أعرف أن عبد اللطيف وهبي من السياسيين الذين لا يحسبون كلامهم ولا يعطون لأنفسهم فرصة –كما يجب أن يفعل أي سياسي- لفلترة الكلام قبل نُطقِه، فهو ممن يعملون بمقولة "طلقها تسرح !!" وينطبق عليهم المثل الدارج "أجي يا فم وقل !!". لكن تصريحه اليوم حول الشبهات التي تحوم حول امتحان المحاماة، خاصة حين أخبرنا أن ابنه له إجازتين حصل عليهما من الخارج لأن والده (أي هو) عندو الفلوس ولاباس عليه، في منتهى الخطورة.. إن مثل هذا الكلام لو صدر من فَمِ وزير في بيئة/ دولة أخرى لأرغم على الاستقالة إن لم يَدفع رئيسه في الحكومة بإقالته. وهذه بواعث الخطورة: أولا: التصريح اعتراف صريح من مسؤول حكومي بفشل المنظومة التعليمية. صحيح يمكن لوزير –لسبب من الأسباب- أن يختار لابنه تعليما خارج البلد، لكن يفترض أن لا يصل به الاستخفاف بهذا الفِعل حَدَّ الجهر بذلك أمام الملأ، لأن "وهبي الأب" الذي لا يثق في تعليم بلده انتهى لما أصبح "وهبي الوزير". وإذا كان وزير (وأُسَطِّر على وزير) لا يثق في تعليم بلده سواء كان عموميا أو خصوصيا، فكيف سَتُقنع الحكومة التي هو عضو فيها المغاربة بنجاح تعليم المغرب. القصة أشبه بوزيرة السياحة التي اختارت السياحة في تنزانيا وتقديم إشهار مجاني للقدرات السياحية لدولة أخرى بدل العمل على إشعاع السياحة في بلادها. ثانيا: التصريح تأكيد على أن التعليم في المغرب معمول للفقراء والمعوزين وليس لأبناء الأغنياء.. ثالثا: التصريح رسالة لأغنياء المملكة لإرسال أبنائهم للدراسة في الخارج واستثمار أموالهم في تعليم أبنائهم في كندا وأوروبا وغيرها (ملايين الدراهم تستفيد منها تلك الدول). رابعا: التصريح استكبار على المغاربة، زعما ولدي واعر عنده إجازتين ومن الطبيعي أن ينجح في المباراة، في حين يوجد آلاف المغاربة لديهم أكثر من إجازة وهي الدرجة الأولى من التعليم الجامعي، لكن لم يصلهم حقهم في التوظيف، بل يوجد المئات من الحاصلين على الدكتوراه (وهي أعلى شهادة في العالم وليس المغرب) لكن لم يجدوا وظيفة "مستورة"، والخوف أن يقتنع كل هؤلاء أن الوظيفة في بعض المهن محجوزة لمن لوالده الفلوس أو النفوذ. وأخيرا، تخيلوا للحظة أن وزير في حكومة كندا قال لوسائل الإعلام الكندية: ولدي يدرس في الخارج لأن بّاه عندو الفلوس !! نعم تخيلوا فقط ولا داعي لإسقاط خيالكم على المغرب.