يرى أحمد نور الدين، المتخصص في ملف الصحراء، أنه 'كان من المفترض في وزارة الخارجية المغربية اصدار بلاغ للتنديد باعتداء جبهة تندوف الانفصالية على حرمة التراب الوطني، وتحميلها كامل المسؤولية عن نتائج اقتحامها لمنطقة تيفاريتي لعقد ما يسمى مؤتمرها الخامس عشر منذ أيام'. وأكد أحمد نور الدين، في حديث خص به موقع 'القناة'، أنه كان على الخارجية المغربية تضمين البلاغ اعلان 'الاحتفاظ بحقها في اتخاذ الاجراءات الضرورية لحماية التراب الوطني ضمن حدوده الشرعية مع استحضار جميع الاحتمالات، كما كان عليها تحميل المسؤولية كذلك للأمم المتحدة فيما يجري من خروقات دون أن تتحرك المنورسو لمنعها مما يجعل مهمتها أي المنورسو- منتهية وغير مبررة'. قصة 'المنطقة العازلة' وذكر أحمد نور الدين 'أن اتفاقات 1991 تنص حرفيا على بقاء القوات المغربية وكذلك انفصاليي وميلشيات البوليساريو في مواقعهم التي كانوا فيها عشية التوقيع على اتفاق وقف اطلاق النار'. الآن، حسب الباحث المتخصص ذاته، أي دخول أو أي نشاط في المنطقة يعتبر خرقا لاتفاق 1991 لأن عناصر الانفصاليين لم يكونوا متواجدين في تلك المناطق من قبل، وإنما كانوا في تندوف تحت حماية الجيش الجزائري. واستدرك المتحدث أن 'المنطقة العازلة' هي في حقيقة الأمر توصيف غير دقيق لكي لا نقول أنه توصيف خاطئ، حسب أحمد نورالدين، لأن 'توصيف المنطقة العازلة يروجه انفصاليو البوليساريو على أساس أن تلك المنطقة أقامتها الأممالمتحدة للفصل بين اطراف النزاع'. وواقع الأمر غير ذلك تماما، يشدد أحمد نور الدين، فقصة المنطقة العازلة تعود إلى أن المغرب في بداية الثمانينات وبالضبط في سنة 1984 حين بدأ في تشييد الجدار العازل كان لديه خياران: الأول كان إقامة الجدار الأمني مباشرة على الحدود الدولية للمغرب مع موريتانياوالجزائر، لمنع دخول المرتزقة والانفصاليين لضرب المدن والتجمعات السكانية والحيلولة دون الاختطافات التي كانوا ينفذونها داخل التراب المغربي. والخيار الثاني لدى المغرب آنذاك هو ترك مسافة بين الجدار الامني والحدود الدولية للمغرب على طول الصحراء، تتراوح بين 5 كيلومترات في بعض المناطق إلى 20 أو 25 كلومترات في مناطق أخرى. وهذا الخيار الثاني هو الذي تم تبنيه لاعتبارات لم تكن سياسية آنذاك، وإنما أملته تكتيكات عسكرية، ببساطة المغرب ترك تلك المنطقة كالفخ الذي يخول له في حالة هجوم الانفصاليين إمكانية ملاحقتهم في المنطقة قبل دخولهم للتراب الجزائري، لأن المغرب في استراتيجيته كان يتفادى خلال 44 سنة الماضية الحرب المباشرة مع الجزائر. 'منطقة الملاحقة' وفضل أحمد نور الدين، في حديثه، أن يسمي تيفاريتي والمنطقة العازلة بصفة عامة 'منطقة الملاحقة'، باعتبارها مناطق لملاحقة فلول ميلشيات الانفصاليين بعد مهاجمتهم المحتملة لمراكز الحراسة التابعة للقوات المسلحة الملكية. واعتبر المتحدث ذاته، أن الخطأ الاستراتيجي الذي ارتكبته وزارة الخارجية والسياسيون بصفة عامة الذين وقعوا على اتفاقية 1991، انهم لم يتخذوا الاحتياطات اللازمة قبل التوقيع على الاتفاق لاعتبارات متعددة منها أنه كان شبه مؤكد أن الجزائر رفعت يدها عن الملف وأن الاستفتاء كان سيجري في غضون سنة على أبعد تقدير، ولكن النظام العسكري الجزائري انقلب مرة أخرى وغدر بالعهود وعرقل إنهاء الملف بتحريض الانفصاليين على الانسحاب من لجان تحديد الهوية وبالتالي عرقلة الاستفتاء الذي كان سينظم سنة 1992، وهو ما لم يتم ليجد المغرب نفسه مكبلا باتفاق يحد من حركته في منطقة الملاحقة (العازلة). وكان لزاما على الجانب المغربي في ابانه تأجيل التوقيع على اتفاق اطلاق النار لستة أشهر على الأقل، ليتحرك الجيش المغربي صوب الحدود الدولية للمغرب بدل البقاء وراء الجدار الرملي' موضحاً أن هذا الأمر 'كان من اللازم أن يفكر فيه الفاعل السياسي في الثمانينات وليس القوات المسلحة التي قامت بدورها بإحداث تلك المنطقة من منطلق 'المصيدة' لملاحقة فلول البوليساريو'. وشدد المتحدث أن ما يسمى 'منطقة عازلة » بما في ذلك تيفاريتي هي منطقة للملاحقة واختارها المغرب ما بين سنتي 1984 و1987طواعية وبمحض اختياره للاعتبارات التكتيكية التي ذكرت، والجدار الامني كما هو معلوم يضم ستة اجزاء بدأ العمل في الجزء الاول سنة 1984 وتم الانتهاء من الجدار السادس والاخير سنة 1987.' واسترسل الباحث بمعنى انتهى تشييد الجدار الامني أربعة سنوات قبل التوقيع على اتفاق إطلاق النار سنة 1991، وبالتالي فلا علاقة للأمم المتحدة أو غيرها بإحداث تلك المنطقة، وهذه هي الأكذوبة التي يحاولون الترويج لها ك'منطقة عازلة'، ويدّعون على المستوى الدولي أنها 'مناطق محررة'. لا لتدنيس الأراضي المغربية ولم يفوت الخبير في الشأن الصحراوي، التذكير من جديد بالإخلال في الواجب من طرف وزارة الخارجية بعد اعلان الانفصاليين عن تنظيم مؤتمرهم في تيفاريتي وهي منطقة داخل التراب المغربي، وكان من الواجب اصدار بيان للرأي العام ومراسلة رسمية لمجلس الأمن تحمله المسؤولية لما سيقع في تلك المنطقة والتدنيس الذي يطال الأراضي المغربية'. وخاصة، يضيف أحمد نورالدين، أن 'التدنيس أخذ أبعاد دولية، بعد حضور وفود أجنبية ومنهم أحزاب موريتانية، دخلوا جزء من التراب المغربي دون المرور عبر الحدود المغربية' هذا الأمر اعتبره المتحدث 'خطيرا وهو ما يستوجب تحركا رسميا من طرف وزارة الخارجية. وفي غياب، أي تحرك، يضيف المتحدث، 'لبعثة المينورسو لمنعهم من هذه الخروقات في المنطقة، كان بإمكان المغرب إعطاء الضوء الأخضر للقوات المسلحة الملكية لتطهير الأراضي المغربية من الانفصاليين وميلشياتهم التي يحركها النظام العسكري الجزائري'.