استعرض الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج عبد الله بوصوف، أمام مجموعة من السفراء الأجانب المعتمدين بالمغرب، الأربعاء بالرباط، مجموعة من الإشكاليات التي ما تزال تواجه المهاجرين المغاربة بالخارج، خاصة أوروبا، على رأسها مسألة صعود اليمين المتطرف، داعيا إلى العالم إلى الوقوف بشكل موحّد من أجل إيقاف تمدد هذا التيار الفكري الذي يشجع العنصرية وكراهية الأجانب. جاء ذلك في "الملتقى الدبلوماسي" الذي تنظمه "المؤسسة الدبلوماسية"، بحضور عشرات من السفراء الأجانب المعتمدين بالمغرب، حيث تطرق بوصوف إلى طبيعة عمل مجلس الجالية المغربية بالخارج كمؤسسة استشارية تعنى بقضايا المغاربة المقيمين بالخارج. وأبرز بوصوف، خلال هذا اللقاء، الاهتمام الملكي بالجالية المغربية وأهمية الخطاب الملكي لذكرى ثورة الملك والشعب والذي ركز على مطالب وانتظارات الجالية المغربية بالخارج والتحولات التي شهدتها الهجرة المغربية، وهو ما يقتضي، بحسب بوصوف، ضرورة تجويد السياسات العمومية المستقبلية الموجهة للجالية المغربية بالخارج. ودعا المتحدث ذاته إلى ضرورة الأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات الثقافية والسياسية والاجتماعية للمغاربة في كل بلد على حدة، باعتبار الجالية المغربية تتميز بطابعها المعولم بتواجدها في أكثر من خمسين دولة، وبالتالي فإن التوجه إليها هو في حذ ذاته مخاطبة للعالم من نافذة الهجرة. كما تطرق بوصوف في مداخلته إلى الوضع السياسي التي تعرفه العديد من الدول الأوروبية والمتمثل في الصعود المتواصل لتيارات اليمين المتطرف في الدول الأوروبية التي تعرف حضورا قويا للجالية المغربية بالخارج، معتبرا في هذا الصدد أن "حضور اليمين المتطرف يدعو إلى القلق ويقتضي أن يقف العالم بشكل موحد للتحالف من أجل إيقاف تمدد هذا التيار الفكري الذي يشجع العنصرية وكراهية الأجانب ويرفض التسامح والعيش المشترك؛ مع التذكير بفضل الهجرة في بناء المجتمعات الأوروبية والمساهمة في ثرائها وفي الاستقرار السياسي والاقتصادي في بلدان الإقامة، وكذا في تقدم وتنمية بلدان الأصل". من جهة أخرى وخلال إجابته على تساؤل بخصوص انتشار الفكر اليميني المتطرف في فرنسا، اعتبر عبد الله بوصوف أن المجتمع الفرنسي ما زال يضم فئات واسعة تؤمن بالتعددية وتحترم حق الأخر في الوجود وهو ما يجسده على سبيل المثال مسجد ستراسبورغ الذي يعد واحدا من أكبر مساجد أوروبا ويمثل جنبا لجنب مع كاتدرائية المدينة والمعبد اليهودي هناك، وهذا أمر يدعو إلى الأمل، على الرغم من انتشار الفكر اليميني الإقصائي الذي يجد انتشارا واسعا في وسائل الإعلام خصوصيا السمعية البصرية منها. وأكد في هذا الإطار على أن دفاع اليمين المتطرف عن العنصرية ومطالبة الأجانب بالتخلي عن ممارساتهم الثقافية مع أنها متناغمة مع القوانين والمبادئ الفرنسية يعكس غياب مشروع سياسي عند هذا التيار السياسي يمكنه من الإجابة عن الازمات الكبرى التي تمر منها البلاد مما يجعله يستهدف الحلقة الأضعف وهم المهاجرين، من اجل نشر التخويف وكسب أصوات الناخبين بداعي حماية الهوية الوطنية، إلا أن الجاليات الأجنبية استطاعت أن تتصدى لليمين المتطرف في الانتخابات الرئاسية الفرنسية بتصويتها المكثف للرئيس الحالي ولمرشح اليسار، وأنقذت بالتالي ديمقراطية فرنسا. وبعد تحليل أهمية الهجرة والمهاجرين بالنسبة لمستقبل الدول بصفة عامة سواء في المجال العلمي او الرياضي أو الاقتصادي، اعتبر الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج أن المهاجرين يشكلون في المرحلة الحالية القوة الذكية التي تعمل على إيجاد حلول للإشكاليات الديمغرافية التي تمر منها معظم ابلدان المتقدمة، وهم بالتالي عنصر توازن في العالم وللإنسانية، إلا أنه حذر من خطورة هيمنة استقطاب دول الشمال للكفاءات في إطار الهجرة الاتتقائية عبر تقديم مختلف التسهيلات والإغراءات مما يفرغ دول الجنوب من كفاءاتها ويهدد مستقبلها.