احتضنت كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بتطوان، على مدار يومين، أيام الترافع الاكاديمي حول القضية الوطنية، أكد خلالها المشاركون على ضرورة النهوض بالترافع والبحث العلمي حول مغربية الصحراء. وشكلت هذه الندوة فرصة لتلاقي وتلاقح الأفكار والمبادرات الكفيلة بالرفع من حضور الجامعة المغربية والبحث العلمي الجامعي على صعيد الدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة المغربية. كما كانت هذه الندوة مناسبة للباحثين والمهتمين لمناقشة الإشكالات وطرح أطروحات جديدة حول الموضوع، من خلال المداخلات النوعية التي عرفتها أشغال الندوة في يوميها، ومن خلال فقرة ضيف الأيام الترافعية، لأحمد الخر، المعتقل السابق بسجون البوليساريو الذي قدم جردا كرونولوجيا لقضية الصحراء المغربية باعتباره شاهدا ومعايشا للقضية. وشهدت الفعاليات خمس جلسات علمية، إلى جانب الجلسة الافتتاحية، وجلسة الضيف أحمد الخر، الذي قدم شهادته بخصوص القضية الوطنية كما عاشها، مستحضرا معاناته في سجون الميليشيات. وناقش المتدخلون مقومات السياسة الخارجية للمغرب في علاقتها بالوحدة الترابية والتحول الذي عرفته منذ تولي الملك محمد السادس سدة الحكم، مع استعراض الخلفيات والرهانات الجيوسياسية والقواعد المؤطرة للدبلوماسية القنصلية التي اعتمدها المغرب والتحديات المطروحة أمام هذا الخيار. كما أبرز المشاركون في هذه الندوة علاقة الحكم الذاتي بمطلب تقرير المصير في الدساتير والتجارب المقارنة وإمكانية اعتماد الحكم الذاتي كحل للموضوع، مع تقديم مسار وحركية قضية الصحراء المغربية من مشكل معبر الكركرات إلى اتباع وتبني سياسة القنصليات والأهداف الكامنة وراء ذلك، والشروط التاريخية والسياسية والاتجاه نحو الاحتكام إلى تفعيل وتنزيل مبادرة الحكم الذاتي. وشهد اليوم الثاني ثلاث جلسات علمية، تخللتها 13 مداخلة، ركز خلالها المشاركون على استحضار الدينامية الدولية ودورها في دعم مقترح الحكم الذاتي والتي يترجمها الإجماع الدولي المنتصر للمبادرة المغربية وكذا ممارسات الدول التي تجسدها تجميد الاعتراف أو سحبه، إضافة للتأكيد على موجبات الترافع المدني وضرورة الوعي والانتقال إلى نمط جديد للترافع قائم على الموضوعية والعلمية والتخصص. وأبرز الخبراء على دور مبادرة الحكم الذاتي كرافعة لتعزيز الديمقراطية الترابية بالمغرب وكتجربة رائدة في المنطقة لحل نزاع الصحراء المغربية، مستعرضين دور المجتمع المدني في الترافع عن القضية الوطنية. ودعا المتدخلون إلى التصدي للطرح المعارض للمملكة المغربية والمواقف والادعاءات المغرضة ضد مصالح المغرب ووحدته الترابية وأهمية المحاججة الأكاديمية حول قضية الوحدة الترابية للمملكة في المحافل الدولية. وخلص المشاركون إلى وجود مقومات تؤطر السياسة الخارجية المغربية في عهد الملك محمد السادس، تتمثل أساسا في اعتماد مبدأ التعاون وسياسة رابح رابح، والانفتاح على شركاء جدد، مع اعتماد مبدأ الواقعية وتبادل المنافع وورقة التاريخ والتعدد الهوياتي. كما أكدوا على اعتماد مقاربات جديدة في معالجة ملف الجهرة ومحاربة الارهاب، واعتماد الديبلوماسية الدينية، مع اتخاذ مواقف جريئة في علاقته في القضايا الدولية، مبرزين القوة الجديدة للمغرب في معالجة الأزمات والترافع بشأن القضايا الكونية والإنسانية الموحدة. واعتبر المتدخلون أن هناك خلفيات قانونية وسياسية واقتصادية ومجموعة من المداخل يمكن اعتمادها لحل الملف، منها المدخل التنموي والاقتصادي والديني والثقافي وأيضا مدخل الديبلوماسية الموازية ومنها انخراط الجامعة الى جانب الفاعلين الرسميين، وأيضا المدخل الجيوسياسي والاستراتيجي الذي يتطلب وضع الملف في إطاره الاقليمي. كما أشار المشاركون إلى أن القاسم المشترك بين جل قرارات الأممالمتحدة يتمثل في الدعوة إلى حل سلمي متوافق عليه بين جميع أطراف النزاع، مشيدين بقدرة الديبلوماسية المغربية على التعاطي الإيجابي والبناء والمرن مع الأممالمتحدة، والتدبير الأممي والمستمر الموسوم بالدعوة السلمية لتدبير النزاع، تعامل معه المغرب، على حد تعبيرهم، بنفس عميق وهو ما شكل تجربة جديدة. وطالب المتدخلون بتعزيز دور الإعلام الوطني على المستوى الدولي للتعريف بجوهر القضية والصراع والأطراف، مع تقوية الشركات والتعاون المدني في المجال وإنشاء تحالفات جمعوية لتبادل الخبرات والتجارب الترافعية، إضافة لاعتماد المغرب لاستراتيجية جديدة قوامها الديبلوماسية الاقتصادية والسياسية مع ربط مبادرة الحكم الذاتي بسياق دولي وبمصالح الدول الكبرى. واعتبر الخبراء المشاركون أن حل قضية الصحراء المغربية لن يكون في أروقة الأممالمتحدة بل واقع السياسة الدولية والنظام الاقليمي هو ما يمكن أن يكون حلا عن طريق فرض الحكم الذاتي كوسيلة لا مناص منها. كما شدد كل المتدخلين على ضرورة خلق خلية ترافعية منبثقة من الجامعة في سبيل الدفع نحو ترافع علمي اكاديمي رزين، مع تنظيم ورشات وحلقات للنقاش في مجال الترافع حول القضية الوطنية، وتشبيك الجهود الأكاديمية والعلمية والجامعية في هذا المجال.