افتتحت الدورة السابعة عشر لمهرجان السينما الإفريقية بمدينة خريبكة بالمغرب يوم السبت 14 يونيو 2014 بالمركب الثقافي، وقد أشار السيد نور الدين الصايل في حفل الافتتاح وفي كلمة قصيرة وبليغة بمناسبة تقديم سينما الضيف قائلا "ان الشعوب التي تنتج الأفلام هي الشعوب التي تنتج الدمقراطية" كما أشار الى ان مستقبل المغرب هو الإنتاج الثقافي والسينمائي على الخصوص كما ذكر في بداية كلمته هذه الى ان السينما ممكنة شاكرا في نفس الوقت الطاقم الدبلوماسي الايفواري بالمغرب، وخاصة الملحق الثقافي في السفارة بالمغرب والذي القى كلمة منوها فيها بالعلاقة المتينة بين البلدين سياسيا وثقافيا وخاصة السينما. وبالمناسبة تم تقديم لجنة التحكيم ذات التخصصات المتنوعة بين الكتابة والصحافة والإنتاج، والتي يرأسها مخرج الفيلم المعروض في الافتتاح تيميتي باسوري، وقد سبق له أن ترأس لجنة التحكيم في الدورة العاشرة لمهرجان الفيلم الوطني بمدينة طنجة سنة 2010. وعضوية كل من كارولين لوكاردي المنتجة الإيطالية والتي تجمع بين السينما والحقوق. والممثلة والمخرجة البينينية الشابة ساندرا أدجاهو العاملة في السينما والتلفزيون ويعتبر فيلم "اه يا حياة" اَخر افلامها لسنة 2006. ومن المغرب رشيدة السعدي التي انتقلت من التصوير إلى الإنتاج، حيث اشتغلت مع المخرجين كحسن بنجلون وسلمى بركاش وغيرهم من الرواد والشباب. وعمر سليم الكاتب والصحفي ذو تجربة عميقة في الإعلام السمعي البصري. بالإضافة إلى السينغالي هوكيز دياز المتخصص في إدارة المقاولات الثقافية والتنشيط الثقافي. والكاميروني باسيك إميل الكاتب والسينمائي ذو الرصيد الغني النقدي والفيلمي. ستقدم هذه اللجنة تسع جوائز من ثاني دور رجالي ونسائي إلى الجائزة الكبرى عصمان صامبين وقدرها مائة ألف درهم. وهي الخاصة بأحدث الأفلام الإفريقية الروائية الطويلة المنتجة ابداءا من سنة 2013. وتتنافس حول الجوائز الثمانية 14 فيلما من دول افريقية قد تحتار اللجنة في اختيار فيلم الجائزة الكبرى خصوصا ان المغرب يشارك بفيلمين قويين كتابة واخراجا كما يشارك الفيلم التونسي "نسمة الليل" للمخرج حميدة الباهي والتشادي محمد صرح هارون بفيلم "كري كري" والاثيوبي ستيفان جزير المدرس والمخرج والسيناريست صاحب "افاق جميلة". ولا ننسى الفيلم المغربي الذي حصل بالمهرجان الوطني للفيلم المغربي بطنجة على الجائزة الكبرى وهو فيلم "الصوت الخفي" لكمال كمال ثم المخرج جويل كاريكزي الذي اخرج فيلمه القصير "العفو" وحوله فيما بعد الى فيلم طويل يشارك به في هذه الدورة. وتتابع اللجنة للمخرجة المصرية أيتن أمين فيلم "فيلا 69" حيث تجري أحداث الفيلم لمعالجة موضوع العزلة وانقلاب الحياة بالتواصل مع الاخر. هي أفلام مثيرة لقضايا ومواضيع الثقافة الافريقية حيث العلاقة بين الحداثة والتقليد بين الأجيال بين الفرق الرياضية ... لكن بلغة سينمائية ستكشف عن جدارتها لجنة التحكيم المهرجان ولجنة تحكيم دون كيشوط، عن الجامعة الوطنية للأندية السينمائية بالمغرب تحت رئاسة أحمد سلم، وعضوية كل من بوبكر الحيحي ومحمد الفضيل وهم أعضاء بهذه الجامعة التي أسست المهرجان سنة 1977 بقيادة الأستاذ نور الدين الصايل وبدعم مادي ومالي مستمر من المكتب الشريف للفوسفاط ومؤسسات أخرى. وكما هي عادته فإن مهرجان السينما الإفريقية ينظم ورشات تكوينية حول تقنيات السينما والخاصة بالراغبين في ذلك من الوطن. تهدف إلى تنمية قدرات وكفايات المستفيدين في مجال التعبير السينمائي من السيناريو إلى التصوير والإخراج. واختارت هذه السنة تسع ورشات وهي إدارة الممثل من تأطير توفيق حماني وكتابة السيناريو للسيناريست محمد عريوس ثم ورشة من السيناريو الى الصورة لعبد المجيد سداتي وإدارة التصوير لفاضل شويكة ثم المونتاج الرقمي للطيفة نمير ثم المؤطرة إحسان بودريك، كما يؤطر المخرج محمد زين الدين ورشة إدارة الممثل كذلك، أما إدارة التصوير فمن طرف عبد الكريم الدرقاوي في يقوم الأستاذ الباحث يوسف ايت همو والقادم من مراكش بتأطير ورشة السيناريو. وقد ساهمت هذه الورشات في دعم السينمائيين الهواة والشباب ليحصل عدد منهم على جوائز مهمة في عدد من المهرجانات. السينما الضيف اختار المهرجان هذه السينما لكونها تجربة فتية لكنها وبفضل مجهودات السينمائيين والدولة تسير بخطى واعدة لتحقيق التواصل مع جمهور الفيلم السينمائي والذي انتقل الى مشاهدة غير سينمائية عبر الفيديو بأشكاله. وأشار كرامو لنسيني فاديكا الى ان السينما الافوارية وبالرغم من مشاكلها كالبنية والتنظيم ستسير الى الامام لان الفن السابع لازال أكثر دينامية من غيره لهذا فنحن يضيف السينمائي والكاتب في حاجة إلى قوانين، إلى تشجيع الشباب للعودة الى القاعات لتتصالح السينما مع جمهورها .... أما السينمائيين الإيفواريين فهم يقومون بما يجب أن يقوموا به في إطار اختصاصهم ليس إلا. اختارت هذه الدورة توسيع دائرة المشاهدة السينمائية لتعم أكبر عدد من الجمهور الخريبكي. فبالإضافة الى فضاء المركب الثقافي المخصص لأفلام المسابقة الرسمية وافلام الدولة الضيف. يتمكن الجمهور من متابعة الأفلام في الساحة العمومية والمؤسسة الإصلاحية وغيرها حيث متعة المشاهدة لأفلام متميزة وجديدة مثل فيلم "تاونزا" للمخرجة مليكة المنوك في أول تجربة سينمائية طويلة راصدة الثرات الثقافي الأمازيغي العريق من خلال قصة حب تتحدى التقاليد وتبني علاقات جديدة مع الذات. وفيلم "الطريق إلى كابول" لإبراهيم شكيري والذي حطم رقما قياسيا في البوكس اوفيس المغربي وفيلم "زينب، زهرة اغمات" للمخرجة ذات الاهتمام بالتراث الثقافي فريدة بورقية لتحكي عن دور المرأة في صناعة التاريخ. ثم فيلم "سارة" لسعيد الناصري و"القمر الأحمر" لحسن بنجلون عن حياة الموسيقار عبد السلام عامر. وفيلم "هم الكلاب" للمخرج الشاب هشام العسري الذي حصل بطله حسن باديدة على جائزة أحسن دور اول رجالي بمدينة طنجة مؤخرا في المهرجان الوطني للفيلم. وهو يربط بين تاريخين من خلال متابعة فريق تلفزيوني لمجهول يكشف لنا التاريخين المذكورين. ولعل هذه الأفلام تجعل الجمهور بمدينة خريبكة بتابع عن كثب الأفلام الجديدة بالرغم من شبه غياب للقاعات السينمائية ذات المواصفات الدولية للعرض السينمائي. هذا وتشتغل الندوة الرئيسية على تيمة العلاقة بين الدولة والسينما مجيبة على أسئلة من طينة: ما الخدمات التي تقدمها السينما للبلاد في ظل هيمنة الصورة على العالم اليوم على اعتبار ان من يتحكم في الصورة يتحكم في العالم. وبالتالي ماذا على الدولة ان تقدمه للسينما هل يكفي الدعم كما هو حاصل في المغرب للرفع من عدد الأفلام؟ ام ان تقوم ببناء القاعات السينمائية؟ ام ان تشجع الفعل السينمائي بفتح الباب امام المبادرات المهمة التي تقدم الخدمة الثقافية للبلاد؟ أم أن تترك الفاعل السينمائي يشتغل ويبدع من أجل بناء وطن ديموقراطي؟ وما دور المراكز السينمائية بالقارة على مستوى الصناعة والإنتاج والعرض؟ ما حدود هذه المؤسسة في تطوير القطاع السينمائي بالقارة والمغرب ضمنها؟ كعادته لن ينام المهرجانيون وعشاق السينما ليلتهم كاملة بل يستغلون فرصة المهرجان لتواصوا مع الفن السابع ام بعرض أفلام خاصة او بتناول مواضيع تهم السينما. وفي هذا السياق اختارت الدورة عرض فيلم يسائل السينما المغربية من خلال رؤية دقيقة لسينمائيين حول واقع سينمانا في فيلم نور الدين لخماري القصير "BLACK SCREEN" سيناريو نادية لاركيط زوجة نور الدين الصايل وإنتاج يوسف بريطل وثمثيل جماعة من السينمائيين ممثلين مخرجين تقنيين منهم نور الدين الصايل الذي لم ينطق بكلمة واحدة اختاره المخرج في نهاية الفيلم كان يكتب في المكتب ليقوم حاملا كتابه مغادرا المكان بكل هدوء دون ان يعطي رأيه في السينما المغربية كما فعل كل من صورتهم كاميرا نور الدين. وستكون الفرصة امام المهرجانيين لمساءلة واقع السينما الافوارية كتجربة انطلقت في السنوات الأخيرة رسميا كما انطلقت على يد مخرجين كبار منذ عشرات السنين. عرض لتجربة وإمكانية التطوير ذاتيا وبالتعاون جنوب جنوب. إلى جانب ذلك ستكون الفرصة متاحة للتمتع بتجربة سينمائية مغربية (عرض أفلامه) لمخرج شاب تمكن من الانطلاق عبر الأفلام القصيرة الحاصدة لجوائز أينما عرضت. إنها تجربة محمد مفتكر السينمائي المغربي صاحب الفيلم الطويل "البراق" الحاصل على الجائزة الكبرى بدورة 2010 لمهرجان السينما الافريقية. كيف تمكن هذا المخرج من تحقيق تجربته الغنية والمتميزة؟ لا تنج الأفلام المشاركة في المسابقة الرسمية من النقاش صبيحة كل يوم حيث يتقدم فريق الفيلم لفتح حوار مع المهرجانيين من سينمائيين ونقاد وصحافيين وغيرهم. ومن خلال ذلك نكتشف الأوضاع الخاصة بكل بلد وما تفرزه الأوضاع السياسية والاجتماعية من إنتاج سينمائي في هذا البلد أو ذاك. يسير الجلسات الصباحية نقاد سينمائيون وباحثون ليتمكن الجمهور من القراءة الدقيقة للفيلم الإفريقي الذي ستميز بخصوصياته الثقافية والسياسية والاجتماعية.