ودعنا سنة كانت مليئة بالفواجع والأحداث التي غلب عليها طابع الحزن، بدأ بفاجعة الطفل ريان، وعدة كوارث ستبقى عالقة في حبل ذاكراتنا... كنا نأمل استقبال سنة 2023 بكل تفاؤل وطاقة إيجابية صوب عام يومه مجهول وغده غامض، افتتح المغاربة سنة 2023" بفضيحة "من العيار الثقيل، بطلها وزير العدل، العفوي والشجاع بتصريحاته الجريئة، عبد اللطيف وهبي، الذي برز اسم ابنه" المجتهد الحامل لإجازتين من خارج المغرب على حد تعبير أبيه "في امتحان الأهلية لارتداء الوزرة السوداء والالتحاق بمهنة المحاماة. كنا نطمح لسماع تصريحات السيد وزير العدل المحترم حول ما أثير من ضجة حول نتائج مباراة ولوج مهنة المحاماة، لكن وقع ما لم يكن في الحسبان، تحدث وزير العدل، فأكمل عبد اللطيف وهبي الحديث، فتربعت الأنا، وابني، والتبجح بالممتلكات المالية. في تحليل متواضع لمضامين التصريح لا يسعني إلا القول، أن السيد وهبي يحاول بطريقة أو بأخرى أن يخبرنا بأن كل من يتابع دراسته بالخارج تظل حظوظه وافرة في ولوج الوظائف العمومية بالمغرب، على عكس من تخرج من داخل المؤسسات التعليمية المغربية (دائما في إطار شرح مضامين كلام السيد الوزير)، هذا يجعلنا نفهم ونستخلص من كلامه أن مردودية التعليم في المغرب ضعيفة، وإذا أردت أن يكون ابنك متفوقا ويحصل في آخر مساره الدراسي على وظيفة شاغرة فابعثه إلى الجامعات في الخارج. كلام وهبي فيه ضرب لكل قيم وقدرات وكفاءات الجامعات المغربية، لكن لا يفوتني السيد الوزير أن أذكركم أن ابنك حصل على شهادتين من أرقى الجامعات في كندا، وجاء ليبحث عن عمل في المغرب، هذا إن دل على شيء فإنما يدل على ما جاء في المثل الشعبي المغربي (اللي مو فدار العرس، مغاديش يبات بلا عشا). هل تعلمون سيدي الوزير أنه بتصريحاتكم المستفزة هذه قد أشعلتم فتيل نيران داخل صفوف عموم طلبة القانون، الذين يعجون بكل الأمل في الحصول على وظيفة شاغرة تستجيب لمطالبهم واحتياجاتهم، لكن تصريحاتكم انطلقت في صفوف الطلبة كالنار في الهشيم، خصوصا من "رسب" منهم في امتحان ولوج مهنة المحاماة. فمن يقول:" ابني، والده غني دفع تكاليف دراسته في كندا "يجعلنا نتساءل: ما مصير ابن والده فقير، حالته المادية لا تسمح له بدفع تكاليف دراسة ابنه أو ابنته لمتابعة الدراسة خارج أرض الوطن؟ رجالات الدولة وأصحاب النفوذ هم أناس منا وليسوا من كوكب آخر، ونفس التركيبة المجتمعية هي التي ولدتنا جميعا، نحن نتشابه، تصريح وهبي مخيف جدا فكيف لرجل تكلف وكلف نفسه وأجتهد ليصل إلى هذا المنصب، أن يحمي العدل وأن يكون مراقبا للعدالة، وأن يتحدث بكل أريحية عن الفوارق الاجتماعية التي تعتبر من أكبر الإشكالات التي نعيش معها والتي نسعى جاهدين لمحاربتها. زادك الله من فضله، السيد وهبي، لكن التعالي وأنت مسؤول عن العدل هو خيانة للعدل ذاته... ومن منظور البعد النفسي للواقعة فالأشخاص المتبجحين بالسلطة وبالنفوذ أيا كان علو شأنهم أو بساطته فهو يعبر بالملموس عن نقص في تقدير الذات، فما يلبث هذا الشخص أن يحصل على النفوذ حتى يقوم بالتعالي على من هم أقل نفوذا منه، بكل وضوح الأمر يعني أن المتعالي بنفوذه يعاني خصاصا في بنيته النفسية، تجعله يعالجها بظلم الناس والتقليل منهم وهذه نماذج كثيرة، حدث ولا حرج بدأ من الجلسات العائلية إلى أروقة الوزارات. غالبيتنا ندين المحسوبية والزبونية لكن الكثير منا لا يمانع في الاستفادة منها، للأسف.