« الزين والعلو وشكون لي ولدو »، « لعيون لي كواوني مازالو حيين »، هي مقتطفات من أغاني العيطة المغربية التي تشهد على غنى وتنوع التراث الفني المغربي، منذ الأزل، وارتبط ظهورها بتاريخ حافل، حيث لعبت دورا نضاليا إبان الاستعمار قبل أن يتم تمييعها وربطها بالجنس وتضييق هامشها في الشق الاحتفالي الصرف، إلا أنها استمرت في تحمل نفس الهوية المتصلة بالأرض بلغة مستجدة. في هذا السياق يقول محمد بوحميد الباحث في موسيقى العيطة إن « الفرنسيين يريدون التخلص من العيطة لأنها تستطيع تحريض الناس وحمل رسالة التحرير. وأنهم من نظم المواخير حيث يستطيع الجنود الترفيه عن أنفسهم بالشيخات… هناك حيث حورت لغة العيطة من الاهتمام بالناس إلى لغة إيروتيكية مقترنة بالكحول والجنس ». لكل منطقة « عيطتها » إن ما يغني الحقل الفني المغربي في شقه التراثي الشعبي، هو أن « العيوط » تقسم عادة حسب مناطق جغرافية وقبلية رئيسية يغلب فيها نوع من القصائد والعزف هي: العيطة المرساوية (منطقة الشاوية) والحصباوية (منطقة عبدة) والحوزية (أحواز مراكش) والملالية (قبائل بني ملال) والجبلية (شمال المغرب) والشيظمية (اقليمالصويرة) والغرباوية (شمال الرباط) والعيطة الفيلالية (منطقة تافيلالت). الطعريجة، البندير..آلات عزف العيطة العيطة ماتزال حية وقائمة في المجتمع المغربي داخل الأسواق القروية ومواسم الأولياء واحتفالات الفلاحين، كالشكل الخام الذي يعتمد آلات عزف أولية كالكنبري (آلة وترية من صندوق كدرع السلحفاة مغلف بجلد قوي وثلاثة أوتار) والغيطة (مزمار) الليرة (آلة نفخ. ناي صغير.) الطعريجة والبندير (آلات إيقاع)، والثنائيات الغنائية التي تجول الأسواق والمواسم أو الرباعات (فرق موسيقية نسائية للاحتفالات العائلية الخاصة) أو الفرق والفنانين المحترفين بآلات مستحدثة في الغناء الشعبي كالدرامز أو السّنث أو الكمنجة. الهجرة القروية وتطور فن العيطة ساهمت الهجرة القروية نحو المدن الصناعية بعد الاستعمار، إلى انتاج شكل جديد للعيطة بأنواعها المختلفة، لكن لم تمس جوهرها الفني، بل قام البدويون بالمدن إلى إعادة إنتاج صيغ جديدة لعروضهم الموسيقية، تجلت في حلقات الأسواق الشبه قروية التي ظلت متواجدة في هوامش المدن، إلى جانب عروض الموسيقى التقليدية داخل كباريهات قدمت العروض الأقرب إلى التفاعلية التي كانت تقام في حقبة القياد. وبظهور « الكاسيت » وسوق التسجيلات، تطورت « العيطة » فنيا لتركز أكثر على جانبها الايقاعي والفني أكثر من الكلمة، وذلك لتلبية احتياجات السوق والمتلقي المتشوق للرقص والاحتفال، من خلال موسيقى الشعبي التي جسدت الجانب الاحتفالي للعيطة، وتطورا حتميا لموسيقى حية اسمها العيطة.