أوصدت في البداية امرأة تجاوزت الأربعينات من العمر الباب في وجه»الأيام»، رافضة أن تفتح الجرح، أن تنفض غبار الكوكايين الذي يخترق أنفها، دماغها، قبل شرايينها. لم تكن أسئلتنا تعنيها في شيء، ولا دعوتنا تهمها لنفث سموم المادة البيضاء التي حاولت التخلص منها ابنة الوزير والمستشارالسابق للحسن الثاني في المصحات الخاصة بسويسرا، قبل أن تعاودها النوبات ويقودها البحث عن جرام من الكوكايين إلى شبكة المرأة الحديدية.. "" لكن، رغم تعثر دارجتها التي عادة ما تضيع وسط اللغة الفرنسية، قبلت مريم بنجلون لعبة السين والجيم، بعد أن اتفقنا على أن البوح قد يقدم درسا للعديد من الشبان والشابات المهددات بالسقوط في فخ الكوكايين، وأن ابنة وزير الأنباء الأسبق ومستشار الحسن الثاني، «بنت الفشوش» كما اعترف بذلك والدها، قد تنجح في إعطاء صورة أخرى غير تلك التي ترسخت في ذاكرة المغاربة. دهست شرطية مرور في دجنبر2003، في ملتقى زنقة باتريس لومومبا وعنابة، الشيء الذي أدى إلى كسور مزدوجة في رجل وذراع امرأة أصر الجنرال العنيكري على زيارتها في المستشفى، بعد توصله بتعليمات سامية، ولم ينقذ الشرطية من عطب محقق وإعاقة دائمة إلا عملية مستعجلة بالمستشفى العسكري، وتوبعت على إثرها نجلة الوزير والمستشار السابق للحسن الثاني بتهم الضرب والجرح بواسطة ناقلة ذات محرك، وعدم تقديم أوراق السيارة، وعدم الإمتثال والاعتداء على موظف أثناء أداء عمله، وإهانة المقدسات وأدينت بثمانية أشهر سجنا نافذة، قبل أن يشملها محمد السادس بعفو ملكي أثار حينها الكثير من الجدل. وفي غشت 2007 وصفتها بعض الجرائد بالمرأة الحديدية التي تتمتع ولبنى «الشينوية» بنفوذ واسع جعلهما يتحكمان في دواليب الأمن بالعاصمة الرباط، قبل أن يطوى ملف على قدر كبير من الحساسية وتختفي لبنى من تمارة في ضيافة رجالات عبد اللطيف الحموشي، ويتبخر اسمها من أرشيف الإدارة العامة للأمن الوطني، وكأنها امرأة وهمية. تتنقل اليوم بكثير من الحذر في حي الرياض بالعاصمة، خوفا من أن تطالها عدسات الصحافيين في ملف أثير فيه اسم مفيد، والي أمن الرباط، والسامل، مدير الموارد البشرية، قبل أن تكذب وكالة الأنباء الرسمية ما تسرب من الإدارة العامة للأمن الوطني عن تورط المسؤولين الأمنيين في شبكة الكوكايين والدعارة الراقية وإعفائهما من منصبهما. بدت ابنة وزير الأنباء وممثل الإدعاء العام الشهيرخلال محاكمات سنوات الرصاص عصبية، لا تزيدها أسئلة «الأيام» إلا توترا، وسرعان ما تسترجع ابتسامتها وهي تطوق ابنتها وعينها على والدها، محامي الدليمي الذي قضى ما يزيد عن سنة في باريس لطرد تهمة تورط خريج المدرسة الأوفقيرية في اغتيال المهدي بنبركة، قبل أن ينتزع من المحكمة الباريسية براءته! في أول استجواب لها ولوالدها، تتحدث مريم بنجلون عن حكاية تبنيها من طرف خالتها حبيبة المرنيسي سليلة الباشا المرنيسي وصديقة الأسرة العلوية المالكة، عن يومياتها بسجن الزاكي، عن الطريقة التي جرت العادة أن تحصل بواسطتها على جرام من الكوكايين، وعن جزء من خبايا ابنة وزير ومستشار ملك لبست لبوس المرأة الحديدية.. من تكون مريم بنجلون؟ كيف يمكنك أن تقدمي نفسك؟ مريم بنجلون لا تختلف في شيء عن باقي النساء، ولدت في الرباط،غادرت مبكرا صفوف الدراسة، بعدما تزوجت عن سن 17 سنة، دام الزواج خمس سنوات، كنت حينها قد أنجبت ابنتي الأولى، وسرعان ما تزوجت من جديد وأنجبت ابنتي الصغرى من الزوج الثاني، وطيلة هذه الفترة سهرت على تربية ابنتي، والحمد لله ابنتي البكر حصلت على الدكتوراه في العلاقات الدولية والثانية الآن تواصل دراستها في الجامعة. للأسف، سقطت صريعة الإدمان، أستهلك الكوكايين، مثلما يحدث مع الجميع الذين يسقطون في الفخ لأول مرة ويستعصي عليهم الخروج من هذه الدوامة، 99 بالمائة من المغاربة ضحية الإدمان. كان قدري أن أدخل السجن في المرة الأولى على يد شرطية نشب بيني وبينها شجار. 99 بالمائة! من أين حصلت على هذا الرقم؟ هذه هي الحقيقة، 99 بالمائة من المدمنين عجزوا عن الخروج من دوامة الإدمان، رغم محاولاتهم المتتالية للإقلاع عن ذلك! أتذكر البدايات، حينما اكتشفت أنني لم أعد أقاوم سحرالمادة البيضاء السامة، بعثني والدي إلى سويسرا طلبا للعلاج، وبالفعل كنت قد تماثلت للشفاء، وخضعت لحصص أعطت مفعولها الإيجابي على حياتي. بعدها عدت إلى المغرب، لكن بمجرد ما أدى المشكل الذي وقع مع الشرطية إلى دخولي السجن، بدأت تنتابني النوبة بين الفينة والأخرى، وهكذا سقطت من جديد تحت تأثير الكوكايين. قبل الحديث عن هذه القضية، هل صحيح ما يقال على أنك لست نجلة وزير الإعلام جينيا، وإنما ابنته بالتبني؟ بالفعل، لم يكن بإمكان خالتي الحصول على أبناء، وبما أن أختها التي هي أمي الأصلية كانت تنجب، فقد منحتني بعد 15 يوما من ولادتي لخالتي وزوجها اللذين تبنياني ووضعاني في الحالة المدنية، لقد ترعرعت وسط والدين رائعين، وبالنسبة لي أمي هي التي ربتني وأبي هو هذا الذي تبناني، أما أمي الأصلية التي أكن لها الكثير من مشاعر الحب والحنان فقد كنت ومازلت أناديها ب"طاطا"، وعمي الذي لطالما ناديته بهذه الصفة، قبل وفاته رحمة الله عليه، كان أبي في الحقيقة. كيف تقبلت أنك متبناة وكيف تربيت في كنف وزير؟ لم أعرف بالأمر إلا حينما بلغت من العمر 18 سنة، عشت حياة خاصة بكل المقاييس، كنت باستمرار في القصرالذي تربيت فيه، عشت قريبة من الأمراء والأميرات، بحكم أنهم كانوا أصدقاء الطفولة، لم أدرس معهم في المدرسة المولوية، لكن روابط الصداقة كانت ومازالت تجمعني بالأميرات والأمراء، من موقعي كابنة للوزير. لكن، هل يكفي أن تكوني ابنة وزير كي لا تبرحين القصر وتقضين معظم الأوقات مع الأمراء والأميرات، كما تؤكدين؟ والدتي زوجة مجيد بنجلون، ليست إلا حبيبة المرنيسي ابنة الباشا المرنيسي الذي كان له الكثير من السلطة والجاه، وهي نجلة الباشا، وليس سرا أنها بنت دار المخزن وزوجة مجيد بنجلون الوزير والمستشار ورجل ثقة الملك الراحل الحسن الثاني. من من الأمراء والأميرات جمعتك بهم علاقة صداقة؟ كل بنات الملك الراحل الحسن الثاني، بما في ذلك ولي العهد جلالة الملك محمد السادس، مازلت أتذكر هوايات الطفولة التي جمعت بيننا بصفتي ابنة للوزير ومن موقعهم كأمراء وأميرات، من الفروسية إلى التزحلق على الجليد.. وهي روابط الصداقة التي مكنتني من الاستفادة من تربية حسنة، على عكس ما يقال أو يمكن أن يقال، فالكثير مما تكتبه عني الصحف، لا أساس له من الصحة. بما في ذلك إصابتك للشرطية بكسور بليغة في رجلها؟ لقد كتبوا بأنني صفعتها، وهذا ليس صحيحا، أنا لم أنزل من السيارة، إلا لكي أقول لها وبالحرف بأنه ليس من حقها أن تضرب المرآة الأمامية لسيارتي، الشيء الذي أدى إلى كسرها، وما زلت أذكر جملتها الإستفزازية التي ردت علي بها"أنت خاصك الرجال اللي يتفاهموا معاك، ماشي العيالات" لقد كنت يومها في طريقي إلى زنقة "باتريس لوبومبا" التي جرت العادة أن يمر منها الرباطيون. لكن، بغض النظر عن العادة، هل كان ثمة علامة تؤكد أن زنقة "باتريس لوبومبا" ممنوع المرور منها أم لا؟ بالفعل، لكن العلامة موضوع سؤالك لم تكن ظاهرة كما ينبغي، بحيث جرت العادة ألا يلمحها السائقون، إلا بعد عبورهم الزقاق، والدليل على ذلك أنه بعد وقوع الحادثة واعتقالي في السجن، تم تجديد العلامة بشكل ظاهر، ومع ما يكفي من الطلاء. ما زلت أتذكر ذلك اليوم بكل تفاصيله، كانت الشتاء تمطر بغزارة، وأنا أنصت إلى نغمات الموسيقى، ربما نادت علي الشرطية ولم أسمعها، لهذا أوقفتني وسط الطريق والصفارة في فمها، قبل أن تصرخ في وجهي وهي تكسر المرآة الأمامية لسيارتي بأعلى قوتها، فدار بيني وبينها الحوار التالي: الشرطية: آ وقفي وقفي! فين هاربة، مكتسمعيش! أنا :"أختي الشتاء والموسيقى راه مسمعتكش" الشرطية: "ممنوع الدوران" أنا: "ماكين مشكل أنا موالفا كندور، ومع ذلك واخا هكاك غادي ندير مارشاريار"... الشرطية: "أنت خاصك الرجال اللي يتفاهموا معاك، ماشي العيالات" أنا: "حتى أنا غادي نجيب لك الرجال اللي يتفاهموا معك"... فجأة، اجتمع حشد كبير من الناس حولي وطوقوا سيارتي، لقد كتبت بعض الجرائد أنني دستها على بعد عشرة أمتار! أريد أن أعرف بأية سرعة يمكن أن تنطلق السيارة، حينما يكون حول سائقها عشرات الأشخاص، بالإضافة إلى شرطية.. ولكن رجلها كسرت وهذه حقيقة لا يمكن نفيها؟ لا أنكر ذلك بطبيعة الحال، لكن حسب الخبرة التي أجريت أكدت بما لا يدع مجالا للشك أن أثر الكسور التي كانت على رجل الشرطية، لا يمكن أن تكون نتيجة صدمة سيارة تمشي بسرعة جنونية. لقد حاولت أن أغادر المكان، ولهذا قمت بخطوة بسيطة باتجاه الخلف، في الوقت الذي كانت فيه الشرطية قريبة من المرآة الخلفية العاكسة، وفي اعتقادي وهي تحاول تفادي السيارة وهي في طريقها إلى الخلف، أصيبت رجلها بالتواء نتيجة حركة غير محسوبة، أدت إلى سقوطها على الطوار، الشيء الذي أدى إلى الكسور. المهم حكم علي بالحبس لمدة ثمانية أشهر حبسا، قضيت خلالها شهرين وعشر أيام، قبل أن أستأنف الحكم ويعفي عني جلالته. كيف حصلت على العفو؟ "العفو جا من عند الله" حكمت علي المحكمة ب 8 أشهر، بكيت بحرقة، شعرت بالظلم لأنني لم أرتكب أي ذنب، أنا لم أتعمد ما حصل، خصوصا وأن بعض الأشخاص حاولوا أن يصطادوا في الماء العكر، في محاولات منهم لإعطاء ملفي هالة أكبر، حيث فوجئت بتحول قضيتي من حادثة سير إلى مس بالمقدسات، حينما حضر شخصان إلى المحكمة وأقسما أغلظ الإيمان أنهما سمعاني بأذنيهما وأنا أسيء إلى ملك البلاد بعبارات نابية وأنا أتشاجر مع الشرطية! إنه الجنون بعينه! كيف يعقل أن أكشف لهم عن هويتي، أن أقدم نفسي كابنة لوزير سابق خدم إلى جانب الجالس على العرش، وأن أسيء إليه في نفس الوقت؟هذا ما لا يقبله لا العقل ولا المنطق. قضيت شهرين وعشرة أيام، بعالم غريب علي، يحمل من الأسماء الزاكي، عشت خلالها لحظات عصيبة، وقد كان من الصعب علي القبول بتواجدي في مكان أعتقد أنه ما كان ينبغي لي أن أكون فيه. هل يتصور أحد أنني على هذه الدرجة من الجنون، أنني استيقظت ذات صباح وقررت أن أخرق قانون السير وإصابة شرطية كي يكون مصيري السجن. واهم من يعتقد أنني مجنونة. قد لا تكونين مجنونة أو سادية، لكنك في نظر الكثير من المغاربة ابنة الوزير التي ولدت وفي فمها ملعقة من ذهب "بنت الفشوش" التي اعتادت أن تحصل على كل ما تريد، بما في ذلك أن تكسر رجل شرطية طلبت منها تطبيق القانون. (تقاطع) قد أكون "بنت الفشوش" كما تقولين، لكنني لست سيئة كما يمكن أن يحتفظ عني بصورة لاتعكس لا طيبوبتي ولا حقيقتي. هل كنت في زنزانة انفرادية؟ لا، كل ما هنالك أن عائلتي كانت تزورني كل يوم، ككل السجناء كنت بخير، أنا واحدة من أبناء الشعب، أتألم لآلامهم، في السجن استطعت أن أحقق الكثير من رغبات السجينات، لقد أمنت لجميعهن الأكل والشراب واللباس أيضا، حتى السجينات الحوامل منهن وفرت لمواليدهن الجدد كل ما يحتاجونه من الأدوية، والحفاظات، أنا طيبة رغم ما يقال عني، وبالرغم من الأخطاء التي ارتكبتها في حياتي، ترعرعت في وسط لا يستغلب الضعفاء. ولكن، ألا تعترفين بأنه لو لم تخرقي قانون السير، ما كان سيقع هذا الذي وقع؟ بالفعل ، صحيح حتى وإن كانت علامات ممنوع المرور غير واضحة، لكنني أعترف أنني ارتكبت خطأ، لكنني أقسم بالله العلي العظيم أنني لم أتعمد إيداء أي أحد، ولكن هذا قدري. ما حكاية اعتقالك في ملف انتقل من الترويج للمخدرات والقوادة وإعداد وكر للدعارة على صفحات الجرائد إلى استهلاك المادة البيضاء؟ في الحقيقة، استيقظت صباح الثامن من شهر غشت المنصرم لا ألوي على شيء، قلت مع نفسي ما الذي يمكن أن أفعله هذا اليوم الذي لم تكن فيه برامجي واضحة المعالم، وفجأة فكرت في الاتصال بشخص أعرف أنه يمكن أن يؤمن لي الحصول بسهولة على جرام من الكوكايين، هكذا ركبت الرقم، وعلى هذا الأساس اتصل بدوره بأحد الموزعين الذي ضرب لنا موعدا أمام السوق الممتاز بحي النهضة، وبالضبط أمام أحد بائعي الخضار المجاور للسوق. هكذا انتقلنا إلى عين المكان، حيث وجدنا بانتظارنا شخصا لم يكن إلا أحد المعتقلين على الأقل منذ 48 ساعة الذي طلب منه في ضيافة الشرطة أن يترك هاتفه شغالا وأن يستجيب للمتصلين به، بل وأن يوجههم باتجاه المكان الذي سبق وأن أشرت إليه، ومن سوء حظي أن أكون أنا واحدة من اللواتي كن في حاجة إلى خدماته، بحكم أنه أحد المزودين للسوق الرباطي بالكوكايين. كنت ومرافقي ننتظر، حينما طوقتنا السيارات من كل جانب. كبلونا بالأصفاد، وبمجرد ما فتحت فمي للاستفسار، حتى باغتوني بوابل من السب والشتم أستحيي من ذكر كل ما جاء فيه"طلعي لدين مك" سألت الشرطي بزي مدني الذي كان يجرني والأصفاد في يدي كما تجر الشاة: لماذا تكبلونني؟ ولماذا تقتادونني إلى الكوميسارية؟ فكان رده:"طلعي وسدي فمك وسدي الباب" كيف يطلب مني أن أقفل الباب وأنا مصفدة؟ هذه ورطة ضمن أخرى لا يمكن أن يسقط فيها إلا الذين وقعوا بين يدي المحققين المغاربة! حتى حينما رجوته أن يفسر لي ما الخطب: واجهني وهو يلوح بيديه مهددا إياي بالصفع:"حيدي لدين مك علي يديك أنا على وضوء" وسرعان ما تسمر في مكانه حينما أجبته: "أنا أيضا أصلي" لقد ظل يتحاشاني عنوة. هل جرت العادة أن تتنقلي للبحث عن الكوكايين بنفسك؟ بطبيعة الحال يمكن الحصول عليه بطريقة أخرى، كان بإمكاني أن أكلف شخصا ما للقيام بهذه المهمة بالنيابة عني، كما يجري في الكثير من الأحيان، لكنني يومها قررت ن أطرد الملل وأتنقل للبحث عنه بمرافقة الشخص الذي كان يمكن أن يجلبه لي، "الشيطان الله ينعلو وصافي".. هل قلت لهم أنك ابنة الوزير؟ لا، لم أفعل منذ البداية، لقد تشتتت أفكاري.. طيب، من المؤكد أنهم سألوك عن لبنى "الشينوية"، ما الذي قلتيه لهم عنها؟ أقسم أنه لم يسبق لي أن سمعت عن هذه "الشينوية"، إلا عندما دخلت السجن، عندما أخبرتني أمي في إحدى زياراتها بأنهم يتحدثون عن شبكة لترويج الكوكايين وعن إمرأة حديدية يسمونها "الشينوية"، ولم يسبق لي أن رأيت وجه هذه المرأة، مع العلم أنني أسمع عن بعض المروجين في الرباط، لكن بالنسبة لهذا الاسم لم يسبق لي أن صادفته، أنا شخصيا أتساءل عمن تكون؟ وكم أتمنى أن ألتقيها وأن أتواجه وإياها كي تجيبني عن سؤال وحيد: هل سبق لها أن تعاملت مع مريم بنجلون ؟ وهل تعرفني أم لا؟ أين هي هذه الشينوية؟حسب إحدى اليوميات الناطقة بالفرنسية، هي الآن حرة طليقة، بعدما تم الاستماع إليها. ألم تعتقل معك أي إمرأة بعينين صغيرتين، فيها شيء من ملامح الآسيويات؟ لا، كنت أنا وشخصان، الأول مسكين لا علاقة له بالموضوع، وكل ذنبه أنني أيقظته من النوم يومها كي يرافقني إلى حيث أريد الحصول على الكوكايين، دون أن يكون على اطلاع بتفاصيل اللقاء، أما المعتقل الثاني فقد كان المزود بالتقسيط، بالإضافة إلى المزود بالجملة الذي يحصل منه المزود بالتقسيط على المخدر. لقد اعتقدوا في السجن وأنا أحدثهم أنني المرأة الحديدية التي قرأوا عنها في الصحف، لاسيما حارسات السجن. ماذا تفعلين في حياتك؟أنت الآن في نظر الكثير من المغاربة ابنة وزير سبق لها أن استفادت من عفو ملكي وهي اليوم تتاجر في الكوكايين وفي تهجير المغربيات إلى الإمارات، وقد كان الاسم والمنصب السابق لوالدها كافيا كي يتستر على أفعالها.. (تقاطع) لكم أشعر بالخجل، بالعاروبالخزي! أن يقال عني أنني أمارس القوادة، هل أنا في حاجة إلى ذلك؟ الجميع يعلم أن كل ما أقوم به منذ استيقاظي متأخرا هو مشاهدة الأفلام، ركوب الخيل بحكم أنني مولعة بالفروسية، وسرعان ما أعود إلى بيت والدي الذي مازلت مستقرة فيه لحد الآن، مع والدي وأمي وابن عمي، كيف يمكنني أن أحيي مثل هذه السهرات وأنا وسط أفراد أسرتي؟! لم يسبق لي أن سافرت إلى الإمارات، والمرة الوحيدة التي انتقلت فيها إلى دولة عربية غير المغرب كانت هي المملكة العربية السعودية لأداء مناسك العمرة مع والدتي، منذ ست سنوات، لم تزد إقامتنا فيها عن العشرة أيام الأخيرة من رمضان. أنا أفضل أن لا أتنقل كثيرا إلى الدول العربية، بحكم أنني أجهل العربية، لا أتكلمها ولا أكتبها. أما زلت متشبثة بأنهم لم يسألوك في ضيافة الشرطة القضائية عن سر علاقتك بالشينوية؟ لا، لم يطرح علي أي سؤال عن أي إمرأة، سواء كانت "الشينوية" أو غيرها، وإنما سألوني عن الذي وقع قبل اعتقالي، فحكيت لهم ما جرى بالضبط، تماما مثلما جرى معكم الآن، قبل أن يودعونني في السجن بتهمة استهلاك الكوكايين. أنا اعتقلت في الثامن من شهر غشت، ولم يكتب-حسب ما علمت- عن "الشينوية" إلا ثلاثة أيام بعد ذلك. هل صحيح أن الشخص الذي اعتقل وأدين بالاتجار في الكوكايين، يعتبر من أقاربك أو على الأقل تجمعك به علاقة مصاهرة؟ بالفعل، لقد كنت متزوجة من ابن أخته، لكنه الزواج الذي لم يدم أكثر من ثلاثة أشهر، لهذا أقول للذين يسألونني عن المرات التي تزوجتها بأنني تزوجت مرتين ونصف. لكن، بغض النظر عن هذه المصاهرة، ما الذي يجمعك بابن أخت زوجك الأخير إن لم تكن مصلحة مشتركة؟ألا يمكن القول إنه كان واحدا من عناصر الشبكة التي كنت تتحكمين فيها لترويج الكوكايين في الرباط، بالإضافة إلى "الشينوية" التي قد تكون إحدى الأدوات التي كنت تتحكمين فيها؟ لا هذا هراء، لقد اختفى ابن أخت زوجي السابق عن الأنظار، وقد اقتصرت مكالماتنا الأخيرة على ساعة يدوية كانت قد بقيت عند ابنته التي كانت تشتغل عندي، حيث كنت أطالبه بإحضارها، وفي الفترة الأخيرة سمعت أنه دخل مجال الاتجار في الكوكايين وأنه يبيعه، فاتصلت به للحصول على جرام من الكوكايين، لأنه كان أقرب رقم هاتفي أجده في طريقي. كيف جرت العادة أن تحصلي على الكوكايين؟ جرت العادة، أن اتصل بالمزود الذي عادة ما يضرب لي موعدا في إحدى الأماكن، فإما أن أنتقل شخصيا إلى عين المكان أو أبعث بأحدهم لجلب المطلوب. حينما ستشعرين بالنوبة من جديد، هل ستستعملين نفس الوسيلة للحصول على جرام من الكوكايين؟ الحمد لله عفى علي الله، لم أعد أتعاطى المخدر بشكل منتظم، ولم تنتبن الحالة من جديد كما ذكرت لك، إلا بعد اعتقالي في قضية الشرطية، لكنها رغبة لا تسكنني باستمرار، فأنا أتحكم فيها ولله الحمد. وإذا بقيت على هذه الحال، سأكون في وضع أحسن مستقبلا، فمثلما يشعر أحدهم في إحدى اللحظات النادرة جدا بالرغبة في أن يشرب قارورة من الويسكي، أو تدخين سيجارة محشوة بالحشيش، ألجأ أنا في المقابل إلى جرام من الكوكايين. قد تكون المقارنة من وجهة نظرك منطقية، لكن، كما تعلمين علميا هناك فرق كبير بين مخدر وآخر، ولا قياس مع وجود الفارق، الكوكايين يعتبر أكثرالمخدرات إحداثا للإدمان وسببا للموت.. والله يعفو. ألم تتعرفي بحكم اتصالاتك المتواترة عمن يكون وراء هذه الشبكة التي تروجه في الرباط؟ أنا لم أجر وراء هذا النوع من المعلومات، هذه ليست مسؤوليتي. ألم تفعلي ذلك ولو من باب الاستطلاع؟ قطعا، هذا عالم لم يكن يعنيني منه إلا الاستهلاك. ما الذي تغير بين اعتقالك الأول وقضائك شهرين و10 أيام في سجن الزاكي نتيجة خرقك لقانون السير وبين اعتقالك الثاني بنفس المعتقل لمدة 25 يوما بسبب تعاطيك للكوكايين؟ في المرة الثانية كانت إدارة السجن والحارسات أكثر صرامة معي، لم يعد ممكنا لعائلتي أن تزوني إلا مرة في الأسبوع، بعدما كان مسموحا لهم بذلك كل يوم، حينما اعتقلت في قضية الشرطية، وباستثناء قفف الأكل المتنوعة التي كانت عائلتي تغدقها علي وعلى باقي السجينات، لم يكن ثمة ما يميزني عن باقي السجينات. هل كانت تصلك المقالات التي تنشر عنك؟ أخذت فكرة عن الكثير من المغالطات التي وردت فيها، بعضهم كتب أن ابنتي توقفت عن الدراسة كي ترافقني طلبا للعلاج، هذا ليس صحيحا. الأهم من هذا وذاك أن ما تسرب من الشرطة القضائية أو على الأقل على هامش التحقيق مع موزعي الكوكايين، قبل أن يقفل الملف، أنك كنت تلعبين أدوارالقوادة، بعضهم ذهب إلى القول بأنك كنت تلعبين دورا استخباراتيا، على اعتبارأنك تصدرين و"الشينوية"البنات إلى الإمارات وتحيون سهرات على "شرف" أجانب من جنسيات مختلفة للحصول على معلومات بعينها باستعمال فتيات جميلات، وأنك و"الشينوية" تشكلان عصابة واحدة أو وجهان لعملة واحدة حرصت على حمايتها باستمرار من موقعك كابنة وزير سابق؟ إذا كان هذا الكلام صحيحا، فيجب أن أعدم والحالة هاته، ليقولوا ما يشاءوا. ألم تبحثي عن "الشينوية" التي ليس سرا أنها اليوم حرة طليقة؟ لا لم أفعل، لدي مشاكلي، سألت عن بعد، لكنني لم أصل إلى أية نتيجة. هناك صك الإتهام الذي تابعتني به النيابة العامة ومحاضر الشرطة، والحكم الذي صدر بشأني ويدينني بالإستهلاك لا أقل ولا أكثر، يمكننكم العودة إليه، فلتطمئنوا، فلا وجود فيه لهذه المرأة الحديدية أو "الشينوية" مطلقا. بعض الجرائد أكدت أن الشرطة حجزت بالفيلا التي تقطنيها ما قيمته 8 كيلو من الكوكايين؟ وما رأيكم أنه لم يضع أي شرطي قدميه في بيتنا، و لم يكن بيتي موضوع أي أمر بالتفتيش، ولا أعرف من أين يحصل هؤلاء الصحافيون عن هذا النوع من المعطيات المغلوطة. لقد وصفتني بعض الجرائد من ضمنها يومية ناطقة باللغة الفرنسية ب" مدام كلود"، لقد شاهدت الفيلم الذي وثق لمسار مدام كلود حينما كنت أبلغ من العمر 18 سنة، مدام كلود كانت تمارس القوادة، تستقطب البنات وتربيهم ، باختصار قوادة من الطراز الرفيع، يا سبحان الله، كان يكفي أن أنتقل لاقتناء جرام من الكوكايين، كي أصبح قوادة من الطراز الرفيع؟ لماذا لم أكن كذلك حينما كنت ابنة الوزير السابق؟ ألم يصوبوا نبالهم علي أكثر لأن والدي لم يعد في مراكز القرار؟ لن ألتزم الصمت بعد اليوم، أقل ما يمكن أن تفعله الصحافة في حقي أن تعتذر عما كتبته عني دون حجة أو دليل، لدي ابنتين، أب وعائلة وأصدقاء مسهم ما كتب عني، بدءا من اتهامي بالمتاجرة في المخدرات، وانتهاء بالقول أنني أمارس القوادة وتشبيهي بمدام كلود، على الصحف التي مستني في كرامتي أن تتحلى بما يكفي من المهنية وأن تعتذر لي. هناك من داخل العائلة من يعتقد أن جزءا من المتاعب التي تتعرضين لها سببها الحسابات القديمة التي تجمع والدك مع خصومه في السياسة، لكن لا ذخان من دون نار، لو لم تخرقي قانون السير هل كنت ستعتقلين؟ ولو لم تجر وراء الكوكايين، هل كان اسمك أو اسم والدك سيذكر في الجرائد؟ أنا لا أمارس السياسة ولا أعرف دروبها، وإذا كان لبعضهم مشاكل أو حزازات مع أبي، يستعملونني عند كل مرة لتصفيتها، فأنا مستعدة لأداء الضريبة مكان والدي الذي كنت دائما أتمنى أن أشرفه. كيف كان انطباعك وأنت تحاكمين بالفصل 80 من القانون الجنائي الذي كان وراءه والدك؟