في إطار تشخيص الدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان للمشهد الإعلامي بالمغرب، خلصت الوثيقة السياسية إلى أن هذا المجال يعاني من التحكم السلطوي، الذي أفرز العديد من الاختلالات على مستوى الممارسة الإعلامية. مظاهر التحكم في المشهد الإعلامي تشير الوثيقة إلى أنه، على الرغم من التطورات التقنية التي شهدها قطاع الاعلام والاتصال بالمغرب وما تضمنته بعض النصوص التشريعية من إشارات إلى تحول في الممارسة الإعلامية نحو الانفتاح على المبادرات الخاصة، وضمان التعددية الإعلامية وإنهاء احتكار الدولة للإعلام، فإن جل ذلك بقي حبيس النصوص، نظرا لاستمرار التحكم السياسي في مكونات هذا المشهد. وينعكس هذا التحكم من خلال عدة مظاهر أبرزها: – توظيف الإعلام العمومي في ترويج أطروحات السلطة واختياراتها السياسية والدعاية لها. – إقصاء تام للأصوات الإعلامية المخالفة، فلا وجود للتيارات ولا للتوجهات ولا للفاعلين السياسيين والإعلاميين وجمعيات المجتمع المدني الذين يصنفون في دائرة المغضوب عليهم من طرف السلطة. – التحكم في العديد من المنابر الاعلامية الخاصة، بشكل مباشر أو غير مباشر، عبر وسائل الاخضاع، واستعمال سلاح الحرمان من الاشهار ضد المنابر المتحررة من قيود السلطة؛ مما يضعف مداخيلها ويهدد وجودها. – توظيف الاعلام العمومي لتصفية الحسابات السياسية، والمس بالاصوات المعارضة. -التغاضي عن المواقع الاعلامية التي تكرس "ظاهرة البوليس الإعلامي" وتمارس التشهير وتنشر الميوعة والابتذال وإطلاق الحملات الإعلامية المشبوهة. – اعتقال الصحافيين ومحاكمتهم بمدد طويلة بتهم تدخل ضمن القانون الجنائي بدل قانون الصحافة. آليات تحرير المشهد الاعلامي ترى الوثيقة بأن بلورة مشهد إعلامي بديل يتطلب الاستناد إلى مجموعة من المبادئ واللجوء إلى مجموعة من الآليات * المبادئ المؤطرة للمشهد الإعلامي البديل لتجاوز اختلالات المشهد الإعلامي السائد ، تقترح الوثيقة تأطير هذا المشهد بالمبادئ التالية: – التأسيس لتعاقد إعلامي وطني، ينضبط للقيم الأخلاقية الفاضلة للمجتمع، ويؤدي وظائفه التربوية والتثقيفية والتوعوية والتنشيطية والتوجيهية والرقابية على قواعد المسؤولية والمهنية والاحتراافية. – احترام مبدأ الحرية الاعلامية، والحق في التعبير، وإيجاد الآليات لحمايته والدفاع عنه. – الاستقلالية في إطار المسؤولية، والابتعاد عن الضغوط السياسية والاقتصادية والتجارية. – ترسيخ الشراكة والتعاون وتكامل الجهود بين مختلف الفاعلين والمؤسسات الإعلامية. – تمثيل كافة فئات المجتمع في الإعلام، وتلبية اهتمامات الجمهور المختلفة، ومواكبة مستجدات التحديث التقنية. – الالتزام بميثاق إعلامي مبني على القيم وأخلاقيات المهنة وميثاق الشرف. * آليات تحرير المشهد الاعلامي انطلاقا من المبادئ السالفة الذكر، تقترح الوثيقة من أجل بناء إعلام تعددي ومسؤول فاعل مايلي: – توفير الضمانات الدستورية والقانونية لإنهاء الاحتكار والتحكم في السياسة الإعلامية. -احترام التعددية السياسية وتكريس العدالة المجالية، والتنوع الثقافي والمجتمعي، مع ضمان المساواة في الظهور والولوج، وحرية التعبير بموضوعية وبدون أي تحيز. – فسح المجال لتأسيس وإنشاء القنوات والمنابر والمواقع االإعلامية بناء على دفاتر تحملات مضبوطة ومؤطرة قانونيا ومحمية قضائيا. – تأسيس هيئة مستقلة تعنى بتتبع الشأن الإعلامي وتطويره والدفاع عن الحقوق والحريات. -تشجيع البرامج والمشاريع الإعلامية الهادفة التي ترسخ القيم والعلم بما يحفظ هوية المجتمع ومثله العليا. – تخليق الممارسة الإعلامية في مختلف شبكات التواصل الاجتماعي الرقمي. -إعادة تنظيم الصحافة بمختلف أشكالها لتؤدي وظائفها بحرية ومهنية من خلال تطوير مهن الإعلام والاتصال تكوينا وتدريبا، وتوظيفا وتأهيلا – التأسيس لمنظومة متكاملة للحماية الاجتماعية للصحفيين والإعلاميين. -تيسير مساطر تأسيس المنابر الإعلامية، وتسهيل أدائها لمهامها والحد من التضييق على حرية الصحافيين والفاعلين في الإعلام، وتعزيز الحريات والحقوق والحد من القوانين السالبة للحرية. – وضع استراتيجية وطنية لتوطين صناعة وتقنيات الاتصال، ودعم مجالات الصناعة الإعلامية والصناعة المعلوماتية. -تطوير مجال الأمن المعلوماتي بما يضمن خصوصية الأفراد، ويوفر الحماية الامنية للمعلومات ذات الطابع الشخصي، وتجريم كل ما يخل بهذه الخصوصية. -إدماج تقنيات الإعلام والاتصال في المنظومة التربوية التعليمية.