صَفير يوقظ الأنا =========== في صباحٍ دخاني يبتلع نشاط الصائمين بدياجيره ويرجو المزيد، كان يتزعّم شُرطة السّير كعادته في ذلك المفترق الأعنف اكتظاظاً في بغداد، حينما صفّر هاتفه المتحرك وجاءه صوت ابنته وهي تشكو تخلفها عن إدراك موعد تأدية اختبارها الجامعي بعد أن عَلِقت سيارتها بشِباك ذلك الزحام وعجزت عن المضي إلى ما هو أبعد من ذلك. ترجّل عن سيارته النائمة بهمّة عالية وصفّر من كل منفذ في بدنه، ملّوحاً بيديه ورأسه وقدميه ليفكك تلك الأنشوطة المجدولة!. حتى مرّت بجانبه وهي تُحييه بفخر على مرأى من زميلاتها. وتحت تأثير شهوة العادة، آل إلى مقعد سيارته ليعانق غفوته من جديد وينعزل عن الواقع الذي لم يعُد يستمع إلى غليان أنينه بعد أن أغلق النافذة! فَناء الزاجل ======= بعد أن أتمّ قراءة كتاب(فِرار الرسائل بين طُرق القبائل)، تحسّرت دموعه وحاصرته أشواقه لعقودٍ عفيفةٍ خَلَت، وراح يُحرر خِطاب عشقٍ محموم، ناجت فيه حروفه التوّاقة حباً تُحيط دورة رأسه هالة قدسية وحيث كان روّاده أول من وطأت أقدامهم حِصن قلبه، لم يغب عن خاطره أن يُمْهُر الرسالة بعنوانِ مسكنه قبل إيداعها قارورة مُحكمة الغلق ألقى بها من شرفة منزله المُطلّة على دجلة وهو يَتلو آيات الحُرقة مصحوبة بندم عاقبة جُبن خجله العقيم، سَخر من نفسه وهو يودّعها بأمل قانط يرجو وصولها إلى ضفاف حبيبته المفقودة، فراحت تنساب تُكافح ما يكتنفها من تيه. تلقى في اليوم التالي على بريده الالكتروني رسالة عابرة من فتاة ٍناريةٍ تَزْعم أن اسمها كولينا، تدعوهُ لمعاينة هيئتها العنكبوتية العارية! هُتاف القرود! ========== كلفته شجاعته جراحاً ثخينة في صراعه مع ذلك الشاب المتمرس المبهور بقوته، وهو الكهل الذي لم يكن له من سبيلٍ للحصول على المال اللازم لبناء دار الكتب في تلك القرية اللاهية بالغناء عن أمجادٍ حلّ بها السوس، سوى الفوز بجائزة تلك المباراة التي تعوّد إقامتها بعض الشبان من أصحاب الأخلاق الشرسة. ورغم أن خصمه قد انتزع حماسة الجمهور ورهانهم منذ البداية، لكنه استجمع قواه، وراح يصلي خصمه ناراً حامية من الضربات أفقدته الوعي وقادته إلى الترنح والسقوط. أما الجمهور الميت، على الرغم من مظهره النابض بالحياة، فقد انسحب خائباً حانقاً يشكو سوء الحظ!!.