سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
فتاة أرادت تجميل وجهها ففقدت أنفها وأخرى لم يتعرف عليها والدها بعد العملية الجمال المغربي أصبح مهددا ب«اللّبْننة».. والفنانات المغربيات يخفين أمر تجميلهن
عندما اجتاحت موضة التجميل العالم، لم يتأخر المغرب كثيرا لكي يدخل هذه السوق الرائجة، وهكذا كان لا بد أن يحدث فيه ما يحدث في باقي العالم، أي أن يكون هناك ضحايا لعمليات تجميل فاشلة، وأيضا ضحايا يخرجون من هذه العمليات بعاهات مستديمة. في البداية كانت عمليات التجميل تشبه مغامرة حقيقية، وربما لا تزال مغامرة حتى اليوم، لكن بمخاطر أقل. وعموما فإن التجميل، الذي كان في البداية من أجل التخفيف من التشوهات الخلقية، أصبح اليوم وسيلة لدر الكثير من الأرباح في صناديق أطباء التجميل، وأيضا للرفع من نسبة سكان المقابر وأصحاب العاهات المستديمة. ممنوع الضحك التجميل أيضا صار وسيلة لعولمة الملامح. ومن المثير حقا أن عمليات التجميل التي تخضع لها مغربيات كلها تسير نحو هدف واحد هو جعل الوجه والأنف والخدين على شكل هيفاء وهبي ونانسي عجرم وإليسا. لقد أصبح الجمال المغربي الطبيعي مهددا بالانقراض أو «اللّبننة»، وصارت الوجوه اللبنانية تغزو البيوت المغربية، والخوف كبير من مستقبل حالك يصبح كل منزل مغربي به مطربة «لبنانية». التجميل جاء أيضا كوسيلة للتخفيف من كآبة خريف العمر، حيث تعمد نساء كثيرات، وخصوصا الموسرات، إلى محاولة تأخير الشيخوخة لبضع سنين، وهو ما جعل نكات جديدة تطفو على سطح الضحك في المغرب، لكن أغلبها نكات مبتذلة تسخر من العجائز اللواتي يلجأن إلى عمليات التجميل لردع تقدم العمر. وفي بلدان عربية، تلجأ فنانات كثيرات إلى التجميل لزيادة عمرهن الفني، وأيضا العاطفي. وكثير من وجوه الفنانات أصبحت بلا ملامح، مثل نبيلة عبيد و بوسي و نادية الجندي، وغيرهن كثيرات، حيث يصعب عليهن الابتسام أو الضحك لأن جلودهن تم «تجبيدها» بالكامل، وأصبحت كل ضحكة عفوية فالتة تهدد بتمزيق وجوههن إربا إربا. وفي المغرب لا تبوح الكثيرات من الفنانات المغربيات بعمليات التجميل، لكن ذلك يبدو جليا على وجوه بعضهن. وهناك فنانات كثيرات يلجأن إلى شفط الدهون وحقن “البوتوكس» المثيرة لجدل طبي، والهدف في النهاية واحد هو استجداء العطار لإصلاح ما أفسده الدهر. أين أنفي؟ أول حالة وفاة معلنة في المغرب بسبب عملية تجميل كانت لفتاة اسمها كريمة، من الفقيه بن صالح، التي ماتت في مصحة بالدار البيضاء قبل بضع سنوات، والتي أثارت وفاتها الكثير من القيل والقال، إلى حد طالب البعض بإقفال عيادات التجميل وإنزال العقاب الشديد بأصحابها، لكن الذي حدث أن عيادات التجميل تتضاعف باستمرار وتتناسل كما تتناسل مطاعم البيتزا، وأصبح أطباء التجميل ينافسون العشابين في الأسواق الشعبية ومحلات العطارة. وقبل حالة كريمة، كانت هناك حالة شهيرة عرفها المغرب بداية التسعينيات وعرفت ضجة إعلامية، وهي لفتاة اعتقدت في لحظة من اللحظات أن أنفها لم يعد يناسبها، فتوجهت نحو عيادة تجميل، ومن هناك خرجت وهي تتحسس وجهها وتسأل “أين أنفي»؟. لم يكن أنف الفتاة غير موجود، لكنه كان مشوها إلى درجة أنها طلبت من الطبيب الذي أشرف على العملية أن يعيد لها أنفها القديم، لكن هيهات من تحقيق هذه الأمنية، فعندما يأتي الأنف الجديد يكون الأنف القديم قد ذهب أدراج الرياح. في تلك الفترة ظلت تلك الفتاة تتساءل بحرقة عن مصيرها وشاعت مشكلتها في قضية عرفت إعلاميا وقتها بقضية «أين أنفي»، فوصل صراخها إلى جهات نافذة في البلد، ويقول البعض إن استغاثتها وصلت حتى أسماع الملك الراحل الحسن الثاني، فعز عليه أن تفقد مواطنة من رعاياه الأوفياء أنفها بدون وجه حق، فقرر أن يبعثها إلى عيادة فرنسية راقية في العاصمة باريس، وهناك تكفل نخبة من الأطباء الفرنسيين بإعادة الأنف لصاحبته المفجوعة. كانت عملية استعادة الأنف، أو تصحيح العملية في باريس، ناجحة بكل المقاييس، وصارت الفتاة تتوفر على أنف جميل ورشيق ويغري بالدغدغة. وبما أن الشيء بالشيء يذكر، فإنها لم تتأخر في إجراء عملية ثانية، وهي عملية تقرير المصير، حيث قررت ألا تعود إلى المغرب وبقيت هناك في فرنسا وحصلت على معجب بها وبأنفها، وهناك استقرت وتزوجت وأنجبت بنين وبنات عاشوا في عز وثبات.. ولا تزال هنالك إلى اليوم. الغراب والحمامة هناك حكاية أخرى لم تمض عليها أكثر من سنة ونصف، وهي لطالبة مغربية بإسبانيا، حيث كانت تدرس الصيدلة، فقررت أن تفعل شيئا ما يجعلها تشبه الإسبانيات، فصارت لا تشبه المغربيات ولا الإسبانيات. بدأت حكاية الفتاة (ح) عندما توجهت إلى إسبانيا للدراسة، وكان والدها، وهو موظف من الطبقة المتوسطة، يبعث لها كل شهر مبلغا ماليا تستعين به على عوادي الحياة المكلفة هناك. ومع مرور الوقت أصبحت رسائل الفتاة لوالدها تحمل المزيد من طلب المال، ولم يكن هو يبخل عليها بأي شيء ويمني نفسه بفتح قريب لصيدلية خاصة لابنته المدللة. انتظار الأب لم يتأخر طويلا. فبعد حوالي سنة من غياب ابنته، فتحت زوجته الباب لطارق ما، وكانت تقف على الباب فتاة تجر حقيبة وهي تبتسم بدلال، وظلت الزوجة تنظر إليها مشدوهة للتعرف عليها، ولم تكن تدرك أن الواقفة في الباب هي ابنتها الطالبة بإسبانيا، التي لم تتعرف عليها بعد عملية تجميلية أجرتها في إسبانيا بالمال الذي كان يبعثه له والدها للدراسة. بعد أن استفاق الوالدان من الصدمة وهما يريان ابنتهما تتحول إلى وجه مختلف تماما، وجه لا يمت إليهما بصلة، لم يسألاها كثيرا لماذا فعلت ذلك، ولا لماذا لم تستشرهما قبل العملية، بل أحسا بالخجل لأن ابنتهما التي من صلبهما لم تكن تريد أن تشبههما. ظلا يتبادلان نظرات الحسرة طويلا وكأنهما يتساءلان: لماذا؟ لماذا فعلتها الابنة وكأننا وحشان أنجبناها ولا تريد أن تكون مثلنا؟ لم يكن الوالدان ذميمين بالمرة، بل يحملان وسامة مغربية أصيلة. لكن كان لابنتهما رأي آخر. كانت تريد جمالا إسبانيا أصيلا، فانتهت لا هي بجمالها المغربي ولا بجمال إسباني. إن حكايتها تشبه تماما حكاية الغراب الذي أراد تقليد مشية الحمامة. التجميل.. والعدول هناك حكاية امرأة أخرى تجملت فتطلقت. والحكاية بدأت قبل الزواج بقليل، وعموما فإنها كانت متزوجة رسميا ولم يكن ينقصها غير ضجيج الزفاف، وقبل الزفاف قررت أن تمنح لنفسها بعض الجمال الزائد، فسقطت ضحية الحكمة القائلة: «الشيء إذا زاد عن حده انقلب إلى ضده». عندما قصدت هذه العروس الوشيكة عيادة طبيب تجميل لم تفعل ذلك لأنها ذميمة، بل بالعكس، كانت جميلة إلى حد يثير غيرة قريناتها، لكنها ربما كانت تريد زيادة في الخير. دخلت الفتاة عيادة الطبيب دون أن تخبر عريسها، ربما لأنها كانت تريد أن تجعلها له مفاجأة، وكذلك كانت. عندما انتهت العملية، وبعد بضعة أيام من الغياب بتبرير أنها منشغلة كثيرا في الإعداد للزفاف، ظهرت الفتاة لعريسها وكأنها خرجت من غسالة كهربائية. كان وجهها الدائري الأبيض قد تحول ليصبح مائلا قليلا نحو الأعلى، أو ربما نحو الأسفل، وأنفها صار يشبه أنفا اصطناعيا وضع فوق وجهها على عجل، وخداها يبدوان كأن تحتهما برقوقتين مدفونتين، والشفتان كأن بهما مس من حمى، والأنف صغر وغار، وعندما تبتسم تبدو كأنها على وشك البكاء.