فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    مقتل تسعة أشخاص في حادث تحطّم طائرة جنوب البرازيل    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    جثمان محمد الخلفي يوارى الثرى بالبيضاء    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    ملتقى النحت والخزف في نسخة أولى بالدار البيضاء    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    اتهامات "بالتحرش باللاعبات".. صن داونز يعلن بدء التحقيق مع مدربه    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    تبييض الأموال في مشاريع عقارية جامدة يستنفر الهيئة الوطنية للمعلومات المالية    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاتصال السياسي والديمقراطية
نشر في هسبريس يوم 14 - 02 - 2013

إن القراءة الأولية للعنوان توحي لنا بأن هناك علاقة وطيدة بين الاختيارات الديمقراطية والاتصال السياسي. وأي قطيعة بين هذين القطبين يؤدي حتما إلى الشلل السياسي والانتكاسات الديمقراطية..
ومن أجل مقاربة هذا الموضوع سنتناول المحاور التالية:
1/ دلالات الاتصال السياسي والديمقراطية.
أ/ الاتصال السياسي:
لا يمكن أن نفصل الاتصال السياسي عن العمل الحكومي والانتخابات والأغلبية والمعارضة والمجتمع المدني ووسائل الاتصال والرأي العام والاستطلاعات...وشتان بين الحقل الحزبي والشأن السياسي...فالأول يشتغل بالعمل السياسي وتدبير الشأن العام...مرتبط برؤية إيديولوجية ، أما الشأن السياسي فهو مفتوح على جميع الاقتراحات...وكلتا الحاتين هناك علاقة بالتنمية المرتبطة أصلا بالاتصال... ومن تم فالاتصال السياسي فضاء لتدافع الخطابات المتناقضة للفاعلين الشرعيين المتحدثين في السياسة...
ومن شروط الاتصال السياسي الجمع بين القول والفعل واعتماد التمثيلية كآلية للتداول..وإشكالية المساواة بين تسويق الآراء..لذلك أي تقويم يكون نسبيا..ورغم ذلك فالاتصال السياسي هو المحرك للفضاء العمومي..لأنه نشاط سياسي تقوم به أطراف متعددة سياسية وإعلامية ومدنية..ومؤثرة في الرأي العام...
لكن الإعلام نمطان: حر ومستقل، وآخر غير ذلك..وعبر الاتصال رغم الظروف المذكورة ينتشر الوعي.الذي يساهم في إثراء الساحة السياسية ..
واعتماد على ما ذكر فإن الاتصال السياسي فن وعلم له علاقة بعلم السياسة..ويتميز عن الاتصال العمومي..الذي غالبا ما تشتغل به الدولة والمؤسسات المتخصصة...
وللإشارة فالاتصال السياسي يرسم رهان حيوي وطموح هو السلطة...لأنه مسلسل ديناميكي مفتوح وليست تقنيات ميكانيكية..بل عملية إقامة روابط بين محترفي السياسة وناخبيهم عن طريق وسائل الإعلام... ويختلف عن التسويق السياسي الذي يقوم على الترويج للأفكار والمشاريع السياسية..بينما الأول يستهدف إنتاج علاقة بين الأغلبية والمعارضة والرأي العام..وهذا ما يعطي المشروعية السياسية المتوخاة من قبل الفاعلين..
ويمكن تقسيم الاتصال السياسي إلى محورين أساسيين: أولهما كمي وثانيهما نقدي ولا يمكن فصله عن النظام السياسي والعملية السياسية ، ولا يمكن تحليل قضايا العلوم السياسية دون النظر في نظريات الاتصال السياسي..ساعين إلى إقناع الرأي العام لوجهات نظر عن طريق الحوار المفتوح..مما يجعله يخلق نوعا من التفاعل والتدافع بين الأطراف سواء كانت مساندة أو معارضة.لأن العمق هو التنافس السياسي. وقد شبه "ألموند"الوظيفة الاتصالية بالدورة الدموية له مدخلات أهمها القرارات السياسية والسياسات العمومية.
إذن فالاتصال السياسي ليسا نقلا فحسب للمعلومة وإنما هو عملية بعث وفهم جديد للعملية الإعلامية وهو الرابط بين العلوم الأخرى نحو علم الإعلام والعلاقات العامة..
لذلك يشترط في هذا الاتصال أن تكون له غايات محددة وأهداف واضحة..
والأصل في هذه العملية هو تبسيط توفير المعلومة التي تجعل الاتصال ذا مصداقية وفاعلية .كما اعتبر "جون ميدو" الاتصال السياسي الطريقة التي تؤثر فيها الظروف السياسية على تشكيل مضمون الاتصال وكميته كما أنه أيضا يتناول الرموز والرسائل التي تكون قد شكلتها أو أنتجتها النظم السياسية...وبذلك أصبح الاتصال السياسي أداة لتقويم أداء السلطة بكل تلويناتها..فهو عملية سوسيولوجية يتفاعل فيها طرفان مرسل ومستقل لتصبح قاعدة معرفية مهمة....
ويمتح هذه المشروعية كونه ظاهرة لها جذورها الإنسانية والاجتماعية منذ كانت التجمعات البشرية والتنظيم الاجتماعي..لكن مع تطور الفكر والمعرفة السياسية وانتشار المفاهيم الديمقراطية والتعددية الحزبية ..أصبح فنا وعلما قائما بذاته..خاصة عندما أصبحت جماعات الضغط والأحزاب السياسية تساهم في بناء المعرفة السياسية والتأثير في التوجهات الخاصة بالجمهور..ويتناول الساسة وأنشطتهم .
وليست الألفاظ هي الشكل الوحيد للتواصل ، وإنما هناك أشكال أخرى. لأن عملية التواصل تتطور يوما بعد يوم..وبرزت مفاهيم ذات الصلة بالاتصال السياسي منها البيئة السياسية والدعاية السياسية والإعلان السياسي والمشاركة السياسية والتسويق السياسي...
ومن تم لا يمكن فصله عن طبيعة النظام السياسي انطلاقا من المدخلات ، وعملية التحويل والمخرجات والتغذية المرتدة ...وبذلك يرتبط بنظريات السلطة، والمشاركة الديمقراطية، والحرية، والمسؤولية الاجتماعية ، والتنموية....
وكل هذا يصب في التأثير على الجمهور . هذا على مستوى الأصل أما الفروع فنلخصها فيما يلي: الاستخدامات والاشباعات، والمعالجة المعلوماتية، والمعرفة الثقافية وترتيب الأولويات، والتأثير المباشر والتراكمي..
واعتمادا على ما ذكر يمكن تحديد أهداف الاتصال السياسي وطنيا فيما يلي: التأثير والرقابة والتثقيف والتسويق والدعم والمواجهة إذا تعلق الأمر بالدعاية ....
أما من الناحية الخارجية فالأهداف المتوخاة هي جمع المعلومات الكافية ودعم البيانات الخارجية وخلق صور وانطباعات ايجابية ، تحقيق التداخل الحضاري...
والاتصال السياسي أنواع : منه التعليلي والموضوعي. لذلك يعتمد على مجموعة من الوظائف من أجل تبليغ الأهداف نحو التنشئة السياسية والتثقيف والتعبئة والتطوير والإعلام والمساندة و التنمية و الوطنية...
لكن رغم ذلك تعوق الاتصال السياسي مجموعة من المعيقات نذكر منها:
- الأنانية وقصر النظر للسياسة وصناعة القرار.
- إهمال الجوانب النوعية والاكتفاء فقط بالكم.
- محاذير في تناول بعض القضايا السياسية.
- التحدي الالكتروني والعائق المالي.
- نقص في الكفاءات الإعلامية.
ورغم ذلك فالاتصال السياسي يفرض نفسه لأنه ضروري لواقعنا المعيش،لذلك من الواجب تفعيله عبر رسم استراتجيات محددة. تستوعب كفاءات وخبرات..رغم الإشكالات المطروحة والتي يمكن إيجازها فيما يلي: نظرية تتجلى في تحديد المفهوم والمجال. وعملية تبرز في التأثير و آليات الحجاج والتحدي الالكتروني والبعد الديمقراطي .....مع استحضار اللاعبين المرسل والمتلقي والسياق الاجتماعي والنسق والعلائق والتوازن...ويبقى البعد الفكري قاعدة أساسية لكل إنتاج متعلق بالاتصال السياسي..استقراء واستنتاجا..واستبصارا وتفاعلا..
ب/ الديمقراطية:
الديمقراطية نظام سياسي يضمن الحقوق والحريات الفردية والجماعية..ويهيئ للمواطنين ظروف تنزيلها..وتساهم الثقافة السياسية في تنمية النظام الديمقراطي....الداعم لحرية التعبير في بناء الفضاء العمومي..والبدائل الديمقراطية، واحترام الحقوق المركزية والأساسية للأفراد..عن طريق الاستشارات الانتخابية وتشكيل الرأي العام. والسيادة للشعب.
من حيث المساواة والحرية . إذن فهي مجموعة من القيم المؤسسة للركائز السياسية والاجتماعية والثقافية...الضامنة للمؤسسات العامة والخاصة والجمعيات والمقاولات..المساواة
في تحديد تدابير المداولات والتصويت أثناء الانتخابات..وهي دائمة ومتجددة خاصة عندما تصبح التنمية المستدامة هي المستقبل للديمقراطية...
ومن الحقوق المؤسسة للديمقراطية نذكر: الحقوق السياسية التي تتناول رئاسة الدولة ورئاسة الحكومة، والهيآت التشريعية والانتخابات الحرة والعادلة والحرية والأحزاب السياسية ودور المعارضة والمواطنين والمنظمات ...والحقوق المدنية كحرية التظاهر والتجمع والمناقشة العامة وحرية تشكيل المنظمات وتطبق القانون والحماية من الاضطهاد السياسي وحرية التنقل واختيار العمل وحرية الجمعيات...
إن الديمقراطية تعطي لجميع المواطنين الحق في تقرير مصيرهم..وتتيح مناخا لمناقشة قضايا متعددة نحو الرخاء والحريات والأمن والعدالة والمساواة والمشاورات وحل المنازعات سلميا..
ومن تم تتخذ الديمقراطية أبعادا دستورية وجوهرية وإجرائية ...تلامس القوانين المنظمة للحكم وطبيعة الأنظمة عن طرق الاختيارات الحرة..تتضمن نظام سياسي تنافسي يضم عدة الأحزاب، وحق الانتخابات للجميع، والعدالة في توزيع الحصص الإعلامية، والحملات السياسية العلنية...
إن الديمقراطية مسلسل لا يتوقف، يطبع العلاقة بين السياسي والإعلامي عبر تنمية الاتصال السياسي. الذي يتداخل فيه الفلسفي والتدبيري والحكامة والرؤية والمواطنة..وكونها مسلسلا فهي مرتبطة بدرجة النمو الاقتصادي والاجتماعي والثقافي. لأنه لا شرعية سياسية بدون ثقافة ديمقراطية..
والملاحظ أن الديمقراطية اهتمت بالجانب الكمي. على حساب الشق النوعي والتوازن بينهما شرط أساسي لإقامة السلم السياسي...
ومن أجل تلخيص هذا المحور يمكن أن نركز على الخصائص الديمقراطية التالية فيما يلي:
- وجود قوانين مبنية على التوازن والتوافق. وأسماها الدستور..
- سيادة القانون واحترامه والتحاكم إليه...
- إشاعة الحريات والحقوق بمختلف مظاهرها.
- التعددية الفكرية والحزبية والإعلامية والمدنية..
- الحياد الايجابي للإدارة..
- التوازن بين السلط..
- توفير المناخ الديمقراطي للحكامة القضائية والاستقلالية..
- انتخابات نزيهة وشفافة وحرة وعادلة...
- التداول السلمي على السلطة بناء على إرادة الشعب...
2/ امتدادات الاتصال السياسي والديمقراطية:
أ/ العلاقة بين القطبين:
لايمكن الحديث عن الديمقراطية دون ذكر استقرار السلطة.باعتبارها توزيعا عادلا للقيم الديمقراطية..وهذا يتطلب الإنصات للمواطنين عبر آليات الاتصال الذي يشكل المحرك العميق للديمقراطية..باعتباره رمزا يتجاوز التسويق والإشهار..
بهذا المنهج نفتح المجال للجميع خاصة النخبة..والجمعيات والنقابيات والحركات الاجتماعية...رغم التناقض الحاصل بين الأطراف..ويبقى الإعلام هو الوسيط بين الأطراف المجتمعية..وأي محاولة لمحو التعددية ستفضي إلى نتائج غير ديمقراطية...
ونظرا لهذا الدور المنوط بالاتصال فمن الواجب تحديثه خاصة الجانب التشريعي..من أجل الرفع من الخطاب والتعبير والفاعلية في هذا المجال...والتقليص من الحواجز والعقوبات المعرقلة لهذا التطور..وهذا ما يشجع الانخراط في العمل السياسي...
فالديمقراطية والاتصال السياسي حوار متصل ومستمر وخالد..لان تاريخ الديمقراطية تاريخ علاقات واتصالات واستطلاع الرأي ، فكل سياسة تواصل..في إطار :المعلومة والسياسة والرأي العام...
إن السياسة جمع ولو جاءت على صيغة الفرد ونفس الأمر بالنسبة للديمقراطية...إن حرية التعبير عمق ديمقراطي، ولايمكن وجود اتصال سياسي بدون ركائز ديمقراطية..لأنه يقرب بين المواطن والديمقراطية...المؤهل للحكم الراشد.. وهو رؤية هادفة لبناء للإثراء السياسي...وصولا إلى التحول الديمقراطي...وهذا ما يحثم الرؤية المنفتحة...
وعندما يطرح إصلاح موضوع الإعلام يتم الحديث على تحديث الممارسة السياسية..أي تحرير الاتصال السياسي من سلطة القرار السياسي..استجابة لتطلعات الجماهير والهيآت السياسية والمدنية والنقابية..فكلما وقع انفراج سياسي كلما برز الاتصال السياسي وذلك من خلال مايلي:
- فك منظومة الإعلام عن القرار الأحادي..
- تسخير الإعلام لخدمة الديمقراطية.
- جعل الإعلام خادما لمنظمة حقوق الإنسان.
_تهيء مناخ للحوار بين المؤسسات الديمقراطية والبنية الإعلامية عن طريق التواصل الجماهيري عامة والسياسي خاصة..
وقد كرست المناظرة الوطنية الأولى للإعلام ولاتصال خاصة بعد التعاقد الحاصل بين المؤسسة الملكية وأحزاب الحركة الوطنية الذي أفضى إلى ما اصطلح عليه بالانتقال الديمقراطي..سنة 1997....
والعوامل المؤثرة في هذا التعاقد هي:
1/انتعاش مجال التكوين الإعلامي والتواصلي والسياسي.
2/ اتساع حيز الممارسة الإعلامية والتواصلية والسياسية.
3/ انفتاح المؤسسات السياسية على وسائل الإعلام.
4/ تطور مفهوم التعاقد والشراكات..
ويمكن اعتبار مرسوم قانون الوزير الأول عبد الرحمان اليوسفي في 10 شتنبر 2002 خطوة أساسية في تحرير القطاع السمعي البصري بالمغرب...إضافة إلى القانون التنظيمي للقطاع السمعي البصري بموجب ظهير 07 يناير 2005....والذي ركز على الحرية والتعددية والنوع والالتزام بالحقوق والواجبات ..
إن ما وقع مرتبط حتما بالانتقال الديمقراطي..مستهدفا ثلاثة رهانات : اقتصادية وسسيوثقافية مرتبطة بالبناء الديمقراطي والتنمية المستدامة...
وبذلك يصبح الطموح الأكبر هو أن يكون الإعلام قاطرة للاتصال السياسي..رغم ضعف التكوين وبطء التأهيل..وقلة البحث العلمي..ومن أجل الوصول إلى هذه النتيجة فلابد من تضافر الجهود بين الدولة والقطب الإعلامي والهيآت الساسة والمدنية مع استحضار الجهوية ودور الناخبين والمنتخبين والبعد التكنولوجي ...وتثمين منطق الاستثمار في هذا المجال..وحسب النظريات السياسية فالإعلام مساهم في تأسيس النظام...
لذلك تقوم هرمية السلطة على مستوى الدولة بإعطاء الأولوية لإنتاج الخبر وإشاعته عبر الاتصال..والإشكال عندما تقمع التعددية وتفرض الرؤية الأحادية..وهنا تتدخل الديمقراطية لتفكيك منطق الاستبداد الإعلامي..بناء على التوافق والتداول..واعتمادا على الاتصال بحجة صفته المجتمعية ومن تم ميز "الفيلسوف الألماني هبر ماس" بين الاتصال في ا لفضاء العمومي والفضاء الخصوصي..والتوازن هدف استراتيجي لجدلية الديمقراطية والاتصال السياسي. وعندما يتم الاعتداء على الإعلامي من قبل مفاهيم مغلوطة للسلطة تحال الأمور عادة على العدالة من أجل الإنصاف...ولن يتم هذا إلا بوجود قواعد ديمقراطية قضائية...وغالبا ما تعتمد القرارات الإدارية في التضييق على المؤسسات الإعلامية والاتصالاتية...وهذا اعتداء على مبدأ فصل السلط...
إن الوظيفة الإعلامية مهمة في هيكلة مشاعرنا وصياغة حياتنا..وواقعنا السياسي بناء على عنصرين: ذاتي يتمثل في الوعي التاريخي للدولة والمجتمع..وموضوعي يتجلى في توفير الشروط المؤهلة الداخلية...
من خلال ما سبق يمكن التأكيد على أن العلاقة بين القطبين تفرض وجودها من خلال طبيعة النظام السياسي، والأحزاب السياسية، والمشاركة السياسية، والتوزيع العادل للقيم، ومساهمة الجماهير في صناعة القرار..وتوفير الكفاءات والخبرات..وتوسيع دائرة الحريات و الأفكار، وإعلام قوي يراقب ويكشف ويحقق ويساهم في البناء..وبناء الرقابة الشعبية..
لكن للأسف هناك عوائق تحول دون تحقيق ما ذكرناه رغم بعض الاجتهادات والتي يمكن إيجازها فيما يلي:
إن الضغط الممارس على آليات التواصل حتى تصبح ناطقا رسميا لرؤية أحادية من أهم هذه التحديات ، إضافة إلى قلة متابعات آليات الاتصال للأحداث، والشعور بالتحول الداخلي تناغما مع مجريات الملعب الدولي والإقليمي...والانتصار غالبا للذات بدل المصلحة العامة..ونذرة المهنية والعلمية والاحترافية..وقلة الاستراتيجيات الواضحة، ومنطق الشراكات والتعاقدات،
وأخيرا وليس آخرا إن الاتصال والإعلام عمق الانتقال الديمقراطي، وهذا ما يجب أن يدركه الخيار السياسي والمدني، لذلك من الواجب التنسيق بين جميع الأطراف من خدمة هذا الهدف..
ب/ التأثيرات والانعكاسات:
إن الجدلية التي تحدثنا عنها في السابق توحي بأن هناك تأثيرا واضحا نتيجة هذه العلاقة.
لذلك نؤكد ابتداء على أن التواصل بين القطبين يهدف إلى ربط المصالح الاجتماعية والرأي العام بالسلطة السياسية. لأن الأمر يتعلق بالديمقراطية التمثيلية في تكاملها مع الديمقراطية التشاركية...من خلال دمقرطة الدولة والمجتمع.وعكس هذا يؤدي إلى التنميط السياسي...مما يحدث خلخلة المشهد السياسي وتشويشا على مستوى العلاقات...
ويؤثر هذا في المفهوم الديمقراطي للسلطة..أنذاك يتحرك الرأي العام ويشكل جماعات الضغط لإعادة الأمور إلى نصابها..على حساب درجة التأثير و التأثر معتمدين آليات الاتصال...انطلاقا من قواعد الإعلام..داعين إلى ترشيد وعقلنة المشهد السياسي والعمل على الحكامة القضائية والحقوقية..
وبناء لفلسفة التأثير والتأثر من الواجب أن نبني تواصلا مبرمجا ومنظما ملامسا العمق الشعبي ومساهما في البناء المعرفي، والسعي إلى تبني منهجا توافقيا...خادما للمصالحة بين الأطراف جميعا ..وبانيا للتنمية...وصناعة القرار المشترك...
بهذا المنهج التقاربي يتطور الإعلام السياسي والاتصال الجماهيري..ويعم الوعي السياسي..ومن تجليات هذا التأثير ما ذكره "دان اينمون" واصطلح عليه بالسلوك السياسي.
الذي أحدث تفاعلا بين المواطن والدولة والحكومة..وبرز هذا في الخطابات السياسية والمناظرات السياسية والتنشئة السياسية والحملات الانتخابية ....
وتحدث "كامبل" على الاقتدار السياسي..وهو الإحساس بالفعل السياسي عبر آليات الاتصال والإعلام..ومن تم يمكن الانتقال من مرحلة الإقناع إلى إلى درجة المعرفة..التي يساهم في بلورتها الحوار السياسي الهادف...وبذلك تنتعش الحياة السياسية..عبر الآليات المتاحة...
اعتمادا على ما ذكر يمكن أن نوجز أهم المعالم الكبرى الناتجة عن علاقة التأثير والتأثر بين القطبين الديمقراطي والإعلامي ....فيما يلي:
1/ التأثير على استخدام السلطة.
2/ المناقشة العامة حول السلطة.
3/ الرسائل والرموز المتبادلة والمؤثرة في النظام السياسي والمتأثرة به..
4/ تشكيل نوعية الاتصال وكميته والطريقة التي من خلالها تصريف الفعل السياسي...
5/ تبادل خطابات متعارضة بين فاعلين سياسيين.
6/ إعلام هادف مرتبط بالسياسة.
7/ اتخاذ القرارات التي هي قمة الهرم السياسي.
ولكل خطة إكراهات لذلك لا بد من توفير الأجواء السياسية قصد حل المشاكل المطروحة...واعتماد التراكمات بدل القطيعة ومعرفة النظريات السياسية...وأهمها البيئة السياسية التي تشكل فضاء يستوعب جدلية التأثير والتأثر..وبالتالي نحدث دينامية سياسية ومدنية وإعلامية..يتولد عنها حراك اجتماعي وسياسي هادف..
هذا يحتم على الأطراف المعنية أن تطور آلياتها التواصلية والتجاوب مع الاختيارات الديمقراطية..وتشجيع الانخراط الجماهيري في المشهد السياسي والمجتمعي..ونواجه ظاهرة إفراغ الانتقال الديمقراطي من مضمونه الاجتماعي وتضييق مجال ممارسة الديمقراطية واختزال الانتقال الديمقراطي......ونكرس الاهتمام بالسياسة والشق السوسيوالاقتصادي وتوسيع سلطة القانون...
الخاتمة:
صفوة القول إن الاختيار الديمقراطي أصبح ثابتا من ثوابت الأمة..وبالتالي أصبح الحديث عن التكاملية بين الديمقراطية التمثيلية والديمقراطية التشاركية والمواطنة.أساسا لكل اتصال سياسي.ومن حق الهيآت السياسية والنقابية والمدنية...المساهمة في برامج الإعلام كما لهم الحق في تأطير المواطنين والاتصال بهم... وحرية الصحافة مضمونة. والتعبير ونشر الأخبار والأفكار...
ولا يمكن الحديث على الصحافة إلا بتوفير الحرية والديمقراطية وقواعد أخلاقية وقانونية...مع احترام التعددية في الرأي والفكر مع القيم الحضارية..
إذن الاتصال السياسي والديمقراطية جدلية دائمة ومتفاعلة ودينامية وبانية إذا احترمت القواعد القيمية والتي تتولد عنها علاقة التأثير والتأثر....
.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.