إن المتتبع لتطور الخطاب الأمازيغي منذ تشكل أولى تمظهراته التنظيمية التي حملت على عاتقها الدفاع عن المضمون الاحتجاجي والمطلبي للقضية الأمازيغي، سيلاحظ أنه فعلا خطاب معادي لفرنسا وخاصة لرعاة مصالحها في المغرب. والحقيقة أن هذه الحركة أصرت منذ البداية على التشبث بهذا العداء المبدئي لكل ما له علاقة بفرنسا، متجاوزة بذلك الظروف السياسية والدبلوماسية الآنية التي تؤدي تارة إلى تقارب مغربي-فرنسي وتارة أخرى إلى العكس. وقد بدا واضحا أن الموقف العدائي للحركة الأمازيغية اتجاه فرنسا تحركه دوافع موضوعية عميقة ترتبط بمعطيات تاريخية وأخرى هوياتية وثقافية، الأمر الذي جعل الخطاب الأمازيغي دائما يُرجع الجزء الأكبر من مشاكل الحدود والتاريخ واللغة والاقتصاد إلى الموروث الفرنسي. الواقع أن الموقف الأمازيغي المعادي لفرنسا يقوم على مجموعة من الأسباب، نذكر منها: 1- إضافة إلى جريمة استغلال العباد والبلاد خلال فترة الحماية، فقد تسبب فرنسا في اقتطاع أراضي مغربية لصالح الجيران وخلفت بسبب ذلك مشاكل حدودية لا نزال نعاني تبعاتها إلى اليوم، وعليه فإن جزءا من هذا العداء لا يمكن فهمه إلى بالنظر إلى استيعاب قيمة الارتباط الوثيق للإنسان الأمازيغي بأرضه. 2- خلقت فرنسا قبيل حصول المغرب على استقلاله واقعا ثقافيا واقتصاديا انعكس سلبا على المجتمع المغربي، وقد ظل المغرب يعاني من هذا الإرث لعقود من الزمن، وتمثل القضية الأمازيغية أحد أهم ضحايا هذا الواقع المصطنع. ثالثا: خلفت فرنسا وراءها نخبة ثقافية واقتصادية ظلت دائما ترعى المصالح الفرنسية داخل المغرب، وهي النخبة التي جعلت دائما من النفوذ الفرنسي في المغرب همها الأول والأخير. وقد نتج عن هذا الفعل بروز واقع طفيلي في الإعلام والاقتصاد والمجال الحقوقي يجعل من الاستقواء بالخراح وخاصة الفرنسي أحد ركائزه الأساسية. رابعا: عمدت فرنسا منذ أن دخل ملف الصحراء المغربية إلى المجال الأممي إلى نهج سياسة الابتزاز ضد المغرب، إما بشكل مباشر أو عبر وكلاء في الداخل أو في المحيط الإقليمي. خامسا: تسببت فرنسا بفعل عداءها التاريخي للأمازيغية في إحداث شرخ هوياتي داخل المغرب، وتمثل سياسة التعريب القسري التي نهجها رعاة المصالح الفرنسية في المغرب منذ ستينيات القرن الماضي أحد أوجه الجريمة الثقافية الفرنسية في حق الهوية الأمازيغية للدولة المغربية.