قال أحمد نور الدين، الباحث في العلاقات الدولية أن تصريح رئيس الحكومة بخصوص تدخل الملك محمد السادس في التطورات التي تشهدها المناطق الحدودية، هي مسألة طبيعية والتصعيدات التي رافقت الرد المغربي ضد الاستفزازات الموالية للبوليساريو لا يمكن أن تتم دون تشاور مع الملك. وتابع أحمد نور الدين، أن كل تواجد بالمنطقة العازلة هو بمثابة خرق لاتفاق 1991، الذي نص حرفيا على بقاء الأطراف في مواقعها التي كانت فيها عشية التوقيع، وهو ذات التوقيت الذي كان فيه الانفصاليون في تندوف. فمعلوم أنّ المنطقة العازلة تركها المغرب بعد الانتهاء من بناء الجدار الأمني السادس سنة 1987، بمحض إرادته ضمن استراتيجيته العسكرية، وذلك قصد ملاحقة فلول الانفصاليين الذين يهاجمون المغرب، قبل أن يعودوا إلى قواعدهم داخل التراب الجزائري، تفادياً لنشوب حرب شاملة بين المغرب والجزائر. إذن كانت تلك المنطقة فخاً لا يجرأ الانفصاليون على وضع أقدامهم فوقه، وبالتالي فأي تحرك في هذه المنطقة هو خرق للاتفاق، كان يستوجب منذ سنوات أن يتمّ الردّ عليه بقوة أو الإعلان عن التحلل من اتفاق 1991 ومطالبة "المنورسو" بالخروج من الصحراء المغربية. والتأخر الذي حصل في ردّ الخارجية كان خطاً استراتيجيا تحاول اليوم تداركه. وأضاف الباحث في العلاقات الدولية، أن تدخل الملك محمد السادس سيكون من خلال إجراء اتصالات مع رؤساء الدول الدائمة العضوية بمجلس الأمن في إطار تبليغ الرسالة القوية للمغرب، وهي أن المغرب لن يقبل بالانتهاكات والاستفزازات المتوالية لجبهة للبوليزاريو وحاضنتها الجزائر. وقال الخبير في شؤون الصحراء أن تواجد الانفصالين بالمنطقة العازلة له حلان إما أن تتحمل الأممالمتحدة عن طريق المينورسو المسؤولية لطرد كل تواجد فوق هذه الأراضي بدون استثناء بين ما يسمونه مدنيين أو مسلحين، أو أن تتدخل القوات المغربية لتطهير المنطقة التي تعتبر جزء لا يتجزأ من الأراضي المغربية.. وأوضح نور الدين أن الأممالمتحدة فشلت سنة 1991 في تنظيم الاستفتاء بسبب الجزائر التي أوقفت مسلسل تحديد الهوية ودفعت الجبهة إلى رفض تسجيل 60 ألف من الصحراويين في قوائم الاستفتاء، وها هي الآن تفشل في مراقبة احترام اتفاق وقف إطلاق النار، وهما المهمتان اللتين وجدت من أجلهما "المنورسو"، أكيد انّ الخطوة الموالية والطبيعية هي إنهاء مهام "المنورسو" ومغادرتها للصحراء. وبخصوص الأخبار الرائجة عن دعم واحتضان موريتانيا لجبهة البوليزاريو، نفى أحمد نورالدين كل ما قيل بهذا الصدد وأكد على أن موريتانيا هي دائما في موقف حياد بسبب ظروفها الخاصة، لأنها تعرضت لحرب شرسة من طرف ميلشيات "البوليساريو" مدعومة من الجيش الجزائري، وقد وصلت هذه الملشيات المسلحة بعتاد عسكري جزائري ثقيل إلى مشارف نواكشط سنة 1978، وعلى إثر تلك الحرب والتي سقط فيها أزيد من 2000 قتيل موريتاني، اضطرت موريتانيا إلى توقيع اتفاقية الجزائر والاعتراف بجبهة "البوليزاريو".. وأضاف أن أي موريتاني سواء كان مواطنا بسيطا أو رئيس دولة لن يتنازل ولن يخون دماء الموريتانيين التي سقطت على يد مرتزقة "البوليزاريو" وحاضنتهم الجزائر. وطالب أحمد نور الدين وزارة الخارجية المغربية بمخطط استعجالي لتوطيد العلاقات الموريتانيا المغربية وإعطائها الموقع الذي تستحقه ضمن الاستراتيجية الإفريقية للمغرب، لأن الخارجية المغربية لم تعِر اهتمامها بالدولة الجار وأغفلتها في السياسة الإفريقية، مما سهل على الجزائر مأمورية إغوائها سواء سياسياً أو اقتصادياً مثل محاولة فتح معبر بين الجزائروموريتانيا للالتفاف على نعبر الكركرات، ولكن العلاقات التي تربط المغرب بموريتانيا هي علاقات تاريخية وثقافية وقبلية واجتماعية قبل أن تكون اقتصادية وتجارية، والشعب الموريتاني من الذكاء بحيث لا تغيب عنه الفخاخ التي ينصبها له العسكر الجزائري. ولكن على الخارجية المغربية ألاّ تترك المجال فارغاً لدبلوماسية العسكر الجزائري.