سلام الله عليك صديقي إبراهيم أما قبل، لا أحتاج إلى تذكيرك بشيء مما تعرفه عني، فقد طال تعارفنا منذ الطفولة إلى اليوم تشاركنا كل شيء حتى كدنا أن نصير واحدا أو صرنا.. تقاسمنا الجري بحثا عن تمرة جديدة أو رمانة تطل من جدار حقل، تشاركنا الذهاب إلى المدرسىة في حر الشمس وقر البرد، تشاركنا التأخر وعصا المعلم، تشاركنا الشعر الطويل المجعد وتهديد المعلم بأن يرسم الخريطة على رؤوسنا إن لم نقص شعرنا، تشاركنا الانتشاء بسمك مطعم المدرسة، تقاسمنا الكثير من لحظات التعاسة والحزن والقليل من لحظات الفرح.. تشاركنا الكثير من الأحلام والأماني، والكثير من الأفكار التي آمنا بها وحاولنا أن نعيش بها، وإلى اليوم ما زلت وفيا للكثير من المبادئ وأظل أدافع عنها في الجرائد والندوات وجلسات المقهى. وقد عرفت الكثير من الأصدقاء من أصحاب المبادئ نرددها جميعا، وبعضنا يرددها ظاهرا ويناقضها باطنا، وبعضنا بنى حياته وحقق الترف بنقيض ما يقول، ومع ذلك يجد الوجه ليكرر ما كان يقوله كل مرة، ويصيح الخزي والعار للخونة. أعترف لك أنني كنت مغفلا؛ أومن بالمبادئ وأحاول السير على نهجها، وها أنا غارق في بحر الحياة دون أن أجيد السباحة، وها هي الأمواج تتقاذفني، وقد أشربتني الكثير من مائها المالح ومع ذلك ظللت عنيدا إلى أن.. صديقي أرجو أن تتعلم درسا.. عليك أن تنهي صداقتك بي وبأمثالي.. إننا لا نصلح لشيء، كلام المقاهي وخزعبلات، مثاليات المدرسة لن تأكل بها الخبز.. تصور أنني بعد كل هذه السنوات من الدفاع عن المثاليات، والحلم بمدينة أفلاطون، ولعن الانتهازيين والتهكم من أفعالهم.. بعد كل هذا أنا اليوم لا أملك صديقا نافعا إلا من ألعنهم.. تصور لو أوقفك شرطي وظلمك فبمن تستنجد؟ أليس بشخص يعرف من أين تؤكل الكتف لعله تقاسم سيجارة أو قنينة خمر مع كوميسير ما أو مع شخص يعرف شرطيا ما ؟! تخيل أنك عندما ترمى في رصيف مستشفى تستنجد بحارس خاص ليكلم شخصا يعرفه لعلهم ينقذونك ! تصور أن أصحاب المبادئ عنيدون ولا يفهمون شيئا غير "لا يجوز" و"لا يمكن" و"القانون يمنع" بينما "شلاهبي" واحد يطوع القانون ويجعل كل شيء ممكنا في لحظة.. ثم يأتيك بوثائقك كاملة غير منقوصة ويصفعك بها على كتفك منتشيا بل ويوصلك بسيارته إلى حيث تشاء !.. تخيل أن الربا الذي قضيتم الكثير من الوقت تحللون آيته والفرق بينه وبين البيع، وكم لعنتم الأبناك التي تنهش دماء الكادحين والفقراء.. ها أنت تحتاج مبلغا بسيطا فتجوب كل أصدقائك أصحاب المبادئ واحدا واحدا فتجدهم إما "مزاليط" لا ييسرون عسرا ولا يفرجون كربة، أو كذابين يبدعون في إيجاد المبررات ليتخلصوا منك ومما تطلب، وعندما يشعرون أنك لم تصدقهم وتخفي في نفسك الكثير من اللعنات، وتكاد تصيح فيهم "تبا لكم"، يهمس أحدهم في أذنك "إيوا غير توكل على الله وخوذ ليك شي كريدي من لابونك". أرجو أن تكون اقتنعتَ كما اقتنعتُ أنه لا صديق لك، وأنه لا مبادئ تنفعك بل لا مبادئ لكم فأعلن إفلاس أسهمك في بورصة القيم وابدأ حياتك. والسلام بلا توقيع فأنت تعرف المرسل.