدود المشهد البصري. أعمال الخزاف تهيمن عليها الوحدة الكلية ، وأنت لم تشاهد تعددية بالمفردات ولم اقصد التكرار هنا ولكن الاختلاف والتباين واضح في أعماله وبهذا يؤكد الأهمية من خلال التلاعب بمشاهد تكوينية غير مكررة،وموضوع خلق المزاوجة هنا غير مجدي لديه حتى لايقع في فخ التقليد لينفرد الخزاف (( ماهر السامرائي )) بهذه التقنية عندما يزاوج الشكل الخزفي بأكثر من خامة ويعتمد نفس أسلوب حرق الطين . هذه الذهنية التي تعامل معها الخزاف هي ليست موضع تجريب وإنما إضافة المفردات بصورة نظامية مطلوبة ، لكي تستطيع أن تعطي القدرة على الإبلاغ لابد من فك التكوينات المغلقة، في فن الرسم ممكن والحالة هنا نظامية كونه يعمل بتقنية النظام ذي البعدين في فن الخزف يعمل بنظام البعد الثالث ينمي قوة الإبلاغ في دائرة من التوقفات وهنا استثمر الخزاف في غالبية أعماله عندما عمل وحدات مشتركة وليست مكررة لكي يجد لنتاجه أعلى قيمة للإبلاغ يواجه فيها المتلقي ،التفاعل الرمزي مابين الألوان الاوكسيدية عمل بجدارة، وتضايف مع مكان المفردة بتقنية عالية، ومكان وجوده هو الآخر أعطى نتاجاته نوعا من الإنشاء المفتوح المرتبط بعلاقات بنائية لم تكن شكلية فقط وإنما تعدت إلى أن تقيم لوحدها حالة توازن بين الحركة والسكون ، وكلها خضعت إلى نظام صارم اعتمده الخزاف في أن يجعل هذه الألوان وحدة واحدة بالرغم من اختلاف موجاتها الطولية .