على الرغم من التراكم النسبي الذي حققه أدب الطفل في عالمنا العربي ، فإنه لا يزال يعرف مجموعة من الإشكالات و المعوقات التي تختلف من قطر عربي لأخر . وكذا لاعتبارات عدة .نذكر من بين هذه الإشكالات على سبيل المثال لا الحصر: ماهية أدب الطفل (التي تختلف من كاتب ومن باحث لأخر)، صيغ كتابة هذا الأدب، وسبل تحليل ما كتب في هذا المجال. هذه القضايا المحورية وغيرها ، عالجها الدكتور موفق رياض مقدداي في كتابه الأخير البنى الحكائية في أدب الأطفال العربي الحديث الصادر ضمن سلسلة عالم المعرفة ( الكويتية ) ، العدد 392 ، سبتمبر ، 2012 . في ،223 صفحة . يتضمن الكتاب مقدمة ومدخل وستة فصول . وقد أضاف الكاتب ملحقا للكتاب . تناول من خلاله أهم الأعلام العرب في أدب الأطفال . في مقدمة الكتاب ، أشار الدكتور موفق رياض مقدادي إلى أهمية موضوع الأدب الموجه إلى الأطفال في الوطن العربي . كما أن هذه الموضوع ، لم ينل حتى عصرنا الحديث ما يستوجبه من اهتمامات في دراستنا النقدية . ص : 8. ومن هذا المنطلق ، دعا الباحث إلى الاستفادة ( في التعامل مع هذا الأدب) مما تحقق في مجال السرديات . مما جعل الباحث يشير إلى أنه سيستند في ذلك إلى أعمال جيرار جينيت في خطاب الحكاية ، وتزفيطان تودروف في دراسته مقولات السرد الأدبي وكذا ما جاء في كتاب نظرية المنهج الشكلي وهو كتاب جماعي، و تقنيات السرد الروائي للناقدة يمنى العيد. أما مدخل الكتاب ، فحدد مجموعة من المفاهيم . أهمها : البنية ، الحكاية ، و السرد . يعرض الفصل الأول من الكتاب ، مسيرة أدب الأطفال العربي من حيث جذوره و نشأته و تطوره . كما ناقش النوع الأدبي : الشعر و النثر . وحدد سمات هذا الأدب . أما في الفصل الثاني ، فقد حاول الباحث ، تفصيل القول في المكون اللغوي لهذا الأدب وتحديد الأداء الأسلوبي . وقد ركز في ذلك على أهمية الجانب اللغوي المرتبط بالطفل . أما الفصل الثالث ، فقد خصصه الباحث للسارد ( الراوي كما يشير الباحث ) . من حيث الحضور و الوظائف و التعدد . وفي هذا الفصل ، تبرز ( بشكل جلي استفادة الباحث مما تحقق في مجال السرديات الحديثة مع جان بويون ، تودروف وجيرار جينيت ، إلخ...). ويعتبر الفصل الرابع ، من أهم فصول هذا الكتاب ، بحيث تناول الباحث من خلاله المعطيات السيكولوجية للأبنية السردية . إذ بين أهمية القصة ودورها في إشباع الحاجات النفسية و المعرفية للأطفال . و التركيز على المعطيات السيكولوجية لتجربة المتلقي / الطفل . أما الفصل الخامس ، فاهتم بصيغ الحكايات وتنوعاتها. فحدد مفهوم الصيغة . و أهم الصيغ التي اتبعها كتاب هذا الأدب في قصصهم . أما الفصل الأخير / السادس ، فتناول البيئة القصصية : المكانية و الزمانية . كما تناول السرد من حيث البطء و السرعة . وهذه الأخيرة استقاها الباحث كذلك مما تحقق في مجال السرديات الحديثة . على الرغم من أننا نخالف الدكتور مقدادي الرأي في مجموعة من القضايا التي جاءت في الكتاب . خاصة على مستوى الاستفادة مما تحقق في مجال السرديات الحديثة ( بالنسبة للسارد و بنية الزمن و الصيغ السردية ( كما نفهمها على الأقل ) يتعذر الاشتغال بها في إطار تناول أدب الطفل .في حين تكون ناجعة في معالجة النصوص الروائية. )، وكذا بعض الخلط الذي يعرفه الكتاب على مستوى المصطلح ( القصة ، السرد ، الخطاب ، صيغ السرد ، إلخ ...)، فإن هذا الكتاب المتميز ، يشكل إضافة هامة لأدب الطفل و النقد الأدبي بصفة عامة .