وصفت فرق الأغلبية بمجلس النواب، خلال المناقشة العامة لمشروع قانون المالية لسنة 2024، بلجنة المالية والتنمية الاقتصادية، الخميس، مشروع قانون المالية ب"الثورة الاجتماعية الحقيقية"، مؤكدة أنه "ليس مشروعا عاديا"، لأنه يحمل في طياته إجراءات استثنائية وشجاعة وغير مسبوقة. وقال رئيس الفريق النيابي للتجمع الوطني للأحرار، محمد غيات، إن مشروع قانون المالية الحالي ليس مشروعا عاديا وليس إجراءات مالية وتدبيرية روتينية، بل هو خيار سياسي كبير في تاريخ الامة، لكونه يطبق حرفيا تَوْجيهات الملك في وضع الاسرة في محور كل السياسات العمومية. وأكد أن العنوانين الكبرى للاختيارات الاجتماعية الواضحة فيه، تعلن دون الكثير من الشرح أن كل المغاربة صار لهم نفس الحق في العيش الكريم في وطنهم، المتمثل في الحق في الصحة والحق في السكن اللائق، والحق في العمل الضامن للكرامة. ويحسب لهاته الحكومة، يضيف غيات، أنها "رفعت من وثيرة توطيد الدولة المغربية الحديثة التي تحمي المُعدم والفقير وتمنحه الحد الادنى من الكرامة، وفي المقابل توفر شروط التنافسية والمبادرة والابتكار والترقي الاجتماعي والاقتصادي". وسجل كذلك أن هذه الحكومة يحسب لها أنها "تضمن في صلب كل هذا استقرار الطبقة الوسطى باعتبارها الضمان الاستراتيجي للتماسك الاجتماعي"، مشيرا إلى أن فريقه سيحرص في التعديلات ألا تتضرر أي فئة من فئات المجتمع حفاظا على هذا التوازن. من جانبه، قال نور الدين مضيان رئيس الفريق الاستقلالي بمجلس النواب، إننا "نعيش لحظة تاريخية حاسمة وغير مسبوقة في طريق ترسيخ الدولة الاجتماعية كما أرادها الملك. دولة تحقق الانصاف لكل أبنائها، وتعتمد الكرامة شعارا لها". وأضاف مضيان أنه "بكل صدق فالإجراءات التي يحملها هذا المشروع في طياته استثنائية وشجاعة وغير مسبوقة، وتنقلنا اليوم من مرحلة التشخيص وتحديد الأولويات التي طالت عقودا من الزمن الى مرحلة الجرأة والتنفيذ والوفاء بالتعهدات". وسجل المتحدث، أن قانون المالية لهذه السنة مختلف عن القوانين السابق، لا من حيث العناوين والأهداف والمبادئ والأولويات، موضحا أن فيه تجديد والتزام حقيقي بتنزيل البرنامج الحكومي وتوجيهات الملك، مؤكدا أن قانون المالية لسنة 2024 "ثورة اجتماعية حقيقية بامتياز، لأنه انتقل من مرحلة التشخيص وتحديد الأولويات إلى مرحلة التنفيذ والتنزيل". وأبرز أن الحكومة التزمت بمجموعة من البرامج، وجاء مشروع قانون المالية ليجسدها ويحدد الأرقام المالية لتنزيل هذه الالتزامات، مشيرا إلى أن ورش الحماية الاجتماعية يشكل بالفعل ثورة اجتماعية حقيقية، من أجل تحقيق التوازن الاجتماعي المنشود، بما تتضمنه من برامج تستهدف الفئات الاجتماعية الاكثر هشاشة من خلال منظومة متناسقة من التدخلات العمومية بتكلفة مالية كبيرة وشجاعة وفي ظروف استثنائية. وعلى رأسها، يضيف مضيان، "الدعم الاجتماعي المباشر للأسر المستحقة والأكثر هشاشة والذي حدد له الملك 500 درهم كحد أدنى من خلال منظومة استهداف أكثر دمقرطة ويسرا وتنظيما مما يحقق النجاعة والاستهداف الامثل للفئات الاكثر استحقاقا". في السياق ذاته، قال أديب بنبراهيم الذي تلا كلمة فريق الأصالة والمعاصرة نيابة عن رئيس الفريق أحمد تويزي، أن "مشروع قانون المالية، ينخرط في مواصلة الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والمالية، وهكذا أعطى الأولوية القصوى لتنزيل البرنامج الملكي لإعادة البناء وتأهيل المناطق المتضررة من الزلزال". وأضاف بنبراهيم أنه "سواء تعلق الأمر بالشروع في صرف المساعدات المالية لفائدة الأسر، والدعم من أجل إعادة بناء المساكن أو ترميمها، أو فيما يتعلق بالتدابير الاستعجالية التي تهم تأهيل القطاعات المتضررة وخاصة التعليم والصحة والتجهيز والفلاحة". ونوه الفريق النيابي للأصالة والمعاصرة بحجم الجهد المالي والتدبيري الذي بدلته الحكومة خلال السنة المالية الجارية في شأن القطاعات الاجتماعية وتحسين القدرة الشرائية للمواطنين وتقليص الفوارق المجالية وهو ما يدعو بحسب المصدر ذاته، إلى الاطمئنان، وفي ذات الوقت إلى التنبيه والتوجيه. في الجانب الاقتصادي، أكد بنبراهيم على الدينامية الإيجابية للمجهود الاستثماري للدولة، حيث أبانت الحكومة على إرادة قوية في جعل الاستثمار العمومي دعامة أساسية، وقاطرة قوية للاقتصاد الوطني وللاستثمار الخاص ولسياسة خلق فرص الشغل، موضحا أن هذا المجهود سيعرف زيادة مهمة مقارنة مع السنة الجارية من 300 مليار حاليا إلى 345 مليار درهم يرسم السنة المالية المقبلة. وبدوره، قال رئيس الفريق الدستوري الديمقراطي الاجتماعي بمجلس النواب،الشاوي بلعسال، إن "مشروع القانون المالي لسنة 2024 عبر بوضوح عن التزام الحكومة بتحقيق مجموعة من الأهداف المتكاملة ساعية إلى التجاوب مع الإدارة الملكية من جهة ومعالجة أولويات المرحلة الراهنة". ويتجلى ذلك، بحسب بلعسال عبر تفعيل برنامج إعادة البناء والتأهيل العام للمنطقة المنكوبة بسبب الزلزال، ومواصلة إرساء الدولة الاجتماعية، ومواصلة تنزيل الإصلاحات الهيكلية، وتعزيز استدامة وتوازن المالية العمومية، مضيفا أن "هذه الأهداف الأربعة تجعل من مشروع قانون المالية لسنة 2024، قانونا ذو طابع اجتماعي وإصلاحي بإمتياز". وزاد قائلا: "نتمنى للحكومة وللمديرين على مختلف المستويات التوفيق في تحقيق هذه الأهداف ولنا كامل الثقة في رئيس الحكومة في الالتزام بالخط الاجتماعي الناظم لهذه الأهداف؛ مع بعض التحفظ في ما يخص صمود الفرضيات التي بني عليها هذا المشروع ومدى قدرة التحكم في ثباتها".