أطلقت وزارة العدل، صباح اليوم، بشراكة مع المعهد الدانماركي لمناهضة التعذيب، دليلا عمليا استرشاديا حول واجبات مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملات أو العقوبات القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. وأشارت وزارة العدل إلى أن هذا الدليل سيشكل مرجعا فيما يخص التزامات الدولة الرامية إلى مكافحة جميع أفعال التعذيب وأشكال المعاملات القاسية ومتابعة الفاعلين ومعاقبتهم، كما يرسم لمحة عامة ومفصلة للمعايير الدولية ذات الصلة والممارسات المثلى، بالإضافة إلى التعريف بالبنود العريضة للقوانين والممارسات الوطنية. ووفقا لهذا النهج، يتضمن كل محور من محاور هذا الدليل قسمين اثنين، أحدهما يتعرض للبعد الدولي، فيما يتناول الآخر البعد الوطني لمكافحة التعذيب والوقاية منه. ويتعرض هذا الكتاب، لطيف متنوع من المسائل، كتعريف التعذيب والتزامات الدولة والآليات الحالية الكفيلة بمكافحة التعذيب والمعاملات السيئة والتحقيق في أفعال التعذيب ومعاقبة الفاعلين، كما يستعرض هذا الدليل إشكاليات أخرى مقترنة بالموضوع، مثل ضمانات الحماية من الإخضاع للتعذيب أثناء سير مساطر تسليم المجرمين ومساطر الطعن المتاحة لضحايا هذا الفعل. ويذكر من ضمن المعايير الدولية المستعرضة في هذا الدليل، الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب وتفسيرها على ضوء المبادئ النظرية والقواعد الدولية ذات الصلة، بالإضافة إلى الاجتهادات الصادرة عن مؤسسات العدالة الدولية التابعة للأمم المتحدة المحدثة بموجب المعاهدات الدولية، من قبيل لجنة مناهضة التعذيب ومجلس حقوق الإنسان؛ وقواعد القانون غير الملزم (القانون اللين) كقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والقواعد الأخرى الدولية المتعارف على لين إلزاميتها مثل: قواعد الأممالمتحدة والممارسات والقواعد الفضلي المستوحاة من مؤسسات قضائية أخرى على شاكلة اجتهادات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان وتوصيات اللجنة الأوروبية لمنع التعذيب. وتسمح القواعد الوطنية المعروضة ضمن هذا الدليل بإعطاء نظرة شاملة حول المقتضيات التشريعية الوطنية ذات الصلة بمادة التعذيب والمعاملات القاسية، إلى جانب جزء من القضايا التي استوجبت اجتهادات قضائية في الموضوع من قبل المحاكم المغربية، وذلك من أجل تمكين القارئ من الإحاطة بهذه الإشكالية، حيث إنه غالبا ما ينظر للقواعد الوطنية من خلال القواعد الدولية المتصلة. إلى ذلك، أكدت الوزارة أن احترام الكرامة والسلامة الإنسانيتين يعد حقا من حقوق الإنسان الأساسية وإحدى القيم السامية التي تحرص المملكة المغربية على ضمانها، مضيفة أنه، في هذا الإطار، وصونا لهذا الحق الإنساني الأصيل، فإن القانون الدولي والدستور المغربي يقرآن الحظر التام للتعذيب وغيره من ضروب المعاملات أو العقوبات القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، تماشيا مع المبادئ العامة للقانون الدولي لحقوق الإنسان المنصوص عليها في وثيقة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في 10 دجنبر 1948. وذكر المصدر ذاته أن الحق في عدم التعرض للتعذيب هو حق أساسي تكفله المادة 5 من الإعلان الدولي لحقوق الإنسان، والتي تنص على أنه لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة، وهو ما مضت مجموعة من المواثيق الدولية في التنصيص عليه، خصوصا، العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملات أو العقوبات القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة التي صادقت عليها 173 دولة عضوا في الأممالمتحدة، من ضمنها المملكة المغربية وذلك بتاريخ 21 يونيو 1993 بالإضافة إلى البرتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب في 24 نونبر 2014. كما يضطلع المغرب، على الصعيد الدولي، بدور الريادة ضمن مضمار مناهضة التعذيب، حيث بادرت المملكة المغربية، إلى جانب كل من مملكة الدانمارك ودولة الشيلي وجمهورية غانا وكذا الجمهورية الإندونيسية، إلى إطلاق "مبادرة اتفاقية مناهضة التعذيب" المعروفة اختصارا ب"CDI" وهي مبادرة تجمع حكومات هذه الدول بهدف تقوية المؤسسات، وتعزيز السياسات والممارسات الكفيلة بتقليص أخطار التعرض للتعذيب والمعاملات المسيئة. أما على الصعيد الوطني، فإن المغرب يحرص على ضمان الاحترام التام لحظر التعذيب والالتزامات المرتبطة بهذا المبدأ تشريعا وممارسة.